إيران تسجل أعلى حصيلة وفيات بعد رفع قيود كورونا

السلطات الصحية الإيرانية تعلن تسجيل 162 وفاة جديدة بكوفيد-19، في وقت تكابد فيه طهران للسيطرة على وباء يتسع انتشاره واحتواء الأزمات المتناثرة التي تشهدها البلاد على عدة مستويات.
إيران محاصرة بين تفشي كورونا والعقوبات الأميركية

طهران - أعلنت السلطات الصحية الإيرانية الاثنين تسجيل 162 وفاة جديدة بفيروس كورونا المستجد، وهو أعلى عدد وفيات يسجل منذ بدء تفشي وباء كوفيد-19 في البلاد في فبراير/شباط، ليرتفع إجمالي الوفيات إلى 10670.

وتأتي حصيلة الوفيات الجديدة الاثنين عقب إطلاق السلطات الإيرانية صيحة فزع بسبب تفشي الفيروس من جديد عقب رفع قيود الحظر واستئناف الأنشطة الاقتصادية، فيما تعاني إيران أزمة اقتصادية آخذة في التفاقم.

وسجل أعلى عدد وفيات قبل ذلك مطلع أبريل/نيسان، حين أحصيت 158 وفاة خلال يوم واحد في بلد هو الأكثر تضرراً من الوباء في الشرق الأوسط.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الصحة سيما سادات لاري في مؤتمر صحافي، إن "هذا الارتفاع (في عدد الوفيات) هو انعكاس في الواقع لأدائنا الشامل، إن كان على مستوى إعادة فتح (الاقتصاد) أو على مستوى احترام المعايير الصحية".

ووفقا لبيانات وكالة "بلومبرج" للأنباء فإن هذا العدد من الوفيات هو الأكبر الذي يتم تسجيله بكورونا في يوم واحد في البلاد.

وصرحت سادات لاري بأن إجمالي عدد الإصابات تجاوز 225 ألفا، بعد تسجيل 2536 حالة إصابة جديدة. كما أعلنت لاري أن عدد المتعافين تجاوز 186 ألفا، وفقا لما نقلته عنها وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إرنا).

هذا الارتفاع في عدد الوفيات هو انعكاس في الواقع لأدائنا الشامل إن كان على مستوى إعادة فتح الاقتصاد أو على مستوى احترام المعايير الصحية

وتواجه إيران في الأشهر الأخيرة أزمة اقتصادية خانقة آخذة في التفاقم بسبب استمرار انتشار فيروس كورونا الذي ألقى بتداعيات وخيمة زادت في معاناة الاقتصاد الإيراني الذي يئن منذ سنوات تحت وطأة العقوبات الأميركية.

وتكابد إيران للسيطرة على وباء يتسع انتشاره تزامنا مع رفع اضطراري للقيود واستئناف الأنشطة التجارية لتجاوز انهيار اقتصادي غير مسبوق منذ فرضت واشنطن عقوبات قاسية على طهران.

والأحد أشار الرئيس الإيراني حسن روحاني الأحد إلى أن بلاده تشهد أصعب عام يمر عليها بسبب العقوبات الأميركية التي تواكبت مع جائحة كوفيد-19.

وفاقمت أزمة فيروس كورونا المستجد من المشكلات الاقتصادية التي زادت حدتها بالفعل منذ أن قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب في عام 2018 الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم مع إيران وأعاد فرض العقوبات عليها.

وسبب الأزمة الاقتصادية وتراجعت العملة الإيرانية الاثنين الماضي إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق مقابل الدولار الأميريكي.

وقال روحاني أمس الأحد في خطاب بثه التلفزيون، "إنه العام الأكثر صعوبة بسبب الضغط الاقتصادي من العدو والجائحة"، مضيفا "الضغط الاقتصادي الذي بدأ في 2018 تزايد واليوم يشكل أشد ضغط على بلدنا العزيز".

موجة ثانية من كورونا في إيران تفاقم الضغوط المتتالية على طهران
موجة ثانية من كورونا في إيران تفاقم الضغوط المتتالية على طهران

بدوره حذر المرشد الأعلى في إيران آية الله علي  خامنئي السبت من أن المشاكل الاقتصادية في البلاد يمكن أن تزداد سوءا في حال تفشي فيروس كورونا بشكل واسع، معتبرا أن الزخم السابق لاحتوائه قد "تضاءل".

وقال خامنئي "من الصائب القول إنه يجب القيام بشيء لمنع مشاكل اقتصادية ناجمة عن فيروس كورونا". وأضاف "لكن في حالة الإهمال والانتشار الكبير للمرض، فإن المشاكل الاقتصادية ستتفاقم أيضا". وكان يتحدث خلال لقاء مع مسؤولين في القضاء، بحسب ما أعلن موقعه الرسمي على الانترنت.

وحذر مسؤولون كبار من قبل مرارا من أن القيود قد تفرض مجددا إذا لم يتم الالتزام بقواعد مثل التباعد الاجتماعي للحد من تزايد عدد حالات العدوى.

ويأتي ارتفاع إصابات كورونا في إيران وسط انتقادات لاذعة طالت الحكومة الإيرانية بسبب تسرعها في رفع إجراءات الحجر الصحي واستئناف الأنشطة الاقتصادية، متجاهلة تحذيرات منظمة الصحة العالمية من رفع سابق لأوانه لقيود كورونا وسط عجزها عن السيطرة عن الوباء.

لكن إيران اضطرت تحت ضغوط الأزمة الاقتصادية الخانقة، إلى رفع القيود واستئناف عمل وحدات الإنتاج والأنشطة التجارية، على الرغم من النصائح التي قدمها أخصائيو الصحة من أن ذلك يساهم في انتقال عدوى الفيروس بشكل أوسع لاسيما وأن المرض يسجل يوميا مئات الإصابات وعشرات الوفيات بشكل متواتر.

وتسجل إيران بصفة يومية وعلى مدى نحو أسبوعين مال لا يقل عن مئة وفاة منذ رفع الحظر، وهي زيادة قال المسؤولون إنها ترجع إلى عدم الالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي وقلة استخدام الكمامات.

وفي ظل استمرار انتشار فيروس كورنا قال مساعد وزير الصحة الإيراني إيرج حريرجي قبل أيام،  إن حصيلة الوفيات بسبب كورونا أكبر من عدد القتلى في الحرب العراقية الإيرانية.

ويبدو أن إيران ملزمة بالتعايش مع فيروس كورونا لأشهر أخرى وفق التوقعات، لتجاوز الأزمة الاقتصادية في بلد يعجز عن توفير احتياجات مواطنيه حال بقائهم في منازلهم.

وتقع إيران بين مطرقة العقوبات الأميركية التي سببت لطهران متاعب اقتصادية حادة وسندان الفيروس الذي عمق تلك الأزمة وشل الحركة الإنتاجية في وقت تكابد فيه الحكومة الإيرانية من أجل إيجاد حلول لتجاوز معضلاتها الاقتصادية المتناثرة.