اتحاد الشغل يشكو 'بيع' تونس لإردوغان

الطبوبي يؤكد ان جهات سياسية لها علاقات بتركيا باعت مقدرات البلاد لضمان بقائها في الحكم مشيرا انها تخدم المصالح التركية على حساب المصالح الوطنية.

تونس - واصل الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي وهو اعرق منظمة عمالية في تونس كشف بعض حيثيات الاتفاق المشبوه الذي عقدته السلطات التونسية مع شركة تركية لتمكينها من امتياز استغلال مطار النفيضة الحمامات الدولي بمقابل رمزي.
وفي هذا الإطار قال الطبوبي في اجتماع عمالي بجهة الحمامات جنوب العاصمة السبت ان الأطراف التي تدعي محاربة الفساد في البلاد تقف وراء منح امتيازات للأتراك في مطار النفيضة.
وقال نور الدين الطبوبي في تلميح لأحزاب الإسلام السياسي التي تربطها علاقات قوية من النظام التركي"ان تلك الأطراف باعت مقدرات البلاد لأطراف أجنبية على راسها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لضمان بقائها في الحكم".
وأضاف الطبوبي ان بعض الأطراف المشاركة في السلطة تتقرب من اردوغان عبر خدمة المصالح التركية على حساب المصالح الوطنية.
واتهم الامين العام لاتحاد الشغل اطرافا سياسية بمحاولة التغلغل داخل المنظمة العمالية وذلك خدمة لمصالحها مشيرا بانه يعلم جيدا في اي مربع تتحرك تلك الاطراف مضيفا "نحن مؤتمنون على الاتحاد".
وفازت شركة مطارات تاف القابضة التركية بإنشاء مشروع  مطار النفيضة الحمامات الدولي (حوالى 75 كلم عن تونس العاصمة) في 2017 بموجب عقد لمدة 40 سنة.
وتشوب مشروع المطار شبهات فساد تعززت بتكرار عدد من الحوادث فيه، حيث شهدت قاعاته انهيارات وتسرب مياه وخسائر مادية خلال فصل الشتاء بسبب بنيته التحتية غير المطابقة للمواصفات ما أدى إلى إغلاقه أمام المسافرين في العديد من المناسبات.

وقال الطبوبي ان الدولة التونسية لم تتحصل على مليم واحد من الشركة التركية المستغلة وذلك منذ 2008.

وتهجمت شخصيات فازت في الانتخابات التشريعية الأخيرة ضمن الائتلاف الانتخابي المحافظ “ائتلاف الكرامة”، مؤخرا على قيادات في الاتحاد العام التونسي للشغل وكان أهمها تصريحات استفزازية دأب على الإدلاء بها سيف الدين مخلوف مع كل ظهور إعلامي له.
ووجه مخلوف بعد فوز "ائتلاف الكرامة" بـ21 مقعدا في البرلمان اتهامات بالفساد لمسؤولين في اتحاد الشغل دون تقديم أدلة واضحة، معلنا رفضه التام لمشاركة المنظمة النقابية في المشاورات التي تهم الوضع العام بالبلاد.
وينتهج أعضاء ائتلاف الكرامة وهو جزء من الاسلام السياسي في تونس نفس الأسلوب الذي اعتمدته ما يسمى بـ"رابطة حماية الثورة" عام 2012 لإزاحة اتحاد الشغل من الشأن الوطني والتخلص من الضغوط النقابية التي تسلّط على الحكومة للدفاع عن حقوق العمال وعن الحريات الاجتماعية والاقتصادية.
وشن أفراد متشددون ينتمون إلى "رابطة حماية الثورة" هجوما بالسكاكين والعصي آنذاك على مقر اتحاد الشغل بالعاصمة واعتدت على بعض قياداته اعتراضا على فرض مطالب الموظفين على الحكومة التي تزعمتها النهضة.
وبعد الانتخابات التي جرت الشهر الماضي وصلت حدة الاتهامات التي يطلقها سيف الدين مخلوف تجاه أعضاء اتحاد الشغل إلى توصيف عضو قيادته المركزية سامي الطاهري بكونه من سلالة جوزيف ستالين، مطلقا تهديداته بالملاحقة بعد صعوده وأعضاء رابطات حماية الثورة إلى البرلمان.
وردا على ذلك أعلن اتحاد الشغل جاهزيته للتصدي لأي محاولة للاعتداء عليه من جديد ورفع قضية ضد سيف الدين مخلوف بتهمة المغالطة ونشر خطاب الكراهية والعنف والادعاء بالباطل.
ويرى مراقبون أن تصريحات مخلوف خطة سياسية تنبني على خطاب تحريضي وإقصائي بهدف ترهيب النقابيين وإثنائهم عن رفع مطالب مهنية خلال الدورة النيابية الجديدة للحكم، خاصة وأنه من المتوقع أن يكون حليف حركة النهضة الإسلامية في الحكم.
وبعد سقوط نظام زين العابدين بن علي في 2011، عزز حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا استثمارات ضخمة في تونس بالتعاون مع حكومات كان لحليفته حركة النهضة الإسلامية تمثيلا كبيرا فيها.
واستغلت أنقرة الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تونس في السنوات الأخيرة للتسلل إلى السياسة التونسية عبر بوابة الاستثمار في مجالات عدة واسناد القروض الميسرة لتصبح تونس أهم وجهة استثمارية لتركيا في شمال إفريقيا.
وظلت حركة النهضة طيلة 8 سنوات مسيطرة على العمل البرلماني ما أتاح لها بأريحية تامة تمرير كل القوانين التي تريد أو تزكية رؤساء الحكومات التي تريد، ووضعها فوزها بأغلبية برلمانية في الانتخابات التشريعية الأخيرة أمام حكم البلاد بسكل مباشر وهي تبحث حاليا مع اتحاد الشغل والأحزاب الأخرى وشخصيات سياسية تونسية تشكيل حكومة يبدو أنها ستكون أصعب مرحلة تمر بها الحركة الإسلامية منذ تأسيها، نظرا لاختيار أغلب الأحزاب الاصطفاف في المعارضة تجنبا للمشاركة في الفشل الذي لازم حكم الإسلاميين منذ 2011.
وانسحب نواب حركة النهضة العام الماضي من جلسة مجلس النواب، عند التصويت على رفع معاليم ديوانية على السلع المستوردة، وفق الفصل 36 من قانون المالية المتعلق برفع الرسوم على السلع التركية بنسبة 90 بالمئة، لمنع تمرير القرار.
وأكد تقرير لموقع كيو بوست العام الماضي أن احتجاج نواب حركة النهضة، التي تربطها علاقة أيديولوجية مع الحزب الحاكم في تركيا، يصب في مصلحة اقتصاد أنقرة على حساب تونس، إذ يعتبر خبراء اقتصاديون بأن الواردات التركية، هي خيار سياسي، بدأ منذ عام 2011، مع وصول حركة النهضة إلى الحكم.
وانتقد التونسيون آنذاك اختيار نواب الحركة الإسلامية المحافظة على امتيازات المقدمة لتركيا على مصلحة اقتصاد تونس، رغم الارتفاع الهائل في نسبة التضخم وارتفاع ميزان العجز التجاري، وما تحتاجه البلاد من دفع لاقتصادها المتضرر منذ ثورة 2011.