إيران تكابد للسيطرة على وباء يفتك بالعشرات يوميا

طهران تخوض 'حربا شاملة' ضد كوفيد-19 في ظل استمرار تسجيل أعداد وفيات يومية لا تقل عن المئة على مدى أسابيع، حيث توفي في الـ24 الأخيرة 415 مريضا كحصيلة قياسية جديدة.
طوابير مصابي كورونا في إيران تنتظر على أعتاب المستشفيات شغور أسرة

طهران - أعلنت إيران الأربعاء أنها في "حرب شاملة" ضد فيروس كورونا المستجد، مع تسجيل أكثر دول الشرق الأوسط تأثرا بكوفيد-19، حصيلة قياسية جديدة للوفيات اليومية، وسط نسق تصاعدي للإصابات يلقي بثقله على قطاع صحي يعاني من آثار العقوبات الأميركية.

وخلال أكثر من ثمانية أشهر مضت منذ كشفها رسميا أولى حالات المرض، شهدت إيران التي يقطنها أكثر من 80 مليون نسمة وتفرض عليها الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية قاسية، مراحل تفشٍّ عدة لكوفيد-19، تعد أشدها تلك المسجلة اعتبارا من سبتمبر/أيلول.

ولا تشكّل إيران استثناء لتزايد أرقام كوفيد-19 في العالم، وهو ما اضطّر دولا عدة لإعادة فرض إجراءات إغلاق وقيود مشددة، رغم أنها لا تزال دون مستوى الاتساع الشامل الذي شهدته فترة مارس/آذار وأبريل/نيسان.

وخلال مداخلتها التلفزيونية اليومية أعلنت المتحدثة باسم وزارة الصحة الإيرانية سيما سادات لاري، بتأثر واضح وتهدج في صوتها، وفاة 415 شخصا في الساعات الأربع والعشرين الماضية.

وأضافت "أيها المواطنون الأعزاء كما ترون عدد الوفيات اليومية جراء كوفيد-19 في البلاد تخطى 400. هذا الرقم هو نتيجة زيادة غير مسبوقة في الإصابات وحالات دخول المستشفيات في الأسابيع الماضية".

وتابعت "نحن الآن في حرب شاملة ضد الفيروس الشرط الأساسي لتخطي هذا المرض والتحدي الوطني والعالمي، هو أن نرى تغييرا في قناعات وتصرفات كل فرد من الناس والسلطات".

وهي المرة الأولى تتخطى فيها إيران عتبة 400 وفاة يومية، واليوم الثاني تواليا الذي تعلن فيه حصيلة قياسية.

ومعها بلغ العدد الإجمالي للوفيات 33714. وسجّل إجمالي الإصابات 558648 مع 6824 في الساعات الأخيرة.

وكان أبرز المصابين الجدد رئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف، لينضم الى مسؤولين سبق أن أصيبوا بكوفيد-19.

وأعلن قاليباف عبر حسابه على تويتر "بعد إصابة أحد زملائي بفيروس كورونا خضعت للفحص وأتت نتيجته إيجابية بدأت الحجر الصحي، وإن شاء الله سأتابع القيام بواجباتي".

كورونا استنفد الأسِرّة بمستشفيات إيران
كورونا استنفد الأسِرّة بمستشفيات إيران

إنهاك في المستشفيات

يفرض تزايد حالات الإصابة بكوفيد-19، صعوبات إضافية على نظام العناية الصحية في إيران، والذي يعاني كقطاعات أخرى، من الآثار السلبية للعقوبات القاسية التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ انسحاب واشنطن الأحادي من الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني عام 2018.

ونقلت صحيفة 'همشري' في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول عن نائب وزير الصحة إيرج حريرجي قوله، إن "مستشفياتنا تقارب سعتها القصوى حاليا. يوميا يتوجب على عدد من المصابين بالفيروس انتظار شغور أسرّة في المستشفى".

وتابع "إضافة الى ذلك، يجب الأخذ في الاعتبار أن كل قوانا منهكة جسديا وذهنيا نظرا للعمل لأكثر من سبعة أشهر ورؤية هذا الكمّ من الموت"، محذّرا من استهلاك الأجهزة الطبية التي قد يصعب استبدالها بسبب العقوبات.

وفي ظل الواقع الراهن، لفت السبت حضور المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، الاجتماع الأسبوعي للهيئة الوطنية لمكافحة كوفيد-19، في لقاء نادر يجمعه بمسؤولين محليين منذ أشهر.

وشدد خامنئي على وجوب القيام "بكل ما يلزم" في مواجهة كوفيد-19، مؤكدا أن "المبدأ والأولوية في اتخاذ القرار هما صحة الناس"، وضرورة "اتّخاذ القرارات الحكوميّة الحاسمة".

وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني قد حذّر هذا الشهر من أن البلاد تواجه "موجة أكبر من هذا الفيروس، وعلينا التصدي لها".

وظهر كوفيد-19 رسميا للمرة الأولى في إيران في 19 فبراير /شباط، مع الإعلان عن وفاة مسنَّين في مدينة قم.

وواجهت طهران في بداية الأزمة الصحية اتهامات بالتستّر على الأرقام الفعلية، لكن السلطات أكدت مرارا اعتماد "الشفافية" في مقاربة الوضع.

وأعلن حريرجي عبر التلفزيون الرسمي هذا الشهر، أن الوفيات المرتبطة بالفيروس قد تكون أعلى من الأرقام الرسمية بسبب معايير منظمة الصحة العالمية في الربط بين كوفيد-19 وحالات الوفاة.

وعلى عكس العديد من دول العالم لم تعمد الجمهورية الإسلامية إلى فرض إجراءات إغلاق شاملة. وقد اتخذت إجراءات وقيود في مارس/آذار، لكن رفعتها تدريجيا اعتبارا من الشهر التالي، لتحريك العجلة الاقتصادية المنهكة بفعل العقوبات الأميركية.