إيران تنتقل من التهديد إلى الرصاص الحي لإخماد الاحتجاجات

الأمم المتحدة تحث طهران على كبح جماح قوات الأمن في استخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين، مؤكدة أن بحوزتها تقارير تفيد بأن عدد القتلى في إيران بالعشرات.
العفو الدولية: حصيلة مظاهرات إيران بلغت نحو 200 قتيلا
صحيفة إيرانية تقترح استجواب روحاني أو استقالة الحكومة
الشارع الإيراني يكسر حاجز الخوف مهددا بقاء الحكومة الحالية
خامنئي يأمر بإعدام المحتجين تحت ذريعة التصدي لمؤامرة خارجية
شهود عيان: قوات الأمن لا تعير أي اهتمام لحياة المحتجين وتطلق الرصاص باتجاههم

طهران - انتقلت قوات الأمن الإيرانية بأوامر من السلطة من التهديد إلى إطلاق الرصاص ضد المحتجين بلا هوادة، لإخماد حالة الغليان الشعبي التي اتسعت في العديد من المحافظات، وسط توقعات بانتقال المطالب الشعبية التي بدأت عفوية ردا على رفع سعر البنزين، إلى المطالبة برحيل النظام.

وتشير تقارير إعلامية إلى أن النظام الإيراني لم يغير نهج العنف في التعامل مع الاحتجاجات المطلبية "السلمية"، حيث أفادت وسائل إعلام إيرانية الثلاثاء نقلا عن مواطنين حدوث اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن والمتظاهرين صباح الثلاثاء وأن "قوات الأمن لا تعير أي اهتمام لحياة المحتجين، إذ يطلقون الرصاص الحي باتجاههم كأنهم يقتلون ذبابة".

كما نقلت ذات المصادر أن صحيفة مقربة من خامنئي قوله، "المحتجون لا يتكلمون الفارسية ويجب إعدامهم".

وفي ذات السياق قالت منظمة العفو الدولية الثلاثاء إن ما لا يقل عن 106 محتجين لاقوا حتفهم في 21 مدينة في إيران خلال المظاهرات التي تشهدها البلاد منذ الجمعة الماضي.

وأضافت المنظمة في بيان "تعتقد المنظمة أن العدد الحقيقي للقتلى قد يكون أعلى من ذلك بكثير حيث تشير بعض التقارير إلى مقتل نحو 200".

وبعد أن قطعت خدمة الانترنت تحدثت الحكومة الإيرانية عن هدوء لا يبدو إلا في الإعلانات الرسمية وفي وسائل الإعلام الموالية لها، فيما تشهد أغلب المدن الإيرانية حالة من الغضب، حيث تتأجج الاحتجاجات كل ما زاد قمع السلطة للمتظاهرين.

ويبدو أن الاحتجاجات التي انطلقت السبت بشكل عفوي بعد ساعات قليلة من إقرار الحكومة الترفيع في أسعار البنزين، وهو قرار دعمه المرشد الأعلى بقوة، سرعان ما تحولت إلى حراك شعبي واسع مناهض للنظام في إيران.

وبدا من خلال تطور مسار الحراك الشعبي أن الإيرانيين كسروا حاجز الخوف بأن أحرقوا صورا لخامنئي وصورا للنظام القائم، فإلى وقت قريب كان يعتبر الخوض في مسائل تتعلق بالمرشد الأعلى في إيران وقراراته محظورا، لكن الاحتجاجات التي بدأت عفوية انتقلت شرارتها إلى مناهضة النظام الإيراني واتهامه بالفساد.

وليس ثمة ما يشير إلى أن مظاهرات الغضب في إيران في طريقها للهدوء، فالإيرانيون كسروا حاجز الخوف منذ احتجاجات العام 2018 ولم يهدأ حراكهم إلا حين استخدم الحرس الثوري وميليشياته العصا الغليظة.

واتسعت رقعة الاحتجاجات في إيران الثلاثاء وشهدت عدة محافظات في البلاد عمليات حرق لمراكز أمن، ردا على قمع قوات الشرطة، فيما تتحدث جهات إعلامية عن اقتراحات باستجواب الرئيس الإيراني حسن روحاني أو استقالة الحكومة.

وقال المحلل السياسي والمتحدث باسم المجلس الانتقالي الإيراني شهريار آهي في حديث لقناة 'إيران إنترناشيونال'، "سنشهد آخر أيام نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية في حال انضمت قوات الباسيج (قوات تعبئة الفقراء والمستضعفين) إلى المحتجين".

سنشهد آخر أيام نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية إذا انضمت قوات الباسيج إلى المحتجين

وكان الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي أنحى يوم الأحد باللائمة في الاضطرابات على أعداء إيران الخارجيين، ومنهم الولايات المتحدة، وندد بالمحتجين ووصفهم "بالبلطجية".

وفي وقت سابق اليوم الثلاثاء، أبدى مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قلقه العميق من استخدام قوات الأمن الإيرانية الذخيرة الحية ضد المتظاهرين، وحث السلطات على الحد من استخدام القوة لتفريق الاحتجاجات.

كما دعا المتحدث باسم المكتب روبرت كولفيل السلطات في إيران، إلى إعادة خدمة الإنترنت المقطوعة منذ السبت واحترام حق المتظاهرين في حرية التعبير والتجمع السلمي.

وقال في إفادة بجنيف إن "المكتب وصلته تقارير عن أن عدد القتلى في مظاهرات إيران بالعشرات"، مضيفا أن حجم الضحايا "خطير للغاية على نحو واضح".

وردا على العنف الذي تسلطه القوات الإيرانية في التعامل نع المحتجين، أعربت أمس الاثنين الخارجية الفرنسية عن أسفها لمقتل عدد من المحتجين، مذكرة بضرورة "احترام حق التظاهر السلمي والحرية".

كما دعت برلين إيران إلى احترام التظاهرات "المشروعة" ضد ارتفاع أسعار البنزين، وفتح حوار مع المتظاهرين.

وقالت اولريك ديمر المتحدثة باسم المستشارة انغيلا ميركل "انه أمر مشروع ويستحق احترامنا، أن يعبر الناس بشجاعة عن مظالمهم الاقتصادية والسياسية كما يحدث حالياً في ايران".

وأضافت "على الحكومة الإيرانية الاستجابة للاحتجاجات الحالية بإبداء الاستعداد للدخول في حوار".

وأشعلت الزيادة في سعر الوقود فتيل الاحتجاجات، إلا أنها تأتي بعد أيام قليلة من احتجاجات عارمة شهدتها الأحواز الإيرانية على اثر وفاة شاعر أحوازي معارض للنظام تقول عائلته إنه تم تصفيته بتسميمه في إحدى المستشفيات.

ويبدو أن الاحتجاجات ستتأجج في وجه النظام السياسي الإيراني مناهضة لسياساته التي أغرقت البلاد في أزمة اقتصادية خانقة.

وكانت إيران أعلنت الأسبوع الماضي أسعار البنزين بنسبة 50 بالمئة لأول 60 ليتراً من البنزين يتم شراؤها كل شهر و300 بالمئة لكل ليتر إضافي كل شهر، على أن يستفيد ستون مليون إيراني هم الأكثر حاجة من عائدات القرار.

لكن الشارع الإيراني يرفض أن يتكبد ضريبة تأزم الاقتصاد، محملا المسؤولية للسلطة في تدهور الأوضاع.

ويعاني الاقتصاد الإيراني انكماشا بالغا جراء انسحاب الولايات المتحدة العام 2018 من الاتفاق الدولي حول البرنامج النووي الإيراني الموقع في 2015، وإعادة فرض عقوبات أميركية مشددة على طهران.