إيران 'تهادن' الذرية الدولية للتغطية على انتهاكاتها النووية

إيران تعبر لوكالة الطاقة الذرية عن استعدادها لحل جميع المشاكل العالقة في تهدئة تأتي في سياق مناورات اعتادت على تنشيطها كلما ضاق عليها الخناق الدولي.
إيران انتهكت مرارا التزاماتها النووية في خضم التوتر مع واشنطن
إيران تواجه الضغوط الغربية بدعاية مضللة

طهران - أعلنت إيران اليوم الخميس أنها مستعدة لحل "جميع المشاكل التي واجهتها" مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، معربة عن "خيبة أملها الشديدة" بعد تقرير المنظمة الأخير الذي أشار إلى أنها رفضت السماح لها بمعاينة موقعين نوويين، في إعلان يبدو محاولة للتغطية على انتهاك التزاماتها النووية.

ويبدو أن جنوح إيران للتهدئة يأتي في سياق مناورات اعتادت على تنشيطها كلما ضاق عليها الخناق الدولي، محاولة إيهام الرأي العام العالمي بأنها تتعاون مع هيئاته الدولية ذات الصلة.  

وأشارت في مذكرة وجهتها إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتاريخ 8 يونيو/حزيران وأعلنت عنها بعثتها في فيينا الخميس، إلى أنه جرى التطرق إلى هذا الموضوع خلال الاجتماعات التي عقدت في 29 أبريل/نيسان و 16 مايو/ايار في عاصمتها وأعقبتها مراسلات.

وأضافت أنها "واصلت التزاماتها البناءة (خلال المناقشات) مع الوكالة في الشهرين الماضيين، بهدف التوصل إلى تفاهم متبادل" من أجل "حل المشاكل التي واجهتها".

وترى إيران أن السعي للوصول إلى المواقع المعنية مبني على أساس "معلومات ملفقة"، متهمة الولايات المتحدة وإسرائيل بمحاولة الضغط على الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد أشارت في تقارير سابقة إلى أن طهران ملتزمة ببنود الاتفاق النووي الموقع في العام 2015، إلا أنها لاحظت أيضا أن الجانب الإيراني بدأ في ذروة الضغوط الأميركية والأوروبية في نقض تعهداته منذ أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق في مايو/ايار 2018 وأعاد فرض عقوبات على الجمهورية الإسلامية.

وتجاوزت إيران السقف المسموح به في عمليات تخصيب اليورانيوم ولوحت مرارا بالتخلي عن تعهداتها النووية، في محاولة للضغط على الشركاء الأوروبيين في الاتفاق النووي الذين يسعون جاهدين لإنقاذه من الانهيار.

وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الجمعة في تقرير بشأن الأنشطة النووية الإيرانية أن مخزون طهران من اليورانيوم المخصب يتجاوز بنحو ثماني مرات الحدّ المسموح به في الاتفاق النووي المبرم عام 2015. وأشارت إلى أن إيران ترفض منذ عدة أشهر السماح لها بمعاينة الموقعين النوويين.

والاتفاق الدولي بشأن النووي الإيراني مهدد بالانهيار منذ أن أعلنت الولايات المتحدة انسحابها منه بشكل أحادي عام 2018. ورداً على ذلك، تخلّت طهران التي تخنقها العقوبات، عن بعض التزاماتها بموجب الاتفاق منذ أيار/مايو 2019.

وفي مايو/ايار 2018، انسحبت واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني الموقع في 2015، بين إيران ومجموعة 5+1 التي تضم روسيا وبريطانيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، وفرضت على طهران عقوبات اقتصادية.

وينص الاتفاق على التزام طهران بالتخلي لمدة لا تقل عن 10 سنوات عن أجزاء حيوية من برنامجها النووي وتقييده بشكل كبير بهدف منعها من امتلاك القدرة على تطوير أسلحة نووية، مقابل رفع العقوبات عنها.

وتوضح تقارير الوكالة انتهاكات ايران الحالية لأجزاء عديدة من اتفاق العام 2015 الذي يلزمها بخفض برنامجها النووي.

وأظهرت التقارير أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب يساوي حاليا خمس مرات السقف المحدد في الاتفاق النووي.

وذكرت أنه ابتداء من 19 فبراير/شباط 2020 بلغ مخزون طهران من اليورانيوم المخصب ما يعادل 1510 كلغ بينما السقف المحدد في الاتفاق هو 300 كلغ.

ويرى بعض الخبراء أن هذا المخزون يتيح انتاج سلاح نووي مع أخذ مستوى النقاء في الاعتبار، إلا أنه يتطلب خطوات أخرى بينها مزيد من التخصيب لجعله مناسبا للأسلحة.

ويعتبر ريتشارد نيفيو الذي شغل سابقا منصب كبير الخبراء الأميركيين في ملف العقوبات خلال المفاوضات التي أفضت للاتفاق النووي المبرم في العام 2015، أن البيانات الأخيرة تعد “مشكلة يجب حلّها”، لكن المخزون الإيراني من اليورانيوم المخصّب يبقى أدنى بكثير مما كان عليه قبل دخول الاتفاق حيّز التنفيذ.

وغرد ريتشارد نيفيو على حسابه بتويتر قائلا "لم يتحول هذا الأمر بعد إلى أزمة ولدينا وقت لتسويته دبلوماسيا شرط توافر النية لذلك في واشنطن وطهران".

وانتهكت إيران العديد من البنود الرئيسية للاتفاق بما في ذلك ما يتعلق بمخزونها من اليورانيوم المخصب، ردا على انسحاب الولايات المتحدة منه ومعاودة فرض عقوبات تسببت في تقليص صادرات طهران من النفط.

وتؤدي انتهاكات طهران المستمرة لتآكل الهدف الرئيسي للاتفاق وهو جعل إيران على بعد سنة واحدة من الحصول على ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع قنبلة نووية إذا اختارت ذلك.

 وتقول إيران إن بوسعها العدول بسرعة عن انتهاكاتها في حالة رفع العقوبات الأميركية.

وتمارس الولايات المتحدة ضغوطا قصوى على إيران لإجبارها على التفاوض على اتفاق أوسع يتجاوز برنامجها النووي، إلا أن طهران تؤكد أنها لن تدخل في أية مفاوضات مع الولايات المتحدة ما لم تعد واشنطن الأمور لما كانت عليه وترفع كافة العقوبات التي فرضتها على إيران بعد انسحابها من الاتفاق.