إيران تنفي تلقي رسالة تحذير أميركية عبر الوسيط العماني

الرئيس الأميركي يوضح في سلسلة تغرديات اسباب تراجعه في آخر لحظة عن توجيه ضربة لإيران مشيرا إلى أن الوقت لم يكن مناسبا وأن الهجوم كان سيؤدي إلى سقوط ضحايا مدنيين

طهران/واشنطن - نفت إيران اليوم الجمعة معلومات أفادت بأنها تلقت رسالة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب ليل الخميس عبر سلطنة عمان للتحذير من هجوم أميركي وشيك، فيما يتناقض هذا النفي مع تأكيد مسؤولين إيرانيين في وقت سابق أن مسقط نقلت رسالة تحذيرية من واشنطن للقيادة الإيرانية.

وقال المتحدث باسم المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني كيوان خسروي "الولايات المتحدة لم تبعث بأي رسالة لإيران عبر عمان"، بحسب ما نقل عنه التلفزيون الحكومي، مضيفا "لا شيء صحيحا في ذلك".

وأكد التلفزيون الحكومي أن كلام خسروي يأتي ردا على معلومات نقلتها وسيلتا إعلام أجنبيتان، تقول إن الرئيس الأميركي أكد بوساطة سلطنة عمان أنه مستعد لشن هجوم على إيران إلا إذا وافقت الجمهورية الإسلامية على التفاوض.

وفي وقت سابق الجمعة قال مسؤولان إيرانيان إن طهران تلقت رسالة من ترامب عبر سلطنة عمان للتحذير من هجوم أميركي وشيك على إيران، لكنه قال إنه يعارض الحرب ويريد إجراء محادثات بشأن عدد من القضايا.

وجاءت الأنباء عن الرسالة التي نقلتها سلطنة عمان خلال الليل، بعد نشر صحيفة نيويورك تايمز تقريرا أفاد بأن ترامب ألغى ضربات جوية تستهدف أجهزة رادار وبطاريات صواريخ إيرانية في اللحظة الأخيرة.

وذكر أحد المسؤولين طالبا عدم ذكر اسمه أن ترامب قال في رسالته إنه ضد أي حرب مع إيران ويريد إجراء محادثات مع طهران بشأن عدد من القضايا... حدد فترة زمنية قصيرة للحصول على ردنا لكن رد إيران الفوري هو أن القرار بيد الزعيم الأعلى (آية الله علي) خامنئي في هذه المسألة".

وقال المسؤول الثاني "أوضحنا أن الزعيم الأعلى يعارض أي محادثات لكن الرسالة ستنقل إليه ليتخذ القرار... ومع ذلك أبلغنا المسؤول العماني أن أي هجوم على إيران ستكون له عواقب إقليمية ودولية".

وقال ترامب اليوم الجمعة إنه أوقف ضربة عسكرية لإيران لأن الرد بهذه الطريقة على إسقاط طهران طائرة استطلاع أميركية مسيرة غير مأهولة كان سيخلف خسائر غير متناسبة في الأرواح.

وأضاف في سلسلة من التغريدات في الصباح الباكر أن العقوبات الاقتصادية على إيران تؤتي ثمارها وإنه فرض المزيد منها في وقت متأخر يوم الخميس بعد أن دمر صاروخ إيراني أرض- جو الطائرة الأميركية المسيرة.

وقال ترامب إن الخطة كانت تقضي بقصف ثلاثة مواقع ردا على إسقاط الطائرة وإنه تم إبلاغه بأن هذا كان سيؤدي إلى مقتل 150 شخصا، مضيفا في تغريدة "أوقفت الهجوم قبل موعده بعشر دقائق. لم يكن متناسبا مع إسقاط طائرة مسيرة غير مأهولة. لست في عجلة من أمري، جيشنا جديد ويعيد بناء نفسه ومستعد للانطلاق وهو الأفضل عالميا بفارق كبير".

وبعد أسابيع من تصاعد التوتر في ظل سلسلة من الهجمات على ناقلات نفط في الخليج، قالت إيران أمس الخميس إنها أسقطت طائرة الاستطلاع الأمريكية.

ولمح ترامب بعد إسقاط الطائرة المسيرة إلى أنه ليس متلهفا على تصعيد المواجهة مع إيران بشأن أنشطتها النووية وبرنامجها للصواريخ الباليستية ودعمها لوكلاء في عدة صراعات بالشرق الأوسط.

وقال في بداية الأمر إن إسقاط الطائرة ربما نفذه "شخص منفلت وغبي"، مضيفا أنه يشك في أن الطائرة أسقطت بطريق الخطأ لكنه أضاف أن "البلاد لن تتقبل ذلك".

وأججت الواقعة المخاوف الدولية من مواجهة عسكرية مباشرة بين الخصمين وارتفعت أسعار النفط دولارا للبرميل إلى 65.50 دولار اليوم الجمعة بسبب المخاوف من احتمال تعطل صادرات النفط من الخليج.

وذكرت وكالة فارس للأنباء اليوم الجمعة، أن إيران أبلغت الولايات المتحدة عبر السفير السويسري بأن واشنطن ستكون مسؤولة عن عواقب أي عمل عسكري ضد إيران.

ولأن واشنطن وطهران لا تربطهما علاقات رسمية، فإن السفير السويسري في طهران يمثل المصالح الأميركية في الجمهورية الإسلامية. وقالت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء إن وزارة الخارجية التي استدعت السفير، أبلغته بأن إيران لا تريد حربا مع الولايات المتحدة. 

وبعد أسابيع من تصاعد التوتر في ظل سلسلة من الهجمات على ناقلات نفط في الخليج، قالت إيران أمس الخميس إنها أسقطت طائرة مراقبة عسكرية مسيرة أميركية، الأمر الذي أجج مخاوف من مواجهة عسكرية صريحة بين البلدين الخصمين.

وردا على ذلك، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز نقلا عن مسؤول كبير في إدارة ترامب أن الطائرات الحربية الأميركية حلقت في الجو وأن السفن اتخذت مواقعها، قبل أن يصدر لها أمر بإلغاء العملية، دون إطلاق أي نيران.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين كبار بالإدارة شاركوا في المناقشات أو أطلعوا عليها قولهم إن الأهداف شملت أجهزة رادار وبطاريات صواريخ.

وأضافت الصحيفة أنه كان من المقرر تنفيذ الضربات في وقت مبكر من اليوم (الجمعة) للحد من الخطر بالنسبة للجيش الإيراني والمدنيين.

ولم يتضح ما إذا كانت الهجمات على إيران قد تمضي قدما فيما بعد أو إن كان ترامب عدل عن قراره أم أن إدارته ساورها القلق بشأن الترتيبات اللوجيستية أو الاستراتيجية.

وفي ظل تصاعد التوتر، أصدرت إدارة الطيران الاتحادية الأميركية أمرا طارئا يحظر على شركات الطيران الأمريكية التحليق في مجال جوي تسيطر عليه إيران فوق مضيق هرمز وخليج عمان حتى إشعار آخر.

الحرس الثوري يعرض حطام الطائرة الأميركية المسيرة التي أسقطها
الحرس الثوري يعرض حطام الطائرة الأميركية المسيرة التي أسقطها في تطور أجج التوتر القائم اصلا مع واشنطن

وبعد هذا التحرك، قالت شركة كانتاس الأسترالية للطيران إن رحلاتها للشرق الأوسط ستتفادى مضيق هرمز وخليج عمان.

وقالت إيران إن الطائرة المسيرة غير المسلحة من طراز غلوبال هوك كانت في مهمة تجسس فوق أراضيها لكن واشنطن قالت إنها أسقطت في المجال الجوي الدولي في مضيق هرمز.

وذكرت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية أن طائرة "التجسس" أُسقطت فوق إقليم هرمزجان المطل على الخليج في جنوب إيران، بصاروخ خورداد 3 محلي الصنع.

وقال اللفتنانت جنرال جوزيف جاستيلا، القائد الأعلى للقوات الجوية الأميركية في الشرق الأوسط، للصحفيين إن الطائرة المسيرة أسقطت على ارتفاع عال على بعد نحو 34 كيلومترا من أقرب نقطة من الأرض على الساحل الإيراني.

ونشرت القيادة المركزية الأمريكية في وقت لاحق تغريدة تضمنت خريطة لما سماه جاستيلا مسار رحلة الطائرة المسيرة تبين أنها كانت خارج المياه الإقليمية الإيرانية. وأضاف "كان هذا هجوما غير مبرر على عنصر مراقبة أميركي لم ينتهك المجال الجوي الإيراني في أي وقت".

واتهم وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي واشنطن اليوم بمحاولة تشويه نظرة العالم لطهران.

وأدى تدمير الطائرة المسيرة إلى تفاقم التوترات في منطقة الخليج، وهي شريان بالغ الأهمية لإمدادات النفط العالمية، حيث تعرضت ست ناقلات نفط لأضرار بسبب هجمات في الأسابيع الستة الماضية.

ونفت الجمهورية الإسلامية ضلوعها في الهجوم على ناقلات النفط لكن المخاوف العالمية من أن يؤدي تفجر الوضع من جديد في الشرق الأوسط إلى تعطل صادرات النفط تسببت في قفزة في أسعار الخام.

وقالت السعودية الحليف الرئيسي لواشنطن في الخليج إن إيران خلقت وضعا خطيرا "بسلوكها العدواني" وإن المملكة تتشاور مع دول الخليج العربية بشأن الخطوات التالية.

وتفجر التوتر مع إيران مع انسحاب ترامب العام الماضي من الاتفاق النووي مع طهران الذي أبرم عام 2015، وتفاقم مع فرض واشنطن عقوبات جديدة لتعطيل تجارة النفط الحيوية في طهران. وردت إيران في وقت سابق من هذا الأسبوع بالتهديد بخرق القيود على أنشطتها النووية التي يفرضها الاتفاق.

وألحقت العقوبات الأميركية أضرارا بالاقتصاد الإيراني، إذ قوضت صادراته النفطية ومنعته من التعامل بالنظام المالي العالمي الذي يهيمن عليه الدولار. وبدد ذلك الوعود بمكافآت تجارية التي كان يتضمنها الاتفاق النووي المصمم للحد من طموحات إيران النووية.

وتقود إدارة ترامب جهودا لعزل إيران والضغط عليها لتقديم تنازلات بشأن برنامجها النووي وبرنامجها للصواريخ الباليستية ودورها في النزاعات الإقليمية.

وقالت واشنطن الاثنين إنها سترسل نحو 1000 جندي إضافي، إلى جانب صواريخ باتريوت وطائرات استطلاع مأهولة وغير مأهولة، إلى الشرق الأوسط، إضافة إلى الزيادة في عدد القوات التي تم الإعلان عنها بعد هجمات على ناقلات في الخليج في مايو/أيار، بواقع 1500 جندي بالإضافة إلى نشر حاملات طائرات وقاذفات من طراز بي-52.

وفي حين زادت حدة الخطاب الأميركي تجاه إيران، فإن الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي مع إيران كانت أكثر حذرا، قائلة إن هناك حاجة إلى مزيد من الأدلة لتحديد المسؤول عن الهجمات على الناقلات.

وسعت هذه الدول للحفاظ على الاتفاق النووي رغم انسحاب الولايات المتحدة لكن طهران أبلغتها وقوى عالمية أخرى وقعت على الاتفاق بضرورة كبح جماح موقف ترامب العدواني تجاه إيران وإلا فستنسحب هي أيضا من الاتفاق.