إيطاليا تعرض خطة سلام لإنهاء حرب أوكرانيا

روما تحذر من أزمتي غذاء وطاقة عالميتين وسط مخاوف من أن يطول أمد الحرب بين موسكو وكييف، فيما أمرت القيادة العسكرية الأوكرانية جنودها في مصنع الصلب بالتوقف عن القتال.
روسيا تقول إنها تقترب من السيطرة الكاملة على منطقة لوغانسك
خطة السلام الإيطالية تعتمد مبدأ "خطوة بخطو"
مجموعة التيسير ستتولى إعادة بناء الحوار بين طرفي الحرب  

فيناريا ريالي (إيطاليا) - عرضت إيطاليا على الأمم المتحدة خطة لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا تتضمن عدة بنود أساسها وقف إطلاق النار أولا ومفاوضات على عدة قضايا تهم طرفي الحرب والدول الأوروبية، فيما تأتي الخطة الإيطالية وسط مخاوف من نزاع طويل سيفجر أزمتي غذاء وطاقة في العالم.

واقترحت روما على المنظمة الأممية تشكيل "مجموعة تيسير دولية" لمحاولة التوصل "خطوة إثر خطوة" إلى وقف لإطلاق النار في أوكرانيا، وفق أعلن وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو الجمعة.

وتأتي هذه الخطة بينما قالت موسكو إنها تقترب من السيطرة الكاملة على منطقة لوغانسك الأوكرانية في وقت أعلن فيه الجنود الأوكرانيون المتحصنون بمصنع آزوفستال الضخم للصلب أنهم تلقوا أمرا من كييف بالتوقف عن القتال.

وقال الوزير الإيطالي خلال مؤتمر صحافي لوزراء مجلس أوروبا قرب تورينو (شمال) إن "خطة السلام الإيطالية هي اقتراح بحثته مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في نيويورك قبل يومين (الأربعاء) بخصوص إنشاء مجموعة تيسير دولية تضم منظمات دولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا".

وأضاف أن "الهدف هو العمل خطوة بخطوة، البدء على سبيل المثال بهدنات محلية وإجلاء مدنيين واحتمال فتح ممرات إنسانية آمنة ومن ثم تكثيف العمل من أجل التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار ثم سلام دائم مع اتفاق سلام حقيقي".

وتأتي المبادرة الإيطالية في وقت طال فيها أمد النزاع في أوكرانيا ما يهدد بتفاقم أزمات الطاقة والغذاء على الصعيد العالمي لأنه عطل بشكل كبير النشاط الزراعي وتصدير الحبوب من أوكرانيا، الدولة التي كانت حتى الآن رابع مصدر عالمي للذرة وفي طريقها لتصبح ثالث أكبر مصدر للقمح.

وقال دي مايو إن "مجموعة التيسير" التي اقترحتها على الأمم المتحدة يجب أن تحاول "إعادة بناء الحوار بين طرفين في حالة حرب حاليا"، مضيفا "لقد وزعنا هذا الاقتراح على مجموعة السبع في الأيام التي سبقت زيارتي لنيويورك. وسنواصل تعزيز المبادرات التي يمكن أن تسهل الحوار".

خطة السلام الايطالية تشمل وقف النار ونزع الأسلحة من الجبهة ومفاوضات حول وضع أوكرانيا واتفاق ثنائي بين طرفي الحرب حول القرم ودونباس واتفاق سلام متعدد الإطراف

ولم تنشر تفاصيل هذه الخطة، لكن بحسب صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية فإن الوثيقة المفصلة التي سلمت للأمم المتحدة وأعدها دبلوماسيون من وزارة الخارجية الإيطالية تركز على أربع نقاط هي على التوالي:

أولا: وقف إطلاق النار في أوكرانيا ونزع الأسلحة من الجبهة بإشراف الأمم المتحدة.

ثانيا: مفاوضات حول وضع أوكرانيا التي ستنضم إلى الاتحاد الأوروبي لكن ليس حلف شمال الأطلسي (الناتو).

ثالثا: اتفاق ثنائي بين أوكرانيا وروسيا حول القرم ودونباس (ستتمتع هذه الأراضي المتنازع عليها بالحكم الذاتي الكامل مع الحق في ضمان أمنها ولكنها ستكون تحت السيادة الأوكرانية).

رابعا: إبرام اتفاق متعدد الأطراف للسلام والأمن في أوروبا هدفه بشكل خاص نزع الأسلحة وضبط الأسلحة ومنع النزاعات.

والنقطة الثالثة تحديد والمتعلقة بمنح القرم التي ضمتها روسيا في 2014 ودونباس التي سيطر عليها الروس في الأيام الأخيرة، لن تحظى بقبول موسكو في حال طرحت خارطة الطريق الايطالية للسلام، فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين ما كان ليغزو أوكرانيا إلا من أجل تشكيل حزام جغرافي يربط القرم بعدة مناطق بما فيها لوغانسك ودونيتسك الانفصاليتين و دونباس التي قالت وزارة الدفاعية الروسية إن قواتها تقترب من السيطرة عليها.

ومن غير الوارد أيضا أن تنسحب روسيا من مدينة ماريوبول الساحلية الإستراتيجية بعد الذي تكبدته من خسائر بشرية وفي العتاد في مواجهة مقاومة أوكرانية شرسة وفي الوقت الذي بدأ فيه المقاتلون الأوكرانيون في الاستسلام ومن تبقى منهم متحصنا في مصنع الصلب تلقى أوامر بوقف القتال.

وايطاليا، ثالث اقتصاد في منطقة اليورو، متأثرة بشكل خاص بالنزاع في أوكرانيا بسبب اعتمادها على الغاز الروسي، إذ تستورد البلاد التي لا تملك موارد طاقة كبرى ولا محطات نووية، 95 بالمئة من الغاز الذي تستهلكه وبينه 40 بالمئة كان مصدره روسيا عام 2021.

ويشير هذا الوضع إلى حرص إيطالي على كبح تداعيات الحرب الأوكرانية على اقتصاد البلاد التي تأثرت بالفعل بالعقوبات الغربية على روسيا بينما تكابد في ايجاد بدائل كافية من الطاقة في حال تخلي أوروبا نهائيا عن الإمدادات من روسيا.

وفي تطور ميداني يعتبر مهما في مسار الحرب، أعلن القائد العسكري الأوكراني دينيس بروكوبينكو الجمعة في رسالة عبر الفيديو أن آخر الجنود الأوكرانيين المتحصنين في مصنع آزوفستال للصلب في مدينة ماريوبول، تلقوا أمرا من كييف بأن "يتوقفوا عن الدفاع عن المدينة".

وقال بروكوبينكو وهو أحد قادة كتيبة آزوف إحدى الوحدات الأوكرانية الموجودة في المصنع، أن "القيادة العسكرية العليا أعطت الأمر بإنقاذ حياة الجنود... والتوقف عن الدفاع عن المدينة".

موسكو: 1908 من الجنود الأوكرانيين المتحصنين بمصنع الصلب بماريوبول استسلموا
موسكو: 1908 من الجنود الأوكرانيين المتحصنين بمصنع الصلب بماريوبول استسلموا

وبعد عملية إجلاء مدنيين بينهم نساء وأطفال من آزوفستال، استسلم منذ الاثنين 1908 من الجنود والمسلحين الأوكرانيين كانوا متحصنين في المصنع بينهم جرحى، وفق ما أعلن وزير الدفاع الروسي الجمعة.

وقال بروكوبينكو "نجحنا في إنقاذ المدنيين، تلقى المصابون بجروح خطيرة المساعدة اللازمة، نجحنا في إجلائهم بغية إجراء تبادل لاحقا"، مضيفا أن "العملية مستمرة لإجلاء جثث عسكريين. آمل أن تتمكن العائلات وأوكرانيا كلها قريبا من دفن مقاتليها بشرف. المجد لأوكرانيا".

وعلى الطرف المقابل أكد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو الجمعة أن السيطرة الكاملة على منطقة لوغانسك الأوكرانية (شرق) باتت شبه منجزة، وأن 1908 جنود أوكرانيين متحصّنين في مصنع آزوفستال للصلب في ماريوبول استسلموا.

وقال أثناء اجتماع مع مسؤولين في وزارته والجيش بثّه التلفزيون، إن "وحدات القوات المسلحة الروسية مع فرق الميليشيا الشعبية في جمهوريات لوغانسك ودونيتسك الشعبيتين، تواصل بسط السيطرة على أراضي دونباس. تحرير جمهورية لوغانسك الشعبية بات شبه منجز".

وقبيل إطلاق غزوها لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط، اعترفت موسكو باستقلال منطقتي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين اللتين يسيطر على جزء منهما الانفصاليون الموالون لروسيا منذ 2014.

وفي منطقة لوغانسك، يحاصر الروس سيفيرودونيتسك وليسيتشانسك اللتين يفصل بينما نهر وتشكلان آخر جيب للمقاومة الأوكرانية في المنطقة.

وأشار شويغو إلى أن 1908 جنود أوكرانيين متحصّنين منذ أسابيع في مصنع آزوفستال للصلب في ماريوبول استسلموا. وقال إن "القوميين العالقين في المصنع بدؤوا الاستسلام. حاليا، ألقى 1908 أشخاص السلاح".

وأكد أن الأوكرانيين حاولوا في الثامن من مايو/ايار السيطرة على جزيرة الثعبان وهي نقطة إستراتيجية في البحر الأسود سيطر عليها الروس في بداية الحرب، لكنّ الأوكرانيين لم ينجحوا في ذلك.

وتابع "عشية يوم النصر، قامت السلطات الأوكرانية بمغامرة للسيطرة على جزيرة الثعبان... تبين أن هذا العمل المريب كان فشلا ذريعا"، مؤكدا أن القوات الروسية قتلت 50 عسكريا من قوات النخبة الأوكرانية ودمّرت أربع طائرات وعشر مروحيات و30 طائرة مسيرة وثلاث سفن.