إيران تنفخ في رماد الوساطة اليابانية لإنقاذ بقايا الاتفاق النووي

مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية اقترح زيارة حسن روحاني إلى اليابان خلال تواجده في طوكيو مؤخرا.

طهران - ذكرت وكالة كيودو اليابانية للأنباء اليوم الثلاثاء أن إيران اقترحت أن يزور الرئيس حسن روحاني اليابان، وهي حليف لواشنطن وتربطها أيضا علاقات وثيقة بطهران، ليحاول حل الأزمة النووية بين الولايات المتحدة وإيران.

ونقلت كيودو عن مصدر دبلوماسي كبير قوله إن مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية عباس عراقجي نقل الاقتراح إلى اليابان خلال زيارة لطوكيو استمرت يومين بوصفه مبعوثا خاصة لروحاني.

وأضافت "يبدو أن إيران تأمل في تنفيذ مثل هذه الزيارة في موعد قريب بينما من المتوقع أن تُمعن اليابان النظر فيها".

لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية اليابانية قال إنه ليس لديه أي معلومات بشأن زيارة محتملة للرئيس الإيراني إلى اليابان.

وتصاعد التوتر بين طهران وواشنطن منذ أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب العام الماضي انسحاب بلاده من الاتفاق النووي، الذي أبرمته إيران وست قوى عالمية في 2015، وأعاد فرض عقوبات عليها أصابت اقتصادها بالشلل.

وسافر شينزو آبي رئيس وزراء اليابان، الذي أسس علاقات ودية مع ترامب، إلى إيران في يونيو/حزيران لإقناعها والولايات المتحدة باستئناف المحادثات المباشرة وتخفيف التوتر بينهما. لكن إيران تستبعد إجراء محادثات مع واشنطن ما لم تعد إلى الاتفاق النووي وترفع كل العقوبات عنها.

ولم تنجح الوساطة الأوروبية التي قدها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإنقاذ طهران من مأزقها النووي بعد ابتزازها للأطراف الموقعة عليه عبر التهديد بانتهاك بنوده ما لم ترفع واشنطن عقوباتها.

والأحد، حذرت إيران من أنها قد "تعيد النظر جديا" في التزاماتها تجاه الوكالة الدولية للطاقة الذرية إذا لجأت الأطراف الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي إلى آلية حل الخلافات التي قد تؤدي إلى عقوبات.

الوساطات السويسرية والعمانية والفرنسية فشلت جميعها في انتشال طهران من مأزقها النووي رغم وضوح الرئيس الأميركي حول الحل الممكن لرفع العقوبات عليها

وقال رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني "إذا أطلقوا (الآلية)، ستكون إيران مجبرة على إعادة النطر جديا في التزاماتها حيال" الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وأفاد خلال مؤتمر صحافي في طهران "إذا ظنوا أن ذلك سيفيدهم أكثر فيمكنهم المضي قدما".

وبعد انسحاب واشنطن من الاتفاق، بدأت طهران في اتخاذ سلسلة من الخطوات التي تنتهك التزاماتها بموجب الاتفاق، مع إجراء آخر محتمل في أوائل كانون الثاني/ يناير.
وبعد آخر إجراءاتها الشهر الحالي للتراجع عن التزاماتها، حذّرت الدول الأوروبية من أنها ستلجأ لآلية تسوية المنازعات في الاتفاق.
ويتضمن الاتفاق آلية لتسوية المنازعات تنقسم بين عدة مراحل. ومن شأن مسار قد يستغرق أشهراً أن يقود إلى تصويت مجلس الأمن الدولي على إمكانية أن تواصل إيران الاستفادة من رفع العقوبات الذي أقر إبان توقيع الاتفاق.

وذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الأسابيع الأخيرة أن طهران حركت أنشطتها النووية فوق الحدود الرئيسية التي وضعها الاتفاق ، بما في ذلك برنامج تخصيب اليورانيوم بهدف أن يظل مقيدا لمنع إيران من استخدامه في صنع وقود خاص بالأسلحة النووية.

وبالإضافة إلى ذلك تضغط الوكالة الدولية على طهران لتفسير العثور على أثار لجزئيات اليورانيوم في موقع خال بالقرب من طهران لم يعلن عنه من قبل مما يثير التساؤل حول ما إذا كان المدى الكامل للبرنامج النووي الإيراني معروفا من عدمه.

عين على تخصيب اليورانيوم وعين أخرى على الوساطة في طهران
عين على تخصيب اليورانيوم وعين أخرى على الوساطة في طهران

وفيما لم تكشف الوكالة عن اسم الموقع، إلا أن مصادر دبلوماسية ذكرت سابقا أن الوكالة تطرح أسئلة على طهران تتعلق بموقع ذكرت إسرائيل أنه جرت فيه نشاطات ذرية سرية سابقة.

كما وقع حادث نادر أواخر تشرين الأول/أكتوبر مع منع طهران مفتشة لفترة وجيزة من مغادرة البلاد.

ولاحقا سمحت طهران للمفتشة بالعودة إلى فيينا، لكنّ الوكالة اعتبرت ما جرى آنذاك بأنه "غير مقبول".

وقررت إيران سحب اعتماد المفتشة التي وجد بحوزتها آثار مادة متفجرة، بحسب سفير إيران لدى الوكالة كاظم غريب عبادي.

وقال دبلوماسي مقيم في فيينا إنّ إيران تلقت دعما قليلا في هذه المسألة "حتى من الدول التي تتعاطف معها عادة".

وتوقع مدير عام الوكالة الجديد الذي استلم منصبه أمس الاثنين، الدبلوماسي الأرجنتيني رافايال غروسي، أن يشغل ملف برنامج إيران النووي الحيّز الأكبر في مهمته.

وقال غروسي إنّ البرنامج النووي الإيراني يبقى "أولوية" للوكالة وأنه يعتزم السفر لإيران "في المستقبل القريب نسبيا".

وهذه المرة الثانية التي تعتمد فيها طهران على طوكيو لحل أزمتها النووية بعد فشل الوساطة الأولى وفشل المبادرات السويسرية والعُمانية والفرنسية.

وعلى الرغم من تكرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن عدم الحاجة لوساطة مع طهران وأن تلك الأخيرة تعرف ما عليها أن تفعل، إلا أن النظام الإيراني لا يزال يبحث عن أفضل وسيط يمكن من خلاله المراوغة والإفلات من العقوبات الأميركية والخروج بأخف الأضرار للحفاظ على ما تبقى من الاتفاق النووي.

لكن البيت الأبيض بساكنه الحالي يطالب باتفاق جديد يطال ملف برنامج إيران للصواريخ الباليستية كما البحث في سلوك إيران المزعزع للاستقرار في الشرق الأوسط، بعد أن أعادت الهجمات المتتالية من إيران ووكلائها على ناقلات النفط في مضيق هرمز واستهدافها لمنشآت نفطية سعودية، التوتر وأثار مخاوف من تصعيد عسكري جديد في المنطقة.