اتحاد الشغل التونسي استنفد كل أوراقه في معركة ليّ الأذرع مع سعيد

المنظمة الشغيلة تصف سياسة الدولة الاقتصادية بـ"الليبرالية الفاشلة القائمة على الريع والمضاربة والاحتكار"، فيما تحدث نورالدين الطبوبي عن أطراف تسعى إلى سحب البساط من تحت أقدام الاتحاد.
اتحاد الشغل يشهر ورقة التحركات دفاعا عن الحق النقابي والحقّ في التفاوض

تونس - دعا الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر مركزية نقابية) الحكومة إلى مفاوضات جديدة للزيادة في أجور العمال، محذرا مما أسماه "انفجارا اجتماعيا وشيكا نتيجة السياسة الاقتصادية للدولة"، فيما تحدث نورالدين الطبوبي الأمين العامة للمنظمة عن "أطراف تسعى إلى سحب البساط من تحت أقدام الاتحاد" ويأتي هذا التصريح بعد أيام من إعلان الحكومة التونسية بتوجيهات من الرئيس قيس سعيد عن الترفيع في قيمة المساعدات المالية المخصصة للعائلات الفقيرة لدعمها على مجابهة مصاريف العودة المدرسية، في خطوة لاقت استحسانا.

ووصفت المنظمة الشغيلة في بيان أصدرته عقب اجتماع موسع لمكتبها التنفيذي الأربعاء سياسة الدولة التنفيذية بـ"الليبرالية الفاشلة القائمة على الريع والمضاربة والاحتكار وعلى منظومة مالية غلبت عليها هيمنة البنوك"، داعية الحكومة إلى "عقد جلسة تقييمية عاجلة مع الاتحاد تتمحور حول الوضع الاقتصادي والإجتماعي من أجل مراجعة الأجر الأدنى".

وجددت رفضها لما أسمتها "سياسة إلغاء الدعم المقنّع"، منتقدة "الأسلوب الذي تنتهجه السلطة التنفيذية في التعاطي مع النقص في التزوّد بالمواد الأساسية والتهاب الأسعار". 

واتهم الاتحاد السلطة السياسية القائمة بـ"سدّ باب الحوار الاجتماعي وانتهاك الحقّ النقابي وضرب مصداقية التفاوض بعدم تنفيذ الاتفاقيات المبرمة''، مطالبا بعودة الحوار الاجتماعي وفتح التفاوض في مجمل القضايا القطاعية والجهوية المطروحة.

ونددت المنظمة بما أسمته "حجز وزارة التربية لأجور عدد من مدرّسي التعليم الأساسي وسحب الإدارات من عدد من المديرين"، واصفة القرارات التي اتخذت على خلفية حجب أعداد تلاميذ التعليم الأساسي بـ"الجائرة" وطالبت بإلغائها وصرف أجور المدرسين.

وقال الطبوبي إن "اتحاد الشغل لن يتخلى عن دوره الوطني والسياسي في ظل وجود أطراف، لم يسمّها، تسعى إلى سحب البساط من تحب أقدام المنظمة"، وفق صحيفة "الشعب نيوز" الناطقة باسم المنظمة.

ولوّح الاتحاد بالدخول في "تحركات نضالية دفاعا عن الحق النقابي وعن الحقّ في التفاوض حول المطالب المشروعة للشغالين العمال".

ولطالما أشهرت المركزية النقابية ورقة الشارع لابتزاز السلطة بهدف تحقيق مطالبها بذريعة الدفاع عن حقوق العمال، لكن الرئيس قيس سعيد فوّت عليها الفرصة في العديد من المناسبات برفضه الرضوخ للضغوطات التي مارسها اتحاد الشغل من أجل استعادة دوره كشريك سياسي مثلما كان الحال خلال المنظومة السابقة.

وكان الأمين العام لاتحاد الشغل نورالدين الطبوبي قد أعلن في يونيو/حزيران الماضي الانتهاء من صياغة مبادرته التي انضمت إليها عمادة المحامين التونسيين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية الاجتماعية، مشيرا إلى أنها ستطرح على السلطة السياسية القائمة والرأي العام خلال الفترة المقبلة.

لكن سعيّد لم يبد أي تجاوب مع المبادرة التي سوّق لها اتحاد الشغل على أنها تتضمن خارطة طريق لإنهاء ما يصفها بـ"الأزمة السياسية"، متجاهلا كافة رسائل التهديد التي وجهها الطبوبي خلال العديد من التجمّعات العمالية.

وتمسك الرئيس التونسي بموقفه الواضح الرافض للرضوخ للضغوط التي مارسها اتحاد الشغل لدفع السلطة السياسية إلى إشراكه في صنع القرارات وهو ما يعتبره سعيد تشكيكا في شرعية مسار 25 يوليو/تموز.

ومثل العديد من الدول تعاني تونس أزمة اقتصادية حادة فاقمتها تداعيات تفشي جائحة كورونا وارتفاع تكلفة استيراد الطاقة والغذاء؛ إثر الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة منذ 2022، بينما اتهم الرئيس التونسي قيس سعيّد في أكثر من مناسبة عددا من المعتقلين بالمسؤولية عن شحّ بعض السلع وارتفاع الأسعار وهو ما تنفيه المعارضة.
وفي 15 أيلول/سبتمبر 2022 توصل الاتحاد والحكومة إلى اتفاق على زيادة أجور موظفي الدولة بنسبة 3.5 في المئة ومن حينها دعا الاتحاد أكثر من مرة إلى عقد جلسات تفاوض جديدة مع الحكومة لكنها لم تستجب.

وأعرب العديد من التونسيين خلال الآونة الأخيرة عن خشيتهم من أن تستغل نقابات التعليم المنضوية تحت الاتحاد العام التونسي للشغل العودة المدرسية المقبلة لشنّ تحركات احتجاجية للضعط من أجل تحقيق مطالبها، لكن سعيد شدد على أن الدولة ستتصدى لأي محاولات تهدف إلى إرباط انطلاقة الموسم الدراسي الجديد.