اتفاق ادلب يعزز نفوذ تركيا في شمال سوريا

أنقرة تعلن عزمها الدفع بالمزيد من التعزيزات العسكرية إلى ادلب في سياق اتفاق مع روسيا على إقامة منطقة منزوعة السلاح، فيما كانت قد دفعت بالفعل بتعزيزات ضخمة خلال الأيام القليلة الماضية لحماية قواتها في نقاط المراقبة.

لتركيا 12 نقطة مراقبة في ادلب وجوارها
صفقة تركية روسية تبقي تركيا في معادلة الصراع
موسكو تلقي بمسؤولية تطهير ادلب من الإرهاب في الملعب التركي

أنقرة/بروكسل - جنّب الاتفاق الروسي التركي القاضي بإقامة منطقة منزوعة السلاح في ادلب، آخر أبرز معاقل المعارضة قرب الحدود التركية، حربا مدمرة وكارثة إنسانية إلا أنه أيضا منح تركيا فرصة أخرى لتعزيز وجودها العسكري في سوريا حيث دفعت أنقرة في الأيام القليلة الماضية بتعزيزات عسكرية ضخمة وتعتزم إرسال تعزيزات أخرى.

ويشكل الاتفاق نجاحا دبلوماسيا لكل من روسيا وتركيا على وقع الاستنفار الدولي الذي سبق هجوما محتملا على ادلب، لكنه أيضا يسلط الضوء على حرص موسكو على إبقاء أنقرة التي تدعم المعارضة السنّية ضمن معادلة توازن القوى مقابل وجود ميليشيات شيعية موالية لإيران في سوريا.

وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو اليوم الثلاثاء إن بلاده سترسل تعزيزات لإدلب بعد الاتفاق على إقامة منطقة منزوعة السلاح ستقوم روسيا وتركيا بدوريات مشتركة بها ستشارك فيها طائرات مسيرة.

وأضاف في مؤتمر صحفي "روسيا وتركيا ستنفذان دوريات مشتركة ومنسقة حول حدود إدلب. سنحتاج نشر قوات إضافية هنا".

وقال إن طريقي إم4 وإم5 السريعين اللذين يربطان الشرق بالغرب والشمال بالجنوب عبر منطقة إدلب ويربطان مدينة حلب الواقعة تحت سيطرة دمشق بساحل البحر المتوسط سيكونان مفتوحين أمام حركة المرور بنهاية العام، في إشارة إلى الطريقين الدوليين: حلب - حماة وحلب - اللاذقية.

كما أعلن الوزير التركي مسؤولين بأجهزة المخابرات والأمن التركية والروسية سيبحثون وضع الجماعات المتشددة في إدلب السورية.

وأكد أن الاتفاق الروسي التركي المتعلق بمحافظة إدلب في سوريا  لن يتغير وسيتم تطهير المنطقة منزوعة السلاح من المتطرفين وسيبقى المدنيون والمعارضة المعتدلة في مكانهما.

وأوضح أنه واعتبارا من 15 أكتوبر/تشرين الأول المقبل سيتم إخراج الأسلحة الثقيلة من المنطقة منزوعة السلاح وسيتحقق وقف إطلاق النار.

وأشار إلى أن روسيا ستتخذ تدابير لمنع دخول النظام السوري إلى إدلب ولمنع وقوع هجوم عليها، وسيتم إجراء دوريات تركية روسية مشتركة على في المنطقة الحدودية حول إدلب، بالإضافة إلى تمركز قوات إضافية فيها.

وفي السياق ذاته، أكد المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف اليوم الثلاثاء أن حادثة إسقاط الطائرة الروسية قبالة السواحل السورية مساء الاثنين، لن يؤثر على اتفاق الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب اردوغان المتعلق بمحافظة إدلب.

وكان الجيش التركي قد ثبّت أو نقطة مراقبة داخل الأراضي السورية في أكتوبر/تشرين الأول 2017 بموجب اتفاق أستنا في إدلب وما يجاورها من مناطق تسيطر عيها المعارضة.

ويبلغ عدد النقاط التركية 12 نقطة تنتشر على تخوم المنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة شمال غربي سوريا.

وتشمل هذه المنطقة محافظة إدلب وما يتصل بها من أرياف حلب وحماة واللاذقية التي تسيطر عليها المعارضة، فيما تنتشر نقاط مراقبة أخرى روسية وإيرانية في المناطق المقابلة ويسيطر عليها جيش النظام السوري.

وتنتشر نقاط المراقبة التركية انطلاقا من ريف إدلب الشمالي في قرية صلوة وصولا إلى ريف إدلب الشرقي مرورا بريف حماة الشمالي وانتهاء بسهل الغاب وجسر الشغور في الغرب على تخوم جبال الساحل السوري.

وتتكون كل نقطة مراقبة من عشرات الآليات العسكرية والمدرعات وناقلات الجند والجرافات، فيما عملت تركيا على بناء تحصينات عسكرية وأسوار في كل نقطة.

والاتفاق التركي الروسي على إقامة منطقة منزوعة السلاح في ادلب يشير على ما يبدو إلى صفقة بين الطرفين تقضي بفصل الفصائل الإسلامية المتشددة ومنها الجماعات الموالية لتنظيم القاعدة عن المعارضة المعتدلة.

وكانت روسيا قد تحدثت بالفعل عن هذا الأمر، ملقية بمسؤولية فصل المعارضة المعتدلة عن تلك المتشددة على عاتق تركيا التي لها نقاط مراقبة في ادلب ولكن أيضا تربطها صلات بجماعات متشددة دعمتها في السابق في ذروة الحرب الأهلية السورية.

وعلى الرغم من أن الاتفاق جن{ب ادلب أسوأ كارثة انسانية حتمية، طالبت المفوضية الأوروبية الثلاثاء أن يضمن الاتفاق المعلن

بين تركيا ورسيا لتجنيب محافظة إدلب في شمال غرب سوريا هجوما عسكريا، "حماية للأرواح والبنى التحتية المدنية".

وقالت متحدثة باسم المفوضية مايا كوسياسيتش في لقاء صحافي "نأمل أن يضمن الاتفاق الذي تم التوصل إليه أمس (الاثنين) بحسب بعض المعلومات بين الرئيسيين الروسي والتركي، حماية الأرواح والبنى التحتية المدنية ووصول المساعدات الإنسانية بشكل دائم ودون عوائق".

وتابعت أن الاتحاد الأوروبي حذّر مرارا من شنّ هجوم على إدلب من شأنه التسبب بـ"كارثة إنسانية جديدة".