إيران تلعب ورقة مكافحة تهريب المخدرات لابتزاز أوروبا

كما استخدم أردوغان ورقة اللاجئين لابتزاز أوروبا ماليا وسياسيا، طهران تستنسخ التجربة من بوابة مكافحة تهريب المخدرات لإثناء الأوروبيين عن الاصطفاف مع واشنطن في الضغوط على إيران.

إيران تهدد ضمنا بإغراق أوروبا بأطنان من المخدرات
إيران تعتبر مركز عبور رئيسي لتهريب المخدرات إلى أوروبا
طهران توظف سياسيا الجريمة المنظمة للضغط على الأوروبيين
إيران ساعدت حركة الشباب الصومالية في تهريب الفحم لتمويل ماكينة الإرهاب

طهران - أعلنت الشرطة الإيرانية اليوم الخميس ضبط 8.8 أطنان من المواد المخدّرة التي كانت في طريقها إلى أوروبا، مؤكدة الكشف عن إحدى أكبر شبكات التهريب، في رسالة مضمونة الوصول للشركاء الأوروبيين الموقعين على الاتفاق النووي والذين أدانوا بالإجماع على هامش الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة، الهجوم الإيراني على منشأتين لأرامكو.

كما دعوا في بيان مشترك طهران للقبول بفكرة التفاوض على اتفاق نووي جديد، في تناغم مع الدعوات الأميركية.

وتهدد إيران مرارا الدول الأوروبية بأنها قد تخفّض جهودها في مكافحة تهريب المخدّرات ما لم يبذل الأوروبيون جهودا إضافية لتخفيف وطأة العقوبات الأميركية على الاقتصاد الإيراني.

ويُرجح أن إعلان طهران عن إحباط تهريب أطنان من المخدرات لأوروبا وتفكيك أكبر شبكة تهريب يحمل في طيّاته تهديدا ضمنيا للدول الأوروبية بأن إيران قادرة على إغراقها بالمخدرات.

ولطهران سوابق في توظيف الجريمة المنظمة لأغراض سياسية وللضغط على الأوروبيين تماما كما فعل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حين ضغط على الاتحاد الأوروبي بورقة اللاجئين وهدد بإطلاق طوفان من المهاجرين ليبتز الأوروبيين ماليا وسياسيا.

ومن ضمن الجرائم التي ارتكبتها إيران تلك المتعلقة بقضية تصدير شحنات كبيرة من الفحم الصومالي تعود إيراداتها لحركة الشباب المتطرفة.

وبحسب تقرير صادر عن الأمم المتحدة في أكتوبر/تشرين الأول 2018 فإن حركة الشباب (الفرع الصومالي للقاعدة) تقوم ببيع كميات من الفحم المنتج في الصومال إلى الخارج من خلال إرساله عبر طهران إلى ميناءين إيرانيين باستخدام شهادات منشأ مزورة في خرق للحظر الدولي.

إيران هددت مرارا الدول الأوروبية بأنها قد تخفّض جهودها في مكافحة تهريب المخدّرات ما لم يبذل الأوروبيون جهودا إضافية لتخفيف وطأة العقوبات الأميركية على الاقتصاد الإيراني

وجاء في التقرير الأممي حينها أن تهريب الفحم "يستند إلى شهادات منشأ مزورة تحمل علامة القمر وساحل العاج وغانا" وأنه يتم بعد ذلك وضع علامة "إنتاج إيران" على الحمولات قبل إرسالها إلى وجهاتها.

وفي قضية الحال، فإن طهران لا تدخر جهدا في لعب ورقة المخدرات كورقة مساومة لابتزاز الأوروبيين في خضم التوتر الإيراني الأميركي والضغوط القصوى التي يفرضها الرئيس الأميركي على إيران لجرّها إلى تفاوض حول اتفاق جديد يشمل قيودا أشد على برنامجيها النووي والصاروخي.

وذكر التلفزيون الرسمي الإيراني من مدينة أرومية القريبة من الحدود مع تركيا في شمال غرب البلاد أن "هذه الشحنة الكبرى من المخدرات التي كانت مخبأة داخل صهريج للوقود ووصلت عبر الحدود الشرقية لإيران، كان من المفترض أن يتم تنزيلها ومن ثم تهريبها إلى دول أوروبية".

وقال نائب قائد الشرطة الإيرانية أيوب سليماني إن الحمولة المضبوطة عبارة عن 3.5 أطنان من المورفين و5.3 أطنان من الأفيون، معلنا توقيف تسعة مشتبه بهم كان بحوزتهم 20 كيلوغراما من الهيروين و130 سلاحا ناريا.

إيران تعتبر نقطة عبور رئيسية للافيون الأفغاني ومختلف أنواع المخدرات
إيران تعتبر نقطة عبور رئيسية للافيون الأفغاني ومختلف أنواع المخدرات

وتُعتبر أفغانستان أكبر منتج للأفيون في العالم مع نحو 90 بالمئة من الإنتاج العالمي لهذه المادة المخدّرة والمستخرجة من نبتة الخشخاش المستخدمة أيضا في صناعة الهيروين والمورفين، فيما تُعَد إيران طريقا رئيسيا لتهريب الأفيون المنتج في أفغانستان والمعدّة لدخول أوروبا وأميركا.

وتقول السلطات الإيرانية إنها تضبط سنويا مئات الأطنان من المواد المخدّرة المحظورة وتقوم بإتلافها، إلا أنه لا يوجد ما يمنع في توظيف مثل هذه القضايا في ابتزاز أوروبا المتوجسة من الجريمة المنظمة العابرة للحدود وخاصة منها تلك المتعلقة بتجارة المخدرات والتي تدخل مكافحتها ضمن أولويات الأمن القومي الأوروبي.

وبحسب التقديرات الأخيرة للأمم المتحدة فإن ما ضبطته إيران في العام 2017 يوازي ما نسبته 91 بالمئة من المضبوطات العالمية من مادة الأفيون و20 بالمئة من مضبوطات الهيروين (630 طنا) والمورفين (39 طنا).

وكانت واشنطن قد انسحبت بشكل أحادي في مايو/أيار الماضي من الاتفاق النووي المبرم في عام 2015 بين طهران والدول الكبرى وأعادت فرض عقوبات على قطاعات أساسية في الجمهورية الإسلامية مثل النفط والمصارف.

وأورد التلفزيون الرسمي أنه "على الرغم من الضغط الدولي والعقوبات الاقتصادية، لا تزال إيران حصنا عالميا في مواجهة تهريب المخدرات"، وهي دعاية ما انفكت إيران تطلقها في مواجهة انتقادات دولية لتقصيرها في مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود.

وتريد طهران من خلال إعلانها تفكيك أكبر شبكة لتهريب المخدرات الموجهة لأوروبا، أن توهم العالم بأنها تكافح الجريمة المنظمة رغم ما تتعرض له من ضغوط دولية.