إيران تقابل جهود السلام في الشرق الأوسط بالتصعيد

المسؤولون الايرانيون يكررون تهديدات سابقة ضد المنامة وابوظبي ما يشير الى حالة العزلة الايرانية في ظل تغير الخارطة الجيوسياسية بالمنطقة.
مخاوف من ان تمر ايران من التهديد اللفظي الى تنفيذ هجمات
الفصائل الموالية لايران في المنطقة ستتكفل على الارجح بتنفيذ عمليات عسكرية
طهران متخوفة من تحالف اقليمي قوي يتصدى لتهديداتها

طهران - كررت إيران تهديداتها ضد كل من الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين وكل دولة خليجية مقبلة على عقد اتفاق سلام مع الشرق الأوسط في خطاب بدا انه أكثر عزلة من السابق.
وحمّل الرئيس الإيراني حسن روحاني الأربعاء الإمارات العربية المتحدة والبحرين "عواقب" توقيع اتفاقي تطبيع مع إسرائيل برعاية الولايات المتحدة، محذرا من تأثير ذلك على الأمن في المنطقة.
وسبق للجمهورية الإسلامية ان انتقدت بشكل حاد تطبيع الدولتين المجاورتين لها للعلاقات مع عدوتها الأبرز في المنطقة، ووصفت الخطوة بـ"حماقة إستراتيجية" تصل حد "الخيانة".
لكن الحديث عن خيانة هو في اطار الخطابات الإيرانية المكررة لاستغلال القضية الفلسطينية ودغدغة مشاعر الفصائل والأذرع الموالية لكن هذا الخطاب بدو انه فشل الى حد الان في استمالة الشعوب العربية وبدا وحيدا في ظل توجه العرب نحو سلام ينهي عقودا من النزاعات العبثية.
وقال روحاني أمام الاجتماع الأسبوعي لحكومته، إن إسرائيل "ترتكب المزيد من الجرائم في فلسطين كل يوم".
ومن دون ان يسمي البلدين المعنيين، سأل الرئيس الإيراني "كيف يمكنكم مد أيديكم الى إسرائيل، ومن ثم تريدون منحها قواعد في المنطقة؟ كل العواقب الوخيمة التي ستنتج عن ذلك ستقع على عاتقكم، أنتم الذين تقومون بأمر غير قانوني ضد أمن المنطقة".
وأتت هذه التصريحات غداة توقيع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو اتفاقين تاريخيين مع الإمارات والبحرين تحت رعاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض.
وقال ترامب خلال حفل التوقيع الثلاثاء "بعد عقود من الانقسامات والنزاعات، نشهد فجرا لشرق أوسط جديد".
والإمارات والبحرين هما أول من يوقع اتفاقا كهذا مع إسرائيل منذ اتفاقيات السلام بين مصر والأردن في 1979 و1994. وتشترك الإمارات والبحرين مع إسرائيل في العداء تجاه إيران التي تعد أيضًا العدو اللدود لواشنطن في الشرق الأوسط.

ايران اقامت مناورات عسكرية في مضيق هرمز في رسالة خطيرة لدول الخليج
ايران اقامت مناورات عسكرية في مضيق هرمز في رسالة خطيرة لدول الخليج

وسبق لإيران ان انتقدت بحدة ما قامت به اتفاقيتي السلام ما دفع بالسلطات الاماراتية للرد بكل قوة بان القرار سيادي ولا يستهدف اية دولة.
وتتخوف إيران من تعاون امني واستخباراتي بين الدول الخليجية وبين اسرائيل لكبج حماح اذرعها في المنطقة حيث يقول المسؤولون الإسرائيليون ان اتفاق السلام مع الدول الخليجية سيؤدي الى تطوير العلاقات الأمنية والاستخباراتية بينهم لمواجهة تهديدات إيران.
وبعد الإعلان عن اتفاق المنامة وتل أبيب على تطبيع علاقتهما أيضا، اعتبرت الخارجية الإيرانية أن "حكام البحرين سيصبحون من الآن وصاعدا شركاء في جرائم النظام الصهيوني باعتباره التهديد الدائم لأمن المنطقة وكل العالم الإسلامي".
وهذا التصريح تهديد واضح للدول الخليجية وهو خطير ويعتقد مراقبون انه تمهيد لتطورات عسكرية من الجانب الايراني.
ولا يستبعد ان تستغل ايران الحوثيين في اليمن والفصائل المسلحة في العراق وسوريا وغزة  وجماعة حزب الله اللبنانية لتنفيذ هجمات وهو ما حصل بالفعل في الهجمات الصاروخية لحماس بالتزامن مع توقيع اتفاقيتي السلام.

كما نفذت طهران مؤخرا مناورات عسكرية في مضيق هرمز وصفت بانها رسالة للدول الخليجية لكن ترامب رد على تلك التهديدات بتصريحات قوية محذرا الايرانيين من مغبة التورط في هجمات في المنطقة.
وفي المقابل التهديدات الايرانية ليست مرتبطة اساسا بالاعلان عن اتفاقيات السلام مع اسرائيل فحملة الوعيد والتهديد ليست بالجديدة وهي متواصلة سواء عقدت الدول الخليجية تلك الاتفاقيات او لم تعقدها فطهران حرضت حلفائها في المنطقة مرارا على شن هجمات زعزعت امن الخليج بل وقامت بتهديد الممرات المائية باستهداف ناقلات النفط.
ورأت الخارجية الايرانية أن الاتفاق "عمل مخزٍ من قبل البحرين يضحّي بالقضية الفلسطينية وعقود من النضال والمعاناة للشعب الفلسطيني، على مذبح الانتخابات الرئاسية الأميركية" المقررة في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر، وحيث يسعى ترامب للفوز بولاية ثانية في مواجهة منافسه المرشح الديموقراطي جو بايدن.
وتتشارك البحرين وإسرائيل نفس العداء تجاه إيران التي تتّهمها المنامة بدعم المعارضين الشيعة وبالسعي إلى التسبّب باضطرابات أمنية على أراضيها، وهو ما نفته طهران مراراً. وشهدت البحرين اضطرابات متقطّعة منذ حركة احتجاج اندلعت في شباط/فبراير 2011 في خضمّ أحداث "الربيع العربي".

مخاوف من ان تستغل ايران الطائفة الشيعية لتهديد استقرار البحرين على غرار احداث 2011
مخاوف من ان تستغل ايران الطائفة الشيعية لتهديد استقرار البحرين على غرار احداث 2011

واستهداف طهران للمنامة في خطابات المسؤولين الايرانيين مثير للريبة حيث تورطت الحكومة الايرانية في تهديد امن البحرين اثر التحركات المريبة التي قامت بها مجموعات شيعية موالية لطهران في 2011 وصلت الى حد استعمال العنف ضد قوات الامن البحرينية.
واعتقلت وحاكمت السلطات البحرينية عشرات من مواطنيها الشيعة في قضايا الارهاب وسحبت منهم الجنسية على خلفية تلك الأحداث.
ولا يستبعد ان تلجا إيران لنفس السياسات عبر نشر القلاقل والاضطرابات داخل البحرين واستغلال الطائفة الشيعية لاحداث بلبلة وتنفيذ هجمات دامية على غرار ما حصل في 2011.
لكن رد الفعل الإيراني الحالي هو في الحقيقة يعكس مخاوفها من تغير الخارطة الجيوسياسية في المنطقة حيث تحولت إيران واذرعها إضافة الى تركيا وأنصارها الى عدو حقيقي للشعوب الخليجية.
ويعدّ تطبيع العلاقات بين إسرائيل وحلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، بمن فيهم دول الخليج، هدفاً رئيساً ضمن الاستراتيجيّة الإقليميّة لترامب من أجل احتواء طهران.
وتشهد العلاقات بين واشنطن وطهران توترا منذ انتصار الثورة الإسلامية في العام 1979، وقُطِعت بالكامل بينهما بعد عام من ذلك.
وتزايدت حدة التوتر مع قرار ترامب الانسحاب بشكل أحادي في أيار/مايو 2018، من الاتفاق الموقع بين طهران والدول الكبرى حول البرنامج النووي الإيراني في 2015.