إيران مربكة وتائهة في أكثر من رواية حول هجوم الأحواز

طهران توزع الاتهامات جزافا على دول خليجية وانفصاليين عرب في واحد من أقاليمها النائية، فيما أعاد تبني داعش المسؤولية عن العملية خلط أوراق إيران المربكة ويغرقها في أكثر من رواية متناقضة.

داعش يتبنى هجوم الأحواز
ثغرات أمنية تعرّي أسطورة الحرس الثوري الإيراني
روايات رسمية متناقضة تختزل حالة إرباك غير مسبوق في إيران

طهران - أربك هجوم الأحواز الذي هزّ أكبر قوة عسكرية طالما شكّلت مفخرة إيران في مواجهة من تصفهم بـ"الأعداء"، إيران التي باتت تتخبط في أكثر من رواية حول الهجوم الدموي الذي قتل فيه السبت 29 شخصا خلال عرض عسكري.

وفي الوقت الذي تحاملت فيه طهران بشكل رسمي على دولة الإمارات وأوحت في افتراءات لا أساس لها لمسؤولية إماراتية في الهجوم، أشارت قبلها لتورط الجبهة الديمقراطية الشعبية الأحوازية واحتمال تورط جماعات متمردة من الأقلية الكردية، جاء تبني تنظيم الدولة الإسلامية للهجوم ليعد خلط أوراق إيران ويغرقها مجددا في أكثر من رواية متناقضة تشير إلى دورانها في متاهة تختزل حالة من الإرباك.

ونشرت وكالة أعماق التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) تسجيلا مصورا لثلاثة رجال داخل مركبة قالت إنهم كانوا في طريقهم لتنفيذ الهجوم على العرض العسكري في إيران.

ووفقا للتسجيل المصور الذي نُشر بعد الهجوم على الحرس الثوري في مدينة الأحواز الإيرانية السبت، تحدث رجلان باللغة العربية عن الجهاد بينما تحدث الثالث بالفارسية قائلا إنهم سيستهدفون قوات الحرس الثوري الإيراني.

وكانت قناة "إيران انترناشونال" الفضائية بثت السبت إعلانا تبنت فيه الجبهة الديمقراطية الشعبية الأحوازية الهجوم.

لكن هذه المجموعة الانفصالية التي تطالب بـ"حق تقرير المصير والحرية والاستقلال"، نفت أي تورط في الهجوم واتهمت سلطات طهران بالسعي إلى شغل الناس عن الدعم الذي تقدمه إلى "ميليشيات في المنطقة".

وقالت إن "السلطات الإيرانية الإرهابية تقف خلف عملية الهجوم على الاستعراض العسكري في الأحواز لتبرئة نفسها من الإرهاب وتمويل الإرهابيين من دواعش وميليشيات في الإقليم والعالم ولتتباكى أمام الرأي العالم الدولي في الوضع الحساس الراهن".

وتجاهلت الجمهورية الإسلامية هذا النفي. وأبلغت الخارجية الإيرانية القائم بالأعمال البريطاني أنه "من غير المقبول السماح لمتحدث باسم هذه المجموعة الانفصالية تبني هذا العمل الإرهابي عبر محطة تلفزيونية مقرها لندن".

كما طلبت إيران من الدنمارك وهولندا تسليمها أعضاء هذه المجموعة متهمة البلدين باستقبالهم على أراضيهما.

وقال وزير الخارجية الدنماركي اندرس سامويلسن لشبكة التلفزيون الدنماركية "إذا ثبتت أي علاقات مع الدنمارك فسيكون لذلك عواقب بالتأكيد".

أما وزارة الخارجية الهولندية فقد ذكرت أنها "استمعت إلى رواية إيران وقدمت تعازيها بعد الاعتداء".

في لندن، قال ناطق باسم وزارة الخارجية البريطانية إن الوزارة أخذت علما "بالقلق" الذي عبرت عنه إيران وقدمت أيضا "تعازيها".

ورأى مرشد الجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي في الهجوم "استمرارا لتآمر حكومات المنطقة لحساب الولايات المتحدة".

أما الولايات المتحدة التي تخوض مواجهة مع إيران، فقد أكدت على لسان سفيرتها في الأمم المتحدة نيكي هايلي أنها "تدين كل هجوم إرهابي في أي مكان".

واتهم مسؤولون إيرانيون السعودية حليفة واشنطن في المنطقة بتسليح وتمويل المجموعة المسلحة، بينما اتهم آخرون "دولتين (عربيتين) في الخليج".

ويسود توتر شديد بين طهران والرياض حول ملفات عديدة في الشرق الأوسط وخصوصا حول نزاعي سوريا واليمن.

وقطعت العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران في يناير/كانون الثاني 2016.

والعلاقات بين إيران والإمارات العربية متوترة أيضا، حيث تعد الإمارات شريكا رئيسا في الحرب التي يشنها التحالف العربي على المتمردين الحوثيين في اليمن المدعومين من إيران.

وتوعد الحرس الثوري الإيراني اليوم الأحد بانتقام "مميت لا ينسى" من منفذي الهجوم على العرض العسكري مما أدى إلى مقتل 29 شخصا منهم 12 من أفراد الحرس واتهمت طهران دولا عربية خليجية بدعم المسلحين.

ووجه هجوم أمس السبت، وهو من أسوأ الهجمات على الإطلاق ضد الحرس الثوري، لطمة للمؤسسة الأمنية الإيرانية في وقت تعمل فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها من دول الخليج على عزل طهران.

وقال الحرس الثوري في بيان نقلته وسائل إعلام حكومية "نظرا لمعرفة الحرس الثوري الكاملة بمراكز انتشار زعماء الإرهابيين المجرمين... فإنهم سيواجهون انتقاما مميتا لا ينسى في المستقبل القريب".

إيران تعامل عرب الأحواز كمواطنين درجة ثانية
إيران تعامل عرب الأحواز كمواطنين درجة ثانية

وأطلق المهاجمون الأربعة النار على منصة في مدينة الأحواز في جنوب غرب البلاد، كان يحتشد فيها مسؤولون إيرانيون لمتابعة حدث سنوي بمناسبة ذكرى بدء الحرب العراقية الإيرانية التي دارت بين عامي 1980 و1988. وزحف الجنود مع انطلاق الأعيرة النارية وفرت نساء وأطفال للنجاة بحياتهم.

وصدرت تصريحات غاضبة من كبار المسؤولين الإيرانيين بمن فيهم الرئيس حسن روحاني منذ وقوع الهجوم استهدفت الولايات المتحدة ودول الخليج العربية وألقت اللوم عليها في إراقة الدماء وهددت برد عنيف.

وقال قادة كبار في الحرس الثوري إن الهجوم نفذه مسلحون دربتهم دول خليجية وإسرائيل بدعم من أميركا، لكن من غير المرجح أن يهاجم الحرس الثوري أي من هؤلاء الخصوم بشكل مباشر.

وقد يستعرض الحرس الثوري قوته بإطلاق صواريخ على جماعات معارضة تنشط في العراق أو سوريا قد تكون مرتبطة بالمسلحين الذين نفذوا الهجوم.

ومن المرجح أيضا أن يطبق الحرس الثوري سياسة أمنية مشددة في إقليم خوزستان وأن يعتقل أي معارضين محليين معروفين بمن فيهم نشطاء الحقوق المدنية.

وقال ثلاثة نشطاء عرب، إن قوات الأمن وخاصة فرع المخابرات التابع للحرس الثوري، احتجزت المزيد من النشطاء في الأحواز.

وقال حسين بوعزار وهو عضو في مركز الأحواز لحقوق الإنسان "هناك العديد من نقاط التفتيش في شوارع الأحواز وتقوم قوات الأمن بتفتيش السيارات... يشعر كثيرون بالخوف".

وشهدت إيران احتجاجات متفرقة في الشوارع بسبب صعوبات اقتصادية أدت إلى أصوات مناهضة للحكومة.