ابتزاز الدول باحتجاز مواطنيهم دبلوماسية إيرانية بامتياز

فرنسا تخرج عن صمتها وتطالب السلطات الإيرانية بإطلاق سراح إثنين من مواطنيها قامت باحتجازهم منذ يونيو الماضي.

باريس - طالبت فرنسا اليوم الأربعاء إيران بالإفراج الفوري عن اثنين من مواطنيها تحتجزهما منذ يونيو/حزيران في خطوة من المرجح أن تعقد جهود باريس لنزع فتيل التوتر بين واشنطن وطهران.

وأكدت وزارة الخارجية الفرنسية أن رولان مارشال الباحث في معهد الدراسات السياسية في باريس محتجز في إيران.

وطالب مسؤولون فرنسيون وأسرته بالحفاظ على سرية المعلومات نظرا للنزاعات الراهنة في المنطقة خشية الإضرار بمفاوضات محتملة.

كما تحتجز طهران فاريبا عادل خواه زميلة مارشال وهي فرنسية من أصل إيراني منذ يونيو/حزيران.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية أنييس فون دير مول في إفادة "نريد من السلطات الإيرانية التحلي بالشفافية في ملف مارشال وزميلته والتحرك سريعا لإنهاء هذا الوضع غير المقبول".

وأضافت أن مسؤولين من القنصلية زاروا مارشال وتم تكليف محام لمتابعة قضيته بينما رفضت إيران توفير الأمر نفسه لفاريبا نظرا لأنها تحمل الجنسية الإيرانية ووصفت طلب فرنسا الإفراج عنها بأنه تدخل في شؤونها الداخلية.

وقال بيان الوزارة "لا يوجد أي مبرر للقبض على فاريبا عادل خواه ورولان مارشال. أنشطتهما أكاديمية بحتة ولا تربطهما أي صلات بأي حال بأي جهاز مخابرات ولم يمارسا أي نشاط سياسي في إيران".

وألقت إيران القبض على الفرنسيين في وقت تحاول فيه فرنسا ودول أوروبية أخرى حل الأزمة المتعلقة بالاتفاق النووي المبرم مع طهران في عام 2015 بعد انسحاب الولايات المتحدة منه في العام الماضي.

وعلى إثر القرار الأميركي، أعلنت إيران وقف الالتزام ببعض تعهداتها بموجب الاتفاق الرامي إلى الحد من أنشطتها النووية لقاء رفع عقوبات اقتصادية كانت مفروضة عليها.

وتحاول إيران حمل الأوروبيين الراغبين في الحفاظ على الاتفاق على اتخاذ تدابير تمكنها من الالتفاف على العقوبات الأميركية، لكن الشركات الأوروبية غير مستعدة للمجازفة بالتعرض لملاحقات وغرامات قاسية من السلطات الأميركية.

وبداية أكتوبر/ تشرين الأول الجاري دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كل من الولايات المتحدة وإيران إلى الحوار، قبل نحو شهر من بدء طهران المرحلة الرابعة لخفض التزاماتها في الاتفاق النووي.

اي

وفرنسا هي من بين القوى الكبرى الموقعة على الاتفاق النووي الإيراني، ورجحت وسائل إعلام فرنسية أن يكون باريس قد تكتمت عن تفاصيل تفاوضها مع طهران حول إطلاق سراح مارشال وعادل خواه بسبب سعي ماكرون جاهدا للحفاظ على الاتفاق النووي وهو ما يفسر استقباله وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف بشكل مفاجئ عشية قمة مجموعة السبع في بياريتس، بجنوب غربيّ فرنسا في أغسطس/آب الماضي. 

وإلتقى ماكرون بنظيره الإيراني حسن روحاني خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي انعقد في نيويورك في سبتمبر الماضي.

ثم أصدرت فرنسا في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول تحذيرا لمواطنيها من السفر إلى إيران ونصحتهم بتأجيل كافة خططهم للسفر مشيرة إلى مخاطر بسبب "عمليات الضبط والاحتجاز التعسفية لأجهزة الأمن والمخابرات الإيرانية لا سيما فيما يتعلق بتواصل مواطنين أجانب مع السكان خاصة العاملين في الجامعات".

وفي واقعة منفصلة قالت إيران يوم الاثنين إن عناصر من الحرس الثوري ألقوا القبض على صحفي يقيم في باريس وأعادوه إلى إيران للاشتباه في تورطه في تأجيج احتجاجات مناهضة للحكومة في أنحاء إيران في العام الماضي عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وأكدت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية اليوم الأربعاء أن الصحفي روح الله زام حصل على اللجوء السياسي لفرنسا لكنها لم تذكر أي تفاصيل بشأن ملابسات القبض عليه خارج فرنسا.

وأضافت "نؤكد التزامنا باحترام حكم القانون بما في ذلك حرية التعبير وحق اللجوء ونندد بشدة بالقبض على السيد زام".

وشهدت العلاقات الفرنسية-الإيرانية قبل وساطة ماكرون بين واشنطن وطهران، نوعا من التصعيد الكلامي والاتهامات المتبادلة، سواء بسبب اعتقال مواطنين فرنسيين أو عدم احترام حقوق الإنسان وأيضا بسبب قلقها من تبعات البرامج الصاروخية والباليستية الإيرانية ومن السياسات الإقليمية لطهران التي ترى فيها تهديدا لأمن واستقرار المنطقة.

والعام الماضي اتهمت السلطات الفرنسية إيران بالتخطيط لتنفيذ تفجير كان يستهدف تجمعا للمعارضة الإيرانية بباريس قبل أن يتم إحباطه في يونيو/حزيران 2018.

وفي تشرين الأول/أكتوبر الماضي أوقفت إيران الفرنسية نيلي إيرين ووجهت إليها تهمة "الدخول بطريقة غير مشروعة" إلى البلاد قبل أن تطلق سراحها في شباط/فبراير 2019 بضغط من باريس.

ودأبت إيران على تحتجز الأجانب، خاصة أولئك الذين يحملون الجنسيتين، وازدادت هذه التوقيفات بتهم مختلفة منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي.

وبشكل عام، لا تعترف إيران بازدواج الجنسية ولا تسمح بلقاءات قنصلية مع معتقلين إيرانيين يحملون جنسيات أخرى.

وفي مايلي أبرز الأجانب الذين أوقفوا في إيران منذ 2015

  • في الخامس من تشرين الأول/أكتوبر 2019 أعلنت وزارة الخارجية الاسترالية الإفراج عن جولي كينغ وصديقها مارك فيركن المتحدرين من بيرث واللذين أكدت طهران توقيفهما بتهمة "التجسس" في أيلول/سبتمبر.
  • في 11 أيلول/سبتمبر، أكدت طهران أن الأستاذة في جامعة ميلبورن كايلي مور-غيلبرت المتخصصة في سياسة الشرق الأوسط معتقلة بتهمة "التجسس لحساب دولة أخرى".
  • أوقفت الصحافية الروسية يوليا يوزيك في 3 تشرين الأول/أكتوبر 2019 في طهران في غرفتها في الفندق بتهمة التعاون مع أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، وفق ما أفاد زوجها السابق الصحافي بوريس فويتسيخوفسكي. وقد أفرج عنها في العاشر من الشهر نفسه.
  • حكم على العسكري الأميركي السابق مايكل آر رايت في آذار/مارس 2019 بالسجن سنتين لإهانته المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، وبالسجن عشر سنوات لنشره صورا شخصية على شبكات التواصل الاجتماعي، كما قال محاميه. وهو أوقف في تموز/يوليو خلال زيارة لصديقته، كما قالت والدته.
  • أوقف الباحث الصيني الأميركي في جامعة برنستون تشيوي وانغ في آب/أغسطس 2016 وحكم عليه في تموز/يوليو 2017 بالسجن عشر سنوات بتهمة "التجسس".
  • في تشرين الأول/أكتوبر 2016، أفادت صحف أميركية أنه حكم على الإيراني الأميركي غلام رضا شاهيني بالسجن 18 عاما. وصرح رضا شاهيني لصحيفة "لوس أنجليس تايمز" من سجن إيراني أنه أدين "بالتعاون مع حكومة أجنبية" بعد توقيفه في تموز/يوليو خلال زيارة لوالدته وعائلته في إيران.
  • منذ تشرين الأول/أكتوبر 2016 يقضي إيرانيان أميركيان هما رجل الأعمال سياماك نمازي ووالده محمد باقر نمازي عقوبة بالسجن عشر سنوات بتهمة "التجسس والتعاون مع الحكومة الأميركية".
  • أوقف سياماك نمازي في تشرين الأول/أكتوبر 2015. أما والده البالغ من العمر أكثر من ثمانين عاما، فاعتقل في شباط/فبراير 2016 عندما جاء لمحاولة التوصل إلى الإفراج عن ابنه.
  • في 16 كانون الثاني/يناير 2016، أفرج عن أربعة إيرانيين أميركيين هم الصحافي جيسون رضايان المتهم بالتجسس والقس سعيد عابديني والبحار السابق أمير حكمتي ونصرت الله خسروي في إطار عملية تبادل غير مسبوقة مع الولايات المتحدة التي أطلقت سراح سبعة معتقلين إيرانيين.
  • كما أفرج عن الطالب الأميركي ماثيو تريفيثيك لكن خارج إطار عملية التبادل هذه. وتم تبادل المعتقلين في اليوم الأول من بدء تطبيق الاتفاق النووي المبرم في 2015.
  • في الأول من كانون الأول/أكتوبر 2019، أكدت إيران توقيف عالم الأنتروبولوجيا الإيراني البريطاني كميل أحمدي المستهدف بتحقيق حول شبهات بشأن "ارتباطات مع دول أجنبية ومعاهد تابعة لأجهزة أجنبية".
  • منذ 2016 تقبع الإيرانية البريطانية نازانين زغاري رادكليف في السجون الإيرانية بتهمة التحريض على الفتنة، بعدما أوقفت في مطار طهران بعد زيارة لعائلتها مع ابنتها البالغة من العمر 22 شهرا.
  • حكم على زغاري راتكليف العاملة في "مؤسسة تومسون رويترز" فرع العمل الإنساني لوكالة الأنباء الكندية البريطانية التي تحمل الاسم نفسه، بالسجن خمس سنوات بتهمة المشاركة في تظاهرات ضد النظام عام 2009، وهو ما تنفيه.
  • في كانون الأول/ديسمبر 2018، عاد الأستاذ الجامعي الإيراني البريطاني عباس عدالت إلى المملكة المتحدة بعد توقيفه تسعة أشهر.
  • في شباط/فبراير 2018، توفي الأستاذ الجامعي والمدافع عن البيئة الإيراني الكندي كاووس سيد إمامي في السجن بعد أقل من شهر على توقيفه. وأفادت السلطات الإيرانية أنه "انتحر" لكن عائلته وزملاء له شككوا في ذلك. وعادت زوجته إلى كندا في 11 تشرين الأول/أكتوبر 2019 بعد احتجازها 18 شهرا في إيران.
  • في 11 حزيران/يونيو 2019، أفرج عن نزار زكا اللبناني المقيم في الولايات المتحدة الذي أوقف في 2015 وحكم عليه بالسجن عشر سنوات بتهمة "التجسس" لحساب واشنطن. وعند عودته إلى بيروت نفى كل الاتهامات الموجهة إليه.