إيران تسعى للتوصل إلى اتفاق نووي قبل نفاد صبر ترامب

طهران تجري مباحثات مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا بشأن برنامجها النووي، بينما ألمح ترامب إلى عمل عسكري ضد إيران في حال لم تتفاعل مع مقترحه.

طهران - أجرت إيران في تركيا اليوم الجمعة مباحثات مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا بشأن برنامجها النووي، تطرقت خلالها إلى المفاوضات الجارية مع الولايات المتحدة التي حضّ رئيسها دونالد ترامب طهران على الإسراع في اتخاذ قرار بشأن مقترح أميركي.

وأتى لقاء إسطنبول بعد تحذير وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من تبعات "لا رجعة فيها" إذا تحركت القوى الأوروبية لإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة، والتي رفعت بموجب الاتفاق المبرم مع القوى الكبرى عام 2015.

وأكد نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب أبادي أن طهران عرضت خلال لقاء الجمعة، مسار المفاوضات النووية التي تجريها مع الولايات المتحدة منذ أبريل/نيسان بوساطة عمان.

وكتب على إكس "تبادلنا وجهات النظر وبحثنا آخر ما وصلت إليه المباحثات غير المباشرة بشأن (الملف) النووي ورفع العقوبات"، مضيفا "سنلتقي مجددا لاستكمال المحادثات في حال لزم الأمر".

وأجرت واشنطن وطهران أربع جولات مباحثات بوساطة من عمان، سعيا الى اتفاق جديد بشأن برنامج طهران النووي، يحل بدلا من اتفاق دولي أبرم قبل عقد.

وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، إلى جانب الصين وروسيا والولايات المتحدة، هي أطراف اتفاق 2015 الذي يعرف رسميا باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة". وأتاح الاتفاق الذي أبرم بعد أعوام من المفاوضات الشاقة، تقييد أنشطة طهران النووية وضمان سلمية برنامجها، لقاء رفع عقوبات اقتصادية مفروضة عليها.

وفي العام 2018، سحب ترامب خلال ولايته الأولى، بلاده بشكل أحادي من اتفاق العام 2015، وأعاد فرض عقوبات على الجمهورية الإسلامية، بما في ذلك إجراءات ثانوية تستهدف الدول التي تشتري النفط الإيراني، ضمن سياسة "ضغوط قصوى" اتبعها في حق طهران.

من جهتها، بقيت إيران ملتزمة بكامل بنود الاتفاق لمدة عام بعد الانسحاب الأميركي منه، قبل أن تتراجع تدريجا عن التزاماتها الأساسية بموجبه.

وأكد ترامب اليوم الجمعة ما سبق أن أوردته تقارير صحافية، لجهة أن واشنطن قدمت لإيران مقترحا لاتفاق بين الطرفين.

وقال الرئيس الأميركي في ختام جولته الخليجية من أبوظبي إن على إيران الإسراع في اتخاذ قرار بشأنه وإلا "سيحدث أمر سيئ".

وكان موقع 'أكسيوس' الأميركي أفاد الخميس بأن إدارة ترامب قدمت لإيران خلال الجولة الرابعة "مقترحا مكتوبا"، إلا أن عراقجي نفى ذلك وقال على هامش زيارة لمعرض طهران الدولي للكتاب "بشأن المحادثات النووية لم نتلق حتى الآن أفكارا مكتوبة من أميركا".

وأضاف "لكننا على استعداد لأن نبني ثقة وأن نكون شفافين بشأن برنامجنا النووي في مقابل رفع العقوبات".

وتدرس القوى الأوروبية الثلاث ما إذا كانت ستفعّل آلية "العودة السريعة" أو "الزناد"، وهي جزء من اتفاق 2015، تتيح إعادة فرض عقوبات مجلس الأمن الدولي على إيران في حال انتهاكها الاتفاق. وتنتهي المهلة لتفعيل هذه الآلية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وحذّر عراقجي من أن ذلك قد يؤدي إلى "أزمة انتشار نووي عالمية تمس أوروبا بشكل مباشر"، مؤكدا في مقال نشرته مجلة "لو بوان" الفرنسية، أن إيران "مستعدة لفتح فصل جديد" مع الغرب.

وأتى اجتماع الجمعة بعد أقل من أسبوع من جولة من المحادثات بين إيران والولايات المتحدة والتي وصفتها طهران بأنها "صعبة ولكن مفيدة"، فيما وصفها مسؤول أميركي بأنها كانت "مشجّعة".

وأكد غريب أبادي عقب اجتماع الجمعة أن "إيران والدول الأوروبية الثلاث مصممة على الإبقاء على الدبلوماسية واستخدامها بالشكل الأمثل".

كما بحث وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الملف الايراني في لقاء مع مستشارين في الشؤون الدبلوماسية والأمنية من فرنسا وبريطانيا وألمانيا.

وأوضح عراقجي سابقا أن المباحثات مع الأميركيين والأوروبيين تمضي في مسارين منفصلين. وأكدت الخارجية الصينية اليوم الجمعة أن بكين "ملتزمة الدفع نحو تسوية سياسية ودبلوماسية" للملف النووي الإيراني.

وكان ترامب أكد من قطر الخميس أن الولايات المتحدة "تقترب" من إبرام اتفاق مع إيران، ما من شأنه أن يجنّب عملا عسكريا سبق للرئيس الأميركي أن لمّح إليه في حال فشل التفاوض.

وكانت المحادثات بين إيران والولايات المتحدة الأعلى مستوى منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي في 2018. وتجرى هذه المباحثات بوساطة من عمان التي سبق لها أن استضافت مفاوضات سرية بين الطرفين، أفضت في نهاية المطاف الى الاتفاق الدولي لعام 2015.

ومنذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني أعاد ترامب اعتماد "الضغوط القصوى" ولوّح بقصف إيران في حال عدم التوصل الى اتفاق معها.

وقال إنه قدم للقيادة الإيرانية "غصن زيتون"، مشيرا إلى أن هذا العرض لن يبقى قائما إلى الأبد. كذلك، هدد بتشديد "الضغوط القصوى" الى حد خفض صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر إذا فشلت المحادثات.

ولطالما اتهمت دول غربية، بما فيها الولايات المتحدة، إيران بالسعي إلى تطوير أسلحة نووية، وهو ما تنفيه طهران التي تؤكد حقها في التكنولوجيا النووية وأن برنامجها سلمي حصرا.

وحدّد اتفاق 2015 سقف تخصيب اليورانيوم عند 3.67 في المئة. إلا أن الجمهورية الإسلامية تقوم حاليا بتخصيب على مستوى 60 في المئة، غير البعيد عن نسبة 90 بالمئة المطلوبة للاستخدام العسكري.

وتشدّد طهران على أن حقها في مواصلة تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية "غير قابل للتفاوض"، لكنها تقول إنها مستعدة لقبول قيود موقتة على نسبة التخصيب ومستواه.

والأربعاء، قال رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي "إن أهداف إيران في مجال التكنولوجيا النووية شفافة وسلمية تماما".