اتساع الحراك الشعبي يفكك حكومة بدوي قبل تشكيلها

صحيفة محلية تعتبر رفض الحراك الشعبي المشاركة في لقاء تشاوري لتشكيل حكومة وفاق ضربة موجعة لجهود نورالدين بدوي، فيما اعتبرت صحيفة أخرى حكومة بدوي 'ضرس مسوس للسلطة'.

الحراك الشعبي يدير ظهره لدعوات السلطة
بدوي يواجه عقبات كثيرة على طريق تشكيل حكومة وفاق
رفض شعبي واسع للتهدئة قبل رحيل النظام

الجزائر - يواجه رئيس الوزراء الجزائري المكلف نورالدين بدوي عقبات كبيرة أمام تشكيل "حكومة كفاءات موسعة" متوافق عليها، بعد رفض أحزاب معارضة و13 نقابة دعوته للتشاور.

والأحد، شرع بدوي في أولى مشاورات تشكيل حكومة كفاءات موسعة في الجزائر التي تشهد حراكا شعبيا غير مسبوق للمطالبة برحيل نظام الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة منذ 22 فبراير/شباط الماضي.

وفي 11 مارس/آذار الجاري، أعلن بوتفليقة إقالة الحكومة وسحب ترشحه لولاية خامسة، وتأجيل انتخابات الرئاسة استجابة لمطالب الشارع وكلف وزير داخليته نورالدين بدوي، بتشكيل حكومة كفاءات جديدة.

غير أن أغلب أحزاب المعارضة أعلنت رفضها المشاركة في الحكومة وأبرزها حزب حركة مجتمع السلم الإسلامي (حمس) وطلائع الحريات بقيادة رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس‎، فيما تمسك ناشطون من الحراك بضرورة تشكيل حكومة وفاق ترأسها شخصية مستقلة وغير محسوبة على النظام.

ودعا بدوي في مؤتمر صحفي الخميس الماضي كافة أحزاب المعارضة وناشطي الحراك إلى المساهمة في تشكيل الحكومة الجديدة.

لكن توالي قرارات رفض الدعوات والاعتراض عليها من قبل أحزاب معارضة ونقابات عمالية عديدة، جعل من تشكيل حكومة وفاق جديدة، أمرا مستبعدا.

وأعلن الأحد التكتل المستقل لنقابات التعليم والذي يضم 6 نقابات للتعليم رفضه دعوة رئاسة الوزراء لإجراء لقاء تشاوري ودعا لفترة انتقالية بحكومة وفاق وطني.

وبرر التكتل رفضه بكونه "منخرطا في الحراك الشعبي الرافض للقرارات التي تضمنتها رسالة رئيس الجمهورية".

واتهم السلطات بـ"عدم الإكثرات" لأصوات الملايين من الشعب الجزائري التي خرجت في مسيرات الرفض يوم 15 مارس/آذار.

وشدد التكتل النقابي على رفضه تمديد الولاية الرئاسية الحالية لبوتفليقة وكل "محاولات الالتفاف" على مطالب الحراك السلمي.

وقال مسعود بوذيبة الناطق الرسمي باسم التكتل المستقل لنقابات التعليم، إن تكتل النقابات لا يستطيع المشاركة في فضاء تشاوري غير دستوري هو مرفوض أصلا من طرف ملايين الجزائريين.

وعلى نفس الدرب، سارت نقابة المجلس المستقل لأساتذة التعليم العالي والبحث العلمي، وأدارت ظهرها لدعوة بدوي.

وقالت النقابة إنها منخرطة في الحراك الوطني إلى جانب الشعب الجزائري منذ 22 فبراير/شباط الماضي ومكانها الطبيعي بين صفوف الشعب للدفاع عن مطالبه وتحقيق طموحاته المشروعة.

نورالدين بدوي يتلقى صفعة تلو الأخرى
لا تجاوب شعبيا مع دعوات بدوي

وأضاف في بيان "لهذا قررنا رفض دعوة رئيس الوزراء لأن شروط وظروف الحوار غير متوفرة حاليا".

وفي وقت لاحق من ليلة الأحد الاثنين، أعلن تكتل مستقل لنقابات الصحة (5 نقابات)، رفضه تلبية دعوة رئيس الوزراء للمشاركة في اللقاء التشاوري.

واعتبر التكتل في بيان أن اللقاء لا يتناسب مع مطالب الحراك الشعبي منذ انطلاقه في 22 فبراير/شباط الماضي.

وعلى الصعيد الإعلامي، علقت صحيفة الخبر المحلية على القضية بالقول "النقابات ترفض دعوة التشاور.. ضربة موجعة لبدوي".

كما تطرقت صحيفة الشروق (خاصة) واسعة الانتشار، للقضية على صدر صفحتها الأولى وقالت "الحكومة ضرس مسوس للسلطة".

من جهته، رأى أستاذ كلية الإعلام بجامعة الجزائر توفيق بوقاعدة أن السلطة حاولت المراهنة على هذه النقابات من أجل البحث عن مشروعية ومخرج للمرحلة المقبلة.

وأضاف أن الرهانات أصبحت مكشوفة ومعلومة لدى الجميع، لذلك فإن النقابات من الصعب أن تمشي عكس إرادة الشعب.

وأشار بوقاعدة إلى أن "النقابات أظهرت أنها كتلة واحدة متماسكة ومن الصعب على النظام أن يناورها".

الخيارات تضيق على النظام الجزائري بعد فشل جهود التهدئة وإيجاد مخرج لأزمة آخذة في التفاقم

وتوقع أن تتسع دائرة الرفض لدعوات رئيس الوزراء لتشكيل حكومة سواء من جانب النقابات أو قطاعات أخرى، باستثناء نقابات موالية مجهرية، لم يحددها.

فيما أكد المحلل السياسي وأستاذ كلية الإعلام بجامعة الجزائر عبدالعالي رزاقي أنه من الصعب جدا على النظام أو أي جهة أخرى أن تخترق 22 مليون جزائري، في إشارة لتقديرات المشاركين في الحراك الشعبي.

وبحسب رزاقي فإن "رفض النقابات لدعوات رئاسة الوزراء أحدث ارتباكا كبيرا لدى النظام وتأكد مرة أخرى أن من يمثله في الواجهة محل رفض شعبي واسع".

وأضاف "شعار الحراك الشعبي واضح هو رحيل النظام ومن يمثله حاليا مرفوض لدى الملايين التي خرجت للتظاهر".

وفي 22 فبراير/شباط الماضي، انطلقت مظاهرات شعبية في العاصمة الجزائر ومختلف المحافظات، رفضا لترشح بوتفليقة (82 عاما) لولاية خامسة في انتخابات كانت مقررة يوم 18 أبريل/نيسان.

وعلى وقع ذلك، أعلن بوتفليقة إقالة حكومة أحمد اويحي وسحب ترشحه لولاية خامسة وتأجيل انتخابات الرئاسة، إلى جانب الدعوة لمؤتمر للحوار يفضي إلى تعديل دستوري وانتخابات جديدة لن يترشح فيها .

لكن تلك القرارات لم توقف الاحتجاجات، حيث اعتبرتها المعارضة بمثابة تمديد لحكم الرئيس الجزائري و"التفافا على الحراك الشعبي الذي يطالب برحيله".