اتفاقيات الطاقة شرق المتوسط مهددة بسبب استمرار حرب غزة

الحرب في غزة ستكون لها عواقب طويلة المدى على مستقبل حقول الغاز في شرق المتوسط.
استمرار الحرب سيضر بامدادات الغاز الاسرائيلي نحو مصر والاردن

القدس - تثير الحرب الإسرائيلية على قاع غزة مخاوف بشأن ملف استغلال الطاقة في شرق المتوسط حيث يعتقد ان استمرار النزاع وتوسعه ستكون له تداعيات سلبية على قطاع النفط والغاز ما سينعكس سلبا على اقتصاديات عدد من الدول مثل مصر وقبرص وإسرائيل.
تطرق الدكتور علي سيمين، عضو الكادر التدريسي في جامعة اسطنبول غليشيم، إلى التغيّرات التي حصلت والمتوقعة في شرق المتوسط عقب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة الفلسطيني، منذ اكتوبر/تشرين الأول الفائت.
وأوضح سيمين في مقال تحليلي أن منطقة شرق المتوسط تستحوذ على أهمية جيوسياسية على اعتبار أن لها حدود مع دول مثل تركيا ومصر وإسرائيل وجمهورية شمال قبرص التركية وقبرص وغيرها.
وأضاف سيمين أنه إلى جانب الأهمية الجيوسياسية لشرق المتوسط، فإن هذه المنطقة مهمة للغاية من حيث موارد الطاقة الكبيرة التي تمتلكها.
ولفت إلى أن هذه المنطقة تمتلك 1.7 مليار برميل من احتياطيات النفط و3.5 تريليون متر مكعب من احتياطيات الغاز الطبيعي، وفي هذا الصدد، وبالتالي فإنها تشهد منافسة جدية بين القوى الإقليمية والعالمية وتتواجد فيها العديد من الشركات الدولية.
وتابع قائلا "احتمال نشوب صراع في شرق المتوسط كان أحد السيناريوهات القائمة، وذلك بسبب صراع القوى الإقليمية بين تركيا واليونان ومصر وإسرائيل وقبرص، وإن أحد العوامل الرئيسية التي تغذي الصراع بين الدول المطلة على شرق المتوسط هو تدخل الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا وبريطانيا في شؤون هذه المنطقة رغم عدم وجود حدود لها".
وذكر أن من أبرز الشركات العالمية المتواجدة في شرق المتوسط، توتال إنيرجي الفرنسية، وإيني الإيطالية، وكوجاس الكورية الجنوبية، وإكسون موبيل ونوبل إنيرجي الأميركيتين، وقطر للبترول، ومجموعة بي جي البريطانية، وديليك وأفنر أويل الإسرائيليتين.
وأضاف سيمين أن منتدى غاز شرق المتوسط الذي أسسته مصر وقبرص واليونان وإسرائيل وإيطاليا والأردن وفلسطين عام 2019، سلط الضوء على المنافسة في مجال الطاقة بالمنطقة.
وأشار إلى أنه تم في نطاق منتدى غاز شرق المتوسط الذي عُقد في القاهرة في يونيو/حزيران 2022، التوقيع على اتفاقية ثلاثية بين مصر وإسرائيل والاتحاد الأوروبي لنقل وتصدير الغاز الطبيعي.
وأضاف أن إسرائيل أعلنت الموافقة على زيادة صادرات الغاز الطبيعي إلى مصر من حقل تمار في المتوسط، وذلك من أجل توسيع نطاق هذه الاتفاقية.
وتابع قائلا "في الواقع فإن موافقة إسرائيل على زيادة تصدير الغاز الطبيعي من الحقل المذكور كانت تهدف إلى تعزيز العلاقات السياسية بين القاهرة وتل أبيب وزيادة صادرات الطاقة إلى أوروبا عبر مصر".
وأردف "علاوة على ذلك، وعلى الرغم من موقف تل أبيب العدواني تجاه فلسطين، فإن إسرائيل تصدر ما يقرب من ثلث إنتاجها السنوي من الغاز الطبيعي البالغ 28 مليار متر مكعب إلى مصر والأردن، ووفقا لبيانات إسرائيل لعام 2022، تم بيع 63% من غازها الطبيعي إلى مصر و37% إلى الأردن".
واستطرد "يتم استهلاك الغاز الطبيعي الذي تصدره إسرائيل إلى الأردن في السوق المحلية. بينما تصدر مصر الغاز الطبيعي الذي تستورده من إسرائيل بعد تسييله. بمعنى آخر، يمكن القول أن الطرفين توصلا إلى اتفاق على أساس صيغة مربحة للجانبين".

استمرار الصراع سيؤدي لتضرر امدادات الغاز نحو أوروبا
استمرار الصراع سيؤدي لتضرر امدادات الغاز نحو أوروبا

ولفت سيمين إلى أن أزمة الطاقة التي شهدتها الدول الأوروبية بسبب الحرب الروسية الأوكرانية تحولت إلى سوق مهم بالنسبة لمصر، مبينا أن القاهرة تحصل على ربح اقتصادي كبير من خلال تسييل الغاز الطبيعي الذي تحصل عليه من إسرائيل وبيعه للدول الأوروبية بأسعار مرتفعة.
وبعد 3 أيام من بدء الهجمات على غزة، أعلنت وزارة الطاقة الإسرائيلية، أنها أوقفت الإنتاج مؤقتا في حقل تمار للغاز الطبيعي، وأنها ستبحث عن مصادر وقود بديلة لتلبية احتياجاتها.
وتعليقاً على هذا الإعلان، قال سيمين "من المحتمل جدًا أن يكون لهذا الإعلان تأثير سلبي على اتفاقيات الطاقة الموقعة بين إسرائيل ومصر. لأن إسرائيل تبدو بحاجة إلى فرص التعاون مع مصر بسبب عدم قدرتها على تصدير الغاز الطبيعي الخام. ولكن بسبب الهجمات على غزة، انخفضت صادرات الغاز الطبيعي الإسرائيلي إلى مصر إلى نحو 60 بالمئة".
وأضاف أنه من الممكن القول بأن الحرب في غزة سيكون لها أيضًا عواقب طويلة المدى على مستقبل حقول الغاز في شرق المتوسط، مشيرا في هذا السياق إلى أن شركة الطاقة الأميركية العملاقة شيفرون وشركات أخرى تخطط لتوسيع عملها في حقلي تمار وليفياثان الإسرائيليتين.
وتابع "بالإضافة إلى خطوط الأنابيب الإضافية التي ستُمد إلى مصر، فإن تأسيس منشأة الغاز الطبيعي المسال العائمة لحقل ليفياثان عبر مصر، ستجلب معها أيضًا قنوات محتملة لتصدير الغاز الطبيعي المسال مقاومة للنقل".
وأردف "من المتوقع أيضًا أن تخدم هذه المنصة العائمة حقل "أفروديت"، الذي لم يتم تطويره بعد من قبل الشركاء الموجودين على الحدود البحرية لقبرص مع إسرائيل. والبديل الآخر، يبدو أن هناك مبادرات مهمة لربط حقول الطاقة الإسرائيلية بمحطة للغاز الطبيعي المسال قبالة ساحل قبرص أو بمنشأة برية للغاز الطبيعي المسال".
وذكر سيمين أن الهجمات الإسرائيلية على غزة لا تهدد أمن الطاقة في شرق المتوسط فحسب. بل تهدد اتفاقيات التطبيع الموقعة بين إسرائيل والدول العربية.
كما لفت إلى أن هجمات إسرائيل على قطاع غزة تهدد أي اتفاق مع إسرائيل في شرق المتوسط، وأن هذه الهجمات سيكون لها تأثيرات أكثر إثارة للقلق في المستقبل القريب، وخاصة فيما يخص أزمة الطاقة في أوروبا.
وحتم سيمين مقاله بالقول: "الصراع بين إسرائيل وحماس ينطوي على مخاطر جيوسياسية عالية لن تزول في وقت قريب، فضلاً عن احتمال التسبب في مشاكل خطيرة فيما يتعلق بأمن الطاقة في شرق المتوسط، ومن المتوقع أن تؤدي الهجمات على غزة إلى إبطاء نمو قطاع الطاقة الإسرائيلي على المدى المتوسط والطويل".