إيران تميل أكثر للتشدد مع مشاركة العسكر في سباق الرئاسة

البرلمان الإيراني يصادق على تعديل القانون الانتخابي بما يتيح للشخصيات العسكرية ومن مصلحة تشخيص النظام خوض سباق الرئاسة 2021 في خطوة كابد الاصلاحيون لمنعها.
التقوى والإيمان بمبادئ الثورة شرط للترشح للرئاسة في إيران
أكثر من شخصية عسكرية تعتزم الترشح لانتخابات الرئاسة
النظام الإيراني يتوجس من مقاطعة واسعة في الاقتراع الرئاسي
المحافظون يحشدون ويحتشدون لاسترجاع الرئاسة بعد أن فقدوها منذ 2013
روحاني يميل لدعم علي لاريجاني كشخصية مستقلة غير عسكرية

طهران - رفض البرلمان الإيراني الذي يهيمن عليه المحافظون اليوم الأحد مقترحا يمنع ترشح كبار ضباط الجيش والمسؤولين العسكريين (بعضهم في مناصب ادارية بوزارة الدفاع) للانتخابات الرئاسية كما صوّت لصالح تعديلات على القانون الانتخابي تمنح أعضاء مصلحة تشخيص النظام وأعضاء المجلس الأعلى للأمن القومي حق الترشح للرئاسية.

ومن المقرر أن تجري الانتخابات الرئاسية في 18 يونيو/حزيران، بينما تشير التغييرات الراديكالية في مشهد سياسي وانتخابي شديد الاضطراب والتعقيد إلى أن بوصلة إيران بدأت تميل أكثر للتشدد وتصدير الخطاب الثوري في ظرف دولي شديد الحساسية خاصة بالنسبة لإيران التي تعيش حالة من العزلة الدولية يُمني فيها الشعب نفسه بأن تتفكك تلك الحالة بعد 20 يناير/كانون الثاني تاريخ تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن الذي أبدى ليونة كبيرة في العودة للاتفاق النووي الذي تحلل منه سلفه دونالد ترامب في مايو/ايار 2018 وأعاد فرض عقوبات قاسية على الجمهورية الإسلامية وضعت اقتصادها على حافة الإفلاس.

وتسود حالة من عدم اليقين في الداخل الإيراني حيث يتوجس النظام من مقاطعة واسعة على غرار تلك التي رافقت الانتخابات التشريعية في مارس/اذار على ضوء الإحباط الذي يشعر به الإيرانيون وقناعة بأن لا شيء سيتغير سواء تولى السلطة اصلاحيون أو محافظون.

وكانت وعود الإصلاح والانفتاح والخروج من العزلة الدولية أساس الحملة الانتخابية للإصلاحيين والتي جاءت بحسن روحاني للرئاسة في الرابع من أغسطس/اب 2013 خلفا لمحمود أحمدي نجاد أحد رموز التشدد في إيران والمتحدر من دائرة المرشد الأعلى علي خامنئي ومن الحرس الثوري.

أعلى مرجعية دينية وسياسية ترسم مبكرا الخطوط العريضة للسياسة الخارجية: التشدد عنوانا للمرحلة القادمة
أعلى مرجعية دينية وسياسية ترسم مبكرا الخطوط العريضة للسياسة الخارجية: التشدد عنوانا للمرحلة القادمة

ومنذ هزيمة أحمدي نجاد، يكابد المحافظون للعودة للسلطة بنزعة أكثر تشدد في ظل المتغيرات التي رافقت تقريبا 7 سنوات من حكم الإصلاحيين والفشل في الخروج من مأزق العقوبات.

ويشكك تيار المحافظين باستمرار في جدوى الانفتاح على العالم والتفاوض والدبلوماسية الهادئة في التعاطي خاصة مع أزمة الملف النووي ودفعوا مؤخرا للتحلل من الاتفاق الموقع في العام 2015 والذي انسحبت منه الولايات المتحدة على الرغم من ميل الرئيس الأميركي المنتخب للحوار والقطع مع سياسة الضغوط القصوى التي اعتمدها سلفه ترامب.   

وذكرت وكالة تسنيم الإيرانية للأنباء اليوم الأحد أن 207 نائبا صوتوا ضد مقترح منح كبار ضباط الجيش والمسؤولين العسكريين من الترشح للرئاسية، فيما أيده 25 نائبا فقط وامتنع 5 نواب عن التصويت من إجمالي 237 نائبا ممن حضروا جلسة التصويت.

وعقد البرلمان الإيراني جلسة للنظر في التعديلات المقترحة للقانون الانتخابي الذي تضمن الشروط الواجب توفرها في كل من يرغب في الترشح للانتخابات الرئاسية.

وحسب الوكالة الإيرانية يشترط في المترشح الأصل الإيراني وحسن السيرة والثقة والتقوى والإيمان بمبادئ الجمهورية الإسلامية والدين الرسمي للبلاد وأن يكون حائزا على شهادة ماجستير على الأقل وألا يقل عمر الراغب في الترشح لسباق الرئاسة عن 40 عاما ولا يزيد عن 70 عاما.

وتم في الفترة الماضية حتى قبل إقرار تعديل قانون الانتخابات تداول عدة أسماء لشخصيات عسكرية تعتزم أو هي مرشحة من قبل تيار المحافظين لخوض سباق الرئاسة من بينها محمد باقر قاليباف رئيس البرلمان الحالي الذي كان قد شغل في السابق ولسنوات منصب قائد قوى الأمن الداخلي وقائدا للقوات الجوية في الحرس الثوري.

وخاض قاليباف الانتخابات الرئاسية في عدة مناسبات وفشل وكان آخرها سباق الرئاسة 2017 التي فاز فيها روحاني بولاية ثانية.

ومن بين الأسماء الأخرى التي تردد أنها ستشارك في الانتخابات الرئاسية رستم قاسمي مستشار القائد العام للحرس الثوري والقيادي في فيلق القدس وكان قد تولى حقيبة النفط في حكومة الرئيس السابق أحمدي نجاد.

علي لاريجاني متشدد آخر في ثوب اصلاحي.. لا يخرج عن سياقات ما يحدده النظام الديني في إيران
علي لاريجاني متشدد آخر في ثوب اصلاحي.. لا يخرج عن سياقات ما يحدده النظام الديني في إيران

وبرز أيضا اسم علي لاريجاني رئيس البرلمان السابق كشخصية غير عسكرية تقول مصادر محلية إنه قد يترشح بصفة مستقل بدعم من الرئيس الحالي حسن روحاني.

وكان العميد حسين دهقان وزير الدفاع الإيراني الأسبق ومستشار خامنئي للشؤون العسكرية حاليا، أول من أعلن قبل أكثر من شهر ونصف عزمه الترشح لانتخابات الرئاسة.

ففي مقابلة سابقة قال دهقان "أعلن استعدادي لخوض انتخابات الرئاسة لعام 2021 وسأقوم بتنفيذ مسار النمو والتنمية بأقل تكلفة"، مقدما نفسه على أنه وطني وثوري لديه امكانات وقدرات فكرية وتنفيذية "للدفاع عن أهداف ومصالح النظام والثورة".

وقال إنه لا ينتمي لاي من التيارين التقليديين: المحافظون والاصلاحيون، متعهدا بـ"إيجاد جو من التفاهم والإجماع والتفاهم الوطني وأجواء للحوار مع العالم من منطلق القوة والعزة".

وكان العميد دهقان قد تولى في السابق عدة مناصب عسكرية أبرزها وزيرا للدفاع في حكومة روحاني الأولى (2013/2017) ونائبا لوزير الدفاع في حكومة الراحل أكبر هاشمي رفسناجي والرئيس الأسبق الاصلاحي محمد خاتمي.

وتذهب بعض التقديرات إلى أن العميد حسين دهقان قد يحظى بدعم المؤسسة العسكرية والكيانات شبه العسكرية المتفرعة عنها كونه يشغل حاليا مستشار المرشد للشؤون العسكرية وهذا يعني ظاهريا أنه محل قبول لدى علي خامنئي، إلا أن شقا آخر يرى أنه قد لا يحظى بدعم الحرس الثوري كونه كان مقربا من رئيس مصلحة تشخيص النظام والرئيس الأسبق الراحل هاشمي رفسنجاني.

  

محمد باقر قاليباف مرشح فاشل خاض الانتخابات الرئاسية أكثر من مرة بحظوظ ضعيفة
محمد باقر قاليباف مرشح فاشل خاض الانتخابات الرئاسية أكثر من مرة بحظوظ ضعيفة

وبين رفسنجاني وأنصار خامنئي خصومة سابقة محورها الخلافات على مصب المرشد الأعلى في إيران وهو المنصب الذي يمثل أعلى مرجعية سياسية في النظام الديني في إيران. ولاتزال تداعيات تلك الخصومة تلقي بظلالها على المعركة الدائرة حول المنصب حتى بعد سنوات من رحيل رفسنجاني.

وفي المحصلة فإن كل التقديرات تذهب بغض النظر عن التنافس والأسماء المتداولة إلى أن الرئيس الإيراني المقبل قد يكون شخصية عسكرية.

ويمتلك الحرس الثوري الإيراني امبراطورية اقتصادية ضخمة كونها مستفيدا من سنوات من العقوبات الأميركية ويعمل على تحصينها من خلال تعزيزها بسلطة تنفيذية وهو ما يجعله يلقي بثقل أكبر في الانتخابات الرئاسية القادمة.

ويطرح هذا إشكالا على مستوى التوجه العام في إيران التي يتوق شعبها لوقف التدخلات الخارجية والتوقف عن تبديد المال العام من تمويلات ضخمة للوكلاء في المنطقة والنفقات السخية على الجانب العسكري بينما يكابد مواطنوها لتوفير أبسط ضرورات الحياة.

وأثارت هذه السياسات حالة من الغضب في الشارع الإيراني في 2018 وامتد الاحتقان في عدة محافظات رفعت خلالها شعارات تقول إن الشعب أولى بما تنفقه الدولة على حروبها الخارجية في سوريا والعراق.

وعمليا وسياسيا يعني تولي شخصية عسكرية الرئاسة في إيران توجها نحو سياسة أكثر تطرفا ورسائل سلبية للعالم خاصة للولايات المتحدة التي تفتتح قريبا عهدا جديدا يرجح أن يكون أقل تشددا حيال إيران.

وتأتي الانتخابات الرئاسية في إيران في ظرف استثنائي، فالجمهورية الإسلامية تستعد لتوديع العام 2020 مثقلة بتركة من المشاكل الداخلية وبعقوبات أرهقتها على جميع المستويات إضافة إلى جائحة كورونا التي شكلت اختبارا صحيا وسياسيا صعبا لحكومة روحاني، فكل المؤشرات أثبتت عجزها عن معالجة تلك الأزمة وكانت مربكة ومترددة ولم تتحرك إلا بعد فوات الأوان وخروج الوباء عن السيطرة.