إيران ترهن ضمنا حل أزمة اليمن باستئناف العلاقات مع السعودية

مصدران مطلعان على المفاوضات الإيرانية السعودية يؤكدان أن طهران اقترحت على الرياض إعادة فتح القنصليتين في مدينتي مشهد الإيرانية وجدة السعودية كدليل على حسن النية. وقال أحدهما إن المحادثات حققت تقدما بشكل عام، إلا أنها تميل للتعثر عندما يتعلق الأمر بالتفاصيل.
المفاوضات السعودية الإيرانية تحقق تقدما ملموسا
أزمة اليمن في قلب المحادثات الإيرانية السعودية

طهران - طلبت غيران من السعودية إعادة فتح القنصليات وإعادة العلاقات الدبلوماسية، ليكون هذا بمثابة مقدمة لإنهاء الحرب في اليمن، وفق ما ذكرت وكالة بلومبرغ الأميركية نقلا عن مصدرين قالت غنهما مطلعان على الملف.

وأوضحت أنه بينما تدفع القوى العالمية لإجراء مفاوضات لإعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني، أجرت الجمهورية الإسلامية في هدوء أربع جولات من المناقشات بهدف تخفيف توترات مستمرة منذ سنوات مع السعودية. وجرى التركيز على اليمن، حيث يدعم البلدان الطرفين المتحاربين.

ويفسر هذا إلى حدّ ما ورد في تصريحات وزير الخارجية الإيراني مؤخرا حين اشار إلى أن المفاوضات حققت تقدما ملموسا وأن ثمة أشياء سيعلن عنها في الوقت المناسب ويبدو أنه كان يقصد أن هناك اتجاه عملي لإعادة تنشيط البعثات الدبلوماسية بعد سنوات من القطيعة.

وقد أعلن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان من بيروت يوم الجمعة الماضي أن المحادثات الجارية بين بلاده والمملكة العربية السعودية تسير على "الطريق الصحيح"، لكن استئناف العلاقات بين القوتين الإقليميتين يحتاج إلى مزيد من الوقت.

وأجرى مسؤولون سعوديون وإيرانيون عدة جولات من المباحثات خلال الأشهر الماضية في العاصمة العراقية، كشف عنها للمرة الأولى في أبريل/نيسان الماضي خلال فترة رئاسة الرئيس السابق المعتدل حسن روحاني. واستُؤنفت المحادثات إثر وصول إبراهيم رئيسي إلى سدة الرئاسة.

وتعدّ إيران والسعودية القوتان الإقليميتان الأبرز، لكنهما على طرفي نقيض في معظم الملفّات الإقليمية ويتبادلان الاتهامات بشأن زعزعة الاستقرار في المنطقة.

وقال عبداللهيان في مؤتمر صحافي في مقر سفارة بلاده، في ختام زيارة إلى بيروت التي وصلها فجر الخميس الماضي آتيا من موسكو، إن الحوار السعودي الإيراني يسير على "الطريق الصحيح. وقد تمكنّا من التوصل إلى نتائج واتفاقات، لكننا ما زلنا بحاجة إلى محادثات إضافية".

وتابع "سيعلن الطرفان عن تطبيق هذه الاتفاقات في الوقت المناسب. ونحن نرحّب بمواصلة المحادثات وبالنتائج التي تفيد الطرفين والمنطقة".

وعقدت الجولة الأخيرة من المحادثات السعودية الإيرانية في 21 سبتمبر/ايلول، ومن المتوقع عقد جولة أخرى قريبا.

ولفتت بلومبرغ إلى أن السعودية، التي تخوض مواجهات مع الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن منذ عام 2015 ، تسعى إلى إنهاء صراع عرّض منشآتها النفطية لهجمات الطائرات المسيرة والصواريخ، مضيفة أن المملكة تريد اتفاقا بشأن اليمن كخطوة أولية نحو إعادة بناء العلاقات الدبلوماسية، المقطوعة منذ عام 2016 ، إلا أن إيران تصر على أن يأتي التطبيع أولا.

وقال المصدران إن إيران اقترحت إعادة فتح القنصليتين في مدينتي مشهد الإيرانية وجدة السعودية كدليل على حسن النية. وقال أحدهما إن المحادثات حققت تقدما بشكل عام، إلا أنها تميل للتعثر عندما يتعلق الأمر بالتفاصيل.

وكان المتحدت باسم الخارجية الإيرانية صرح مؤخرا بأن المفاوضات مع السعودية وصلت "لمرحلة جدية أكثر".

وقال المتحدث باسم الخارجية سعيد خطيب زاده إن "الحوار مع السعودية يمكن أن يؤدي إلى ضمان الأمن والاستقرار في المنطقة".

وتابع "بحثنا مع السعودية عددا من الملفات المشتركة والملفات الإقليمية وبينها الشأن اليمني"، مستطردا "ظروف الشعب اليمني مأساوية ومفاوضاتنا مع السعودية تتركز على استتباب الأمن في هذا البلد".

وكان ولي العهد السعودي قد دعا في المقابلة ذاتها، الحوثيين إلى الجلوس على طاولة المفاوضات "للوصول إلى حلول تكفل حقوق الجميع في اليمن وتضمن أيضا مصالح دول المنطقة".

وقال وقتها "العرض المقدم من السعودية هو وقف إطلاق النار والدعم الاقتصادي وكل ما يريدونه مقابل وقف إطلاق النار من قبل الحوثي والجلوس على طاولة المفاوضات"، مضيفا "لا شك أن الحوثي له علاقة قوية بالنظام الإيراني لكن أيضا الحوثي في الأخير يمني ولديه نزعة العروبة واليمنية الذي أتمنى أن تحيا فيه بشكل أكبر ليراعي مصالحه ومصالح وطنه قبل أي شيء آخر".

والعلاقات الرسمية بين إيران والسعودية مقطوعة منذ الثالث من يناير/كانون الثاني 2016 على خلفية اقتحام سفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مدينة مشهد، شمالي إيران، وإضرام النار فيهما من قبل إيرانيين محتجين على إعدام رجل الدين السعودي الشيعي نمر باقر النمر، مع 46 مدانا بالانتماء لـ"تنظيمات إرهابية".