إيطاليا المنكوبة تقرض تونس 50 مليون يورو لمواجهة كورونا

السفير الإيطالي في تونس لورانزو فانار ينفي ارتباط الدعم المقدم إلى تونس بمبادرة الرئيس قيس سعيد التي عرض فيها إرسال فريق طبي إلى إيطاليا للمساعدة في مكافحة كورونا.

تونس - قالت مصادر بالبنك المركزي التونسي والحكومة اليوم الأربعاء إن إيطاليا التي تعاني من تفش كبير لوباء كورونا وافقت على إقراض تونس 50 مليون يورو للمساهمة في مواجهة الوباء.

وسجلت تونس حتى الآن 114 إصابة بفيروس كورونا وأربع وفيات بينما اجتاح الوباء إيطاليا التي أعلنت عن أكثر من خمسة آلاف حالة وفاة وآلاف الإصابات.

ويأتي القرض بعد يومين من اتصال هاتفي جرى بين الرئيسين التونسي والإيطالي أعلن خلاله رئيس تونس قيس سعيد استعداد بلاده لإرسال فريق طبي لمساعدة إيطاليا، التي سجّلت أول وفاة جراء الفيروس في أواخر شباط/فبراير، وأحصت إلى الآن 6820 وفاة من أصل 69176 إصابة لتتصدر البلدان المتضررة من كورونا تليها إسبانيا (3434 وفاة).

والاثنين، قال بيان للرئاسة التونسية إن قيس سعيد عرض على نظيره سيرجيو ماتاريلا "إرسال وفد طبي لمعاضدة جهود السلطات الإيطالية على الرغم من تواضع الإمكانيات المتوفرة في تونس، لأن الوضع اليوم في العالم يتعلق بالأمم كلها لا بدولة واحدة".

لكن السفير الإيطالي في تونس لورانزو فانارا، قال في تصريحات لإذاعة "موزاييك" المحلية الخاصة الأربعاء إن "الدعم غير مرتبط بمبادرة تونسية لإرسال فريق طبي إلى إيطاليا".

وتسعى تونس التي تعاني وضعا اقتصاديا صعبا لحشد جهودها لجمع تمويلات من مقرضين وشركاء دوليين لمواجهة آثار كورونا.

وقال رئيس الوزراء التونسي إلياس الفخفاخ إن تونس ستخصص 850 مليون دولار لمواجهة آثار فيروس كورونا اقتصاديا واجتماعيا، مشددا على ضرورة "الاتحاد" في هذه المعركة الاستثنائية.

وتشمل خطة المساعدات الحكومية احداث صندوق بمبلغ 700 مليون دينار من أجل هيكلة المؤسسات المتضررة، ووضع خط ضمان بقيمة 500 مليون دينار لتمكين المؤسسات من الحصول على قروض جديدة.

كما تشمل تخصيص 150 مليون دينار لمساعدة الفئات المجتمعية "الهشة".

وقبل يومين، قال وزير المالية التونسي نزار يعيش إن صندوق النقد سيقرض تونس ما لا يقل عن 400 مليون دولار لمساعدتها في مواجهة آثار أزمة كورونا.

ووقعت تونس مع صندوق النقد الدولي اتفاقية قرض بـ 2.9 مليار دولار في العام 2016 يتم صرفها على أربع سنوات مقابل اجراء اصلاحات اقتصادية واسعة وفقا لثماني مراجعات دورية.

غير ان البلاد التي واجهات أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية لم تتمكن من نيل سوى 1.6 مليار دولار (خمس مراجعات).

وأكد ممثل صندوق النقد الدولي في تونس جيروم فاشير أن السلطات التونسية قدّمت طلبا للاستفادة من آلية صندوق النقد للتمويل السريع من أجل التصدي لتداعيات كوفيد-19 على الاقتصاد التونسي.

ودخل الحجر الصحي العام حيز التنفيذ الأحد في تونس غير ان وسائل اعلام محلية نقلت تجاوزات قام بها تونسيون لم يلتزموا البقاء في منازلهم.

وأعلن سعيد تعزيز نشر قوات الجيش في البلاد "لحث المواطنين على ملازمة بيوتهم واحترام الإجراءات التي تم اتخاذها تجنبا للتجمعات والتنقلات التي ليس لها أي مبرر"، على ما جاء في بيان للرئاسة الاثنين.

ونالت تونس إشادة واسعة باعتبارها قصة النجاح الديمقراطي الوحيدة التي أفرزها الربيع العربي إذ لم توقد الاحتجاجات التي أطاحت بزين العابدين بن علي في 2011 شرارة قلاقل عنيفة، كالتي شهدتها سوريا وليبيا.

لكن منذ 2011، فشلت تسع وزارات في حل مشاكل تونس الاقتصادية، التي تشمل ارتفاع التضخم والبطالة، والآن تجد الحكومة الحالية نفسها أمام واقع قطاع الصحة المتردي الذي ينادي التونسيون منذ سنوات بإصلاحه رغم توفر إرادة لدى الأطباء وكفائتهم.

الإيطاليون يشيعون ضحايا كورونا في صمت من الحجر
الإيطاليون يشيعون ضحايا كورونا من الحجر

أما الجارة المقابلة على الضفة الأخرى من المتوسط إيطاليا، فقد هبت لمساعدتها في أزمة كورونا الصين وكوبا وروسيا عبر إرسال مساعدات طبية وخبراء للمشاركة في معالجة المصابين بعد أن أدارت دول التكتل الأوروبي ظهرها لها مكتفية بالبحث عن سبل أكثر صرامة لمنع انتشار الفيروس عبر تشديد الإجراءات المتخذة.

ورغم إغلاق الحدود بين الدول الأوروبية منذ الأسبوع الماضي إلا إن القارة العجوز تحولت إلى "بؤرة" جديدة لكورونا.

ومع تدهور الوضع في البلاد طلبت الحكومة الإيطالية المساعدة من الدول الأعضاء في الاتحاد، كما دعت المفوضية الأوروبية الدول الأعضاء لمساعدة إيطاليا.

وأعلنت فرنسا وألمانيا في البداية فرض قيود على صادرات المستلزمات الطبية كما لم تستجب الدول الأخرى لطلب المساعدة.

وكانت أول استجابة لطلبات السلطات الإيطالية، قادمة من الصين التي تبعد عنها آلاف الكيلومترات ثم روسيا وكوبا.

وأظهرت صور ومقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي إقدام مواطنون إيطاليون على نزع علم الاتحاد الأوروبي من بعض الواجهات بعدد من المواقع بالمدن الإيطالية، احتجاجا على عدم التضامن معهم خذلانهم من طرف شركاء الأوروبيين.

ومساء أمس الثلاثاء، فشل وزراء مالية مجموعة اليورو (يوروغروب) خلال اجتماع عبر الفيديو في الاتفاق على الإجراءات الواجب اتّخاذها لدعم اقتصادات التكتل في مواجهة تداعيات الوباء، تاركين بذلك أمر الاتّفاق على هذه الحزمة لقادة دولهم الذين سيعقدون قمة افتراضية الخميس.

والاجتماع الوزاري الذي استمر زهاء ساعتين انتهى إلى الفشل بدليل عدم تمكّن الوزراء من الاتفاق حتّى على بيان ختامي.

ووصل الأمر برئيس مجموعة اليورو ماريو سينتينو إلى حدّ القول إنّه ينتظر "بفارغ الصبر" اجتماع رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي المقرّر انقعاده الخميس، عبر الفيديو أيضاً، لكي يعمل الوزراء بـ"التوجيهات" التي سيتّفق عليها القادة.

وشدّد سينتينو، وزير المالية البرتغالي، على "أنّنا مستعدّون لوضع قرارهم موضع التنفيذ بعد وقت قصير" من صدوره.

وفي مواجهة الانكماش الاقتصادي الناجم عن كوفيد-19 تسعى إيطاليا، الأكثر تضرّراً من الوباء، مدعومة من فرنسا وإسبانيا، إلى الحصول على مساعدة مالية ضخمة من بقية الشركاء في الاتحاد الأوروبي، وهو أمر تعتبره دول الشمال، بقيادة ألمانيا وهولندا، سابقاً لأوانه.

ودول الشمال، الأكثر التزاماً بضوابط الموازنة من دول الجنوب، ترى أنّ خطة التحفيز المالي الضخمة التي أعلن عنها مؤخراً البنك المركزي الأوروبي، بوسعها، إذا ما لاقتها إجراءات إنفاق من الموازنات الوطنية، أن تفي بالغرض في الوقت الراهن لا سيّما وأنّ الأزمة المالية الناجمة عن الوباء لم تبلغ ذروتها بعد.

وفي حين تطالب دول الجنوب بوضع "آلية الاستقرار الأوروبية" في متناول الدول الأعضاء في منطقة اليورو، ترى دول الشمال أنّ هذه الترسانة المالية الضخمة هي ملاذ أخير ومن السابق لأوانه اللجوء إليها اليوم.