إيران تفخخ مسار فيينا بمطالب جديدة

كل المؤشرات تجمع على أن إيران تناور مفاوضيها فهي ترخي وتشد الحبل في الوقت ذاته بما يبقيها في المفاوضات دون أن تمنحهم فرصة إحراز تقدم يحيي اتفاق العام 2015.
بوريل يحذّر من أن هامش إحياء الاتفاق حول النووي الإيراني بدأ يضيق
إيران تناور مفاوضيها الغربيين بينما تسرع وتيرة تخصيب اليورانيوم
تعثر إحياء الاتفاق النووي يعني عمليا الرجوع للخلف

واشنطن - تواجه جهود كسر جمود محادثات فيينا النووية غير المباشرة بين واشنطن وطهران مطبات جديدة قد تعيدها إلى المربع الأول أو قد تنسفها من أساسها بسبب رفع إيران سقف مطالبها لإحياء الاتفاق النووي للعام 2015.

وقد تدفع المطالب الإيرانية الجديدة إلى تأجيل المناقشات إلى أجل غير مسمى وهو أمر يبدو مطلوب إيرانيا لكسب الوقت وتسريع تخصيب اليورانيوم بحيث يصعب بعدها دفع طهران للتراجع عن انتهاكاتها النووية.

وتجمع كل المؤشرات على أن إيران تناور مفاوضيها فهي ترخي وتشد الحبل في الوقت ذاته بما يبقيها في المفاوضات دون أن تمنحهم فرصة إحراز تقدم يحيي اتفاق العام 2015.

وقال المبعوث الأميركي لمحادثات إحياء الاتفاق النووي مع إيران اليوم الثلاثاء إن طهران أضافت مطالب لا تتعلق بالمناقشات حول برنامجها النووي في أحدث مفاوضات كما أحرزت تقدما مقلقا في برنامجها لتخصيب اليورانيوم.

وأوضح المبعوث الأميركي الخاص لشؤون إيران روبرت مالي أنه كان هناك اقتراح مطروح على الطاولة بشأن جدول زمني تعود على أساسه طهران إلى الامتثال الكامل للاتفاق النووي وترفع بموجبه واشنطن العقوبات عن طهران.

وقال إن إيران أضافت مطالب جديدة، من بينها مطالب في أحدث مفاوضات جرت الأسبوع الماضي في الدوحة والتي انتهت دون إحداث أي اختراق مهم في جمود الأزمة.

وأضاف في مقابلة مع الإذاعة الوطنية "أضافوا مطالب أعتقد أن أي شخص ينظر إليها سيرى أن لا علاقة لها بالاتفاق النووي، أمور كانت تريدها في الماضي".

وتشمل هذه المطالب ما قالت الولايات المتحدة والأوروبيون إنه لا يمكن أن تكون ضمن مفاوضات إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع القوى العالمية.

وقال مالي "النقاش المطلوب حقيقة الآن ليس بيننا وبين إيران، وإن كنا مستعدين لذلك. بل بين إيران ونفسها، فهي تحتاج للتوصل إلى قرار بشأن ما إذا كانت مستعدة الآن للعودة إلى الامتثال للاتفاق".

وحذّر مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الثلاثاء من أن هامش التوصل لتوافق يعيد إيران إلى الامتثال للاتفاق النووي مع الولايات المتحدة بدأ يضيق.

وجاء في تغريدة أطلقها بوريل "إذا أردنا إنجاز اتفاق، هناك قرارات يجب اتّخاذها الآن. هذا الأمر لا يزال ممكنا، لكن الهامش السياسي لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة قد يضيق قريبا".

وحاليا يناهز مستوى تخصيب اليورانيوم في الجمهورية الإسلامية المعدلات التي تتيح انتاج قنبلة نووية.

وتعثّرت الجهود التي يبذلها بوريل ونائبه أنريكي مورا لإعادة إيران والولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي، خصوصا بسبب مطلب إيراني مستجد بشطب الحرس الثوري من قائمة المنظمات التي تصنّفها واشنطن إرهابية.

وفي تغريدته قال بوريل إنه أجرى مباحثات جديدة مع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان استكمالا لمحادثات أجراها الرجلان خلال زيارة الأول لطهران في 25 يونيو/حزيران.

والثلاثاء أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لدى استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد يائير لبيد عن أسفه لمواصلة طهران "رفض" إبرام التفاهم المطروح لإعادة إحياء الاتفاق حول برنامجها النووي وتعهّد مواصلة "كافة الجهود" لإقناعها بالتصرف بـ"عقلانية" وإعادة النظر بمطالبها الإضافية والقبول بالاتفاق الرامي إلى إحياء "خطة العمل الشاملة المشتركة".

ولا يبدو في الأفق ما يشير إلى أن إيران مستعدة لتقديم تنازلات ففي الوقت الذي يفترض فيه أن يتركز النقاش حول آليات تنفيذ صيغة اتفاق توصل لها الطرفان بوساطة الشركاء في الاتفاق النووي، يدفع الإيرانيون مفاوضيهم الغربيين إلى متاهة جديدة.

وكشفت المحادثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن التي استضافتها الدوحة مؤخرا وانتهت دون تحقيق أي تقدم يذكر، محدودية فرص إنعاش الاتفاق النووي للعام 2015 على الرغم من أن إيران تقول إن المحادثات كانت ايجابية وأنها ستستمر في المباحثات من أجل التوصل إلى تسوية.

وقال مسؤول أميركي كبير الأسبوع الماضي، إن فرص إحياء الاتفاق النووي الإيراني باتت أسوأ بعد المفاوضات غير المباشرة التي جرت بين الولايات المتحدة وإيران في الدوحة.

وتابع المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته "احتمالات التوصل إلى اتفاق بعد مفاوضات الدوحة أسوأ مما كانت عليه قبلها وستزداد سوءا يوما بعد يوم"، مضيفا "يمكنك أن تصف مفاوضات الدوحة في أحسن الأحوال بأنها متعثرة وفي أسوأ الأحوال بأنها رجوع إلى الخلف. ولكن في هذه المرحلة، فإن التعثر يعني عمليا الرجوع للخلف".

وتأتي هذه التصريحات بينما اتهمت ثلاث دول أوروبية هي فرنسا وألمانيا وبريطانيا وهي من شركاء خطة العمل المشتركة (الاتفاق النووي)، الأسبوع الماضي إيران بإهدار فرصة دبلوماسية أخرى لإحياء الاتفاق بعد أن قدمت في مفاوضات الدوحة مطالب جديدة وغير واقعية.

ودعت الدول الثلاث الموقعة على الاتفاق النووي الإيراني للعام 2015، طهران إلى وقف التصعيد و"معاودة التعاون الكامل" مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية غداة فشل المحادثات متعددة الأطراف في الدوحة، مشيرة إلى أن طهران ترفض مرة أخرى اغتنام الفرصة الدبلوماسية وتواصل تصعيدها النووي.

وقال السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة نيكولا دو ريفيير لوسائل الإعلام إلى جانب ممثلي بريطانيا وألمانيا "ندعو إيران إلى وقف تصعيدها النووي والعودة إلى التعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والموافقة على العرض المطروح على الطاولة بدون تأخير بما يعود بالمنفعة على شعب وأمة إيران".

وأضاف في بيان مشترك أن "برنامج إيران النووي بات الآن أكثر تقدما من أي وقت مضى"، في حين من المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا عاديا حول الملف النووي الإيراني.