إيران تغرق المنطقة بأسراب من الطائرات المسيرة

إيران تلهي العالم بقصة السلاح النووي بينما تطوّر أسرابا من الطائرات دون طيار يبلغ مداها آلاف الكيلومترات الطائرات المسيرة وتعتبر من أهم الأدوات التي تستخدمها والجماعات الموالية لها في الصراعات في الشرق الأوسط.
الطائرات الإيرانية المسيرة ترفع منسوب التوتر في المنطقة
إيران تدرب ميليشياتها في العراق واليمن على تشغيل طائرات دون طيار متقدمة
تهديدات المُسيرات أصبح سمة من سمات الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة

واشنطن – في السنوات الأخيرة تغير كثيرا شكل الحروب في منطقة الشرق الأوسط بدخول الطائرات المسيرة إلى ساحات الصراعات. لم تعد هذه الأسلحة الصغيرة والدقيقة حكرا على الجيوش والدول بل صار من السهل الحصول عليها. واليوم تملك أغلب الجماعات المسلحة في الشرق الأوسط، وبالأخص المدعومة من إيران، ترسانة من هذه الطائرات.

ويذهب مراقبون إلى القول إن الخطر الإيراني اليوم لم يعد يتمثل في الصواريخ البالستية والسلاح النووي الذي صار لعبة إيرانية مكشوفة للتغطية على أعمال وأهداف وسياسات أخرى. الخطر الإيراني اليوم يكمن في تلك الطائرات المسيرة الصغيرة التي تمدّ بها إيران الجماعات الموالية لها لاستهداف منشآت حيوية و تعطيل إمدادات الطاقة العالمية من خلال نشر أسراب الطائرات المسيرة على مسافات طويلة بدقة.

ويقول الباحث الأميركي سيث ج.فرانتزمان، في كتابه الصادر حديثا حروب الطائرات بدون طيار: الرواد وآلات القتل والذكاء الاصطناعي والمعركة من أجل المستقبل"، إن "المعركة انتقلت في أعقاب إسقاط إيران لطائرة الحارس في عام 2011 من عالم كان فيه قوة عظمى واحدة تحتكر صناعة الطائرات دون طيار إلى العديد من صناع الطائرات دون طيار. أدى هذا إلى تغيير المعادلة بشكل جذري والتهديدات التي يمكن أن تشكلها الطائرات المسيرة".

ويضيف ج.فرانتزمان "كان هدف إيران هو إنشاء جيش مستقل للطائرات دون طيار كما فعلت إسرائيل في الثمانينات. وهكذا لن تسقط إيران فقط الطائرة الشبح ولكن أيضا جلوبال هوك الأمريكية في عام 2019، وستقوم إيران بإرسال طائرات دون طيار إلى اليمن".

ومنذ شهر ونصف شهر اتهمت إسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا إيران بتنفيذ هجوم بطائرة مُسيرة استهدف الناقلة ميرسرستريت قبالة خليج عمان. وأدى الهجوم إلى مقتل اثنين من طاقم الناقلة.

ويوم السبت الماضي، حذر وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس من أن إيران "تقوم بتدريب ميليشيات من العراق واليمن ولبنان وسوريا على استخدام طائرات مُسيرة متقدمة في قاعدة تدعى كاشان".

ويقول الدكتور سيث فرانتسمان، المدير التنفيذي لمركز الشرق الأوسط للتقارير والتحليلات السياسية، في تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنتريست" الأمريكية، إن غانتس صرح بهذا التحذير في المؤتمر السنوي للمعهد الدولي لمكافحة الإرهاب بجامعة ريخمان، حيث قال إن "إيران تطور إرهابا بالوكالة تنفذه جيوش تساعدها في تحقيق أهدافها الاقتصادية والسياسية والعسكرية".

درون
الطائرة دون طيار سيمرغ صمّمتها إيران على طراز الدرون الأميركية آر كيو 170

ويشير إلى أن "الطائرات المُسيرة التي يبلغ مداها آلاف الكيلومترات تعتبر إحدى أهم الأدوات التي تستخدمها إيران ومن يعملون لحسابها. وهناك مئات من هذه الطائرات منتشرة في اليمن والعراق وسوريا ولبنان. كما تحاول إيران نقل التقنية المطلوبة لإنتاج الطائرات المسيرة إلى غزة".

ويضيف فرانتسمان أنه في مايو الماضي استخدمت عناصر من حماس طائرات إيرانية مُسيرة جديدة لأول مرة. وقد أسقطتها إسرائيل باستخدام نظام الدفاع الجوي القبة الحديدية. كما اخترقت طائرة مُسيرة إيرانية قادمة من سوريا المجال الجوي الإسرائيلي في مايو وأسقطتها إسرائيل أيضا.

ويرى فرانتسمان أن تهديدات المُسيرات أصبح سمة من سمات الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة. وغالبا ما يستخدم الحوثيون الذين تدعمهم إيران في اليمن المُسيرات ضد المملكة العربية السعودية. واستخدمت إيران المُسيرات لمهاجمة منشأتي نفط في محافظة بقيق السعودية في سبتمبر عام 2019.

علاوة على ذلك، تستهدف المليشيات الموالية لإيران في العراق القوات الأمريكية من حين لآخر باستخدام المُسيرات. وكان الهجوم بطائرة مُسيرة على مطار أربيل الدولي بشمالي العراق، والقريب من قنصلية الولايات المتحدة في المدينة في 11 سبتمبر الجاري هو أحدث تلك الهجمات.

وتصعد إسرائيل الآن من الحديث عن خطر المُسيرات الإيرانية. ويأتي ذلك بعد سنوات من دق إسرائيل ناقوس الخطر بالنسبة للذخائر الإيرانية الموجهة الدقيقة. وفي ذلك الوقت، كانت إسرائيل تشعر بالقلق من أن إيران تقوم بنقل هذه الذخائر من العراق إلى حزب الله في لبنان عبر سوريا أو حتى أنها تسعى لقيام حزب الله بإنتاجها محليا.

ويوضح فرانتسمان أن الذخائر الدقيقة، بما في ذلك المُسيرات، يمكنها استهداف البنية التحتية الإستراتيجية، مما يعني أنها تمثل تهديدا أكبر؛ فيما يقول ج.فرانتزمان إن المشكلة التي تواجه الولايات المتحدة وإسرائيل والدول الأخرى تكمن في غياب دفاع سهل ضد الطائرات المسيرة الإيرانية.

ويفسر ذلك لافتا إلى أن واشنطن أمضت وقتا طويلا في تعبئة الطائرات دون طيار بالتكنولوجيا وتطويرها لاصطياد رؤوس الإرهابيين وتجاهلت أهمية محاربة الدول التي لديها طائرات مسيرة.

ويذهب بول غيرمونبريز مؤلف كتاب «الطائرات المسيرة تقلع» في ذات السياق قائلا «إذا كنا نتحدث عن الطائرات المسيرة للحوثيين، فإنها أجهزة تحاكي الصواريخ المسيرة وصولا إلى نقطة محددة بواسطة جي بي إس، وليس ثمة وسائل حاليا لاعتراضها».

بدأت في إيران تطوير طائرات دون طيار منذ الثمانينات من القرن الماضي. وبدأ العمل جزئيا لأن إيران كانت تخضع لحظر أسلحة مختلف، وقواتها الجوية أصبحت قديمة. واحتفظت إيران لنفسها بهذه الطائرات إلى أن وجدت الفرصة لتطير بها في المنطقة مع الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

أطلق التركيز على البرنامج النووي الإيراني يد طهران وإذا كان "منعها" من تطوير السلاح النووي فإنه فتح لها المجال لتطوير أسلحة أخرى وجعلها تخوض حرب عصابات مدعومة بالميليشيات على الأرض وبالطائرات المسيرة في السماء.