اتفاق تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل يخفف الضغوط على بايدن

الرئيس الأميركي الذي ألقى بثقله في دعم العدوان الإسرائيلي على غزة بحاجة إلى نصر دبلوماسي يخفف عنه انتقادات داخلية لدعم غير محدود لحرب بلا حدود وبلا إستراتيجية خروج.

واشنطن - يشكّل الاتفاق بين إسرائيل وحماس على هدنة في قطاع غزة وتبادل للرهائن والمعتقلين نصرا دبلوماسيا للرئيس الأميركي جو بايدن وإن تأخر بسبب تعقيدات حول أسماء الأسرى الفلسطينيين وتفاصيل أخرى وانقسامات تشق حكومة الحرب الإسرائيلية.

كما يمكن أن يشكل في المقابل في حالة انهياره نكسة للرئيس الأميركي الذي ألقى بثقله في دعم العدوان على غزة وفجر موقفه انقسامات داخل حزبه وإن كانت الأغلبية من الديمقراطيين كما الجمهوريين أيدت وبقوة استمرار الحرب.

ويحتاج بايدن لنصر دبلوماسي يمنحه متنفسا من الضغوط التي يواجهها مع تحميل أطراف دولية الولايات المتحدة المسؤولية الأخلاقية عن المجازر التي ارتكبتها وترتكبها إسرائيل بحق أهالي قطاع غزة.

وما زال بايدن الذي يبذل جهودا كبيرة على المستوى الشخصي، بعيدا عن تحقيق نتائج مهمة في سبيل احتواء الصراع في ظل عدم دعوته إلى وقف دائم لإطلاق النار، وعن أسس حل يلي هذه المرحلة.

ومساء الثلاثاء، أعلن الرئيس الديمقراطي الذي يعدّ الداعم الأول لإسرائيل، أنّه "راض تماما" عن الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه بين الدولة العبرية والحركة الفلسطينية بوساطة قطرية، بعد خمسة أسابيع من المفاوضات "المرهقة للغاية"، وفق مسؤول أميركي.

وبموجب الاتفاق الذي لم يتم تنفيذه بعد، ستُطلق حماس سراح 50 مخطوفا من النساء والأطفال، مقابل إطلاق سراح 150 معتقلا فلسطينيا، أيضا من النساء والأطفال دون سن 19 عاما وذلك في إطار هدنة إنسانية لأربعة أيام، كان من المفترض أن تبدأ الخميس لكنها تأجلت.

وحتى الآن لا يمكن الجزم بأن إسرائيل ستلتزم بالهدنة رغم هالة الثناء والإشادة الدولية بالاتفاق خاصة مع استمرارها في قصف بري وجوي وبحري لقطاع غزة ومع استمرار سقوط المزيد من الضحايا المدنيين الفلسطينيين.

وكانت حماس قد أخذت 240 شخصا رهينة إبان الهجوم غير المسبوق الذي شنّته على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

وفي السياق، قالت واشنطن إنّها تتوقّع أن يسمح هذا الاتفاق بوصول المساعدات الإنسانية الضرورية للمدنيين المحاصرين في الصراع في قطاع غزة، لكن منظمات إغاثة وهيئات أممية تؤكد أن المساعدات التي تدخل القطاع قليلة جدا ولا تفي بالحاجة.

ويحظى الإعلان عن اتفاق بصدى خاص في الولايات المتحدة عشية عطلة "عيد الشكر"، خصوصا أنّ من بين الرهائن الذين سيُطلق سراحهم ثلاثة مواطنين أميركيين من بينهم طفلة تبلغ من العمر ثلاث سنوات.

وفي هذا الإطار، سارع فريق الرئيس جو بايدن إلى تسليط الضوء على "دبلوماسية دؤوبة وجهود متواصلة من قبل الولايات المتحدة"، وفق وزير الخارجية أنتوني بلينكن.

ويأتي ذلك في الوقت الذي تشهد فيه شعبية بايدن الذي يقوم بحملة لإعادة انتخابه، انخفاضا يعود في جزء منه إلى انتقادات تطاله من الشباب بسبب دعمه لإسرائيل خصوصا.

وفي الواقع، لم تتوقف الولايات المتحدة عن زيادة ضغوطها في الأسابيع الأخيرة على رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، في وقت كان الوضع في غزة يتدهور بشكل أكبر وفي مواجهة "عدد كبير جدا" من الضحايا المدنيين الفلسطينيين.

ووفق آخر حصيلة صادرة عن حماس، قُتل أكثر من 14 ألف شخص غالبيتهم من المدنيين في عمليات القصف الإسرائيلية على القطاع منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول. كذلك، أسفر هجوم حماس عن مقتل 1200 شخص على الجانب الإسرائيلي، وفقا للسلطات الإسرائيلية.

وقال ماكس بوت من مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن، إنه "من خلال دعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ورفض الدعوات لوقف إطلاق النار، اكتسب بايدن مصداقية لدى الجمهور الإسرائيلي، ممّا يسمح له بالضغط على إسرائيل لتقديم مساعدات أكبر للمدنيين الفلسطينيين"، مضيفا على إحدى المدوّنات "إنّه يقوم بذلك حتى لو كلّفه الأمر خسارة الدعم في معسكره الخاص".

ويأتي ذلك في وقت ترتفع فيه المزيد من الأصوات في الولايات المتحدة، خصوصا من الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي، لدعوة الرئيس الأميركي إلى أن يكون أكثر حزما في مقاربته لحليفه الإسرائيلي.

وفي رسالة وُجّهت الاثنين إلى بايدن، أعرب عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين عن قلقهم من أنّ "المعاناة المتزايدة والمتواصلة في غزة... ستؤدي إلى تفاقم التوترات القائمة وإلى تقويض التحالفات الإقليمية".

واعتبروا أنّه يجب على إدارة بايدن أن "تضع بشكل عاجل رؤية لمستقبل إسرائيل وفلسطين وكذلك للدور الذي ستلعبه بلادنا للتشجيع على حلّ سلمي وعلى إعادة الإعمار".

كذلك، دعوا البيت الأبيض إلى الضغط على إسرائيل من أجل إعادة فتح معبر كرم أبوسالم بين إسرائيل وغزة. وفي الوقت الحالي، فإنّ النقطة الوحيدة للدخول إلى القطاع هي عبر معبر رفح عند الحدود مع مصر.

من جهتها، اعتبرت جماعة الضغط التقدمية "جاي ستريت" المؤيّدة لإسرائيل، أنّ "من الضروري جدا... أن تضع إدارة بايدن خطوطا حمراء واضحة وتصرّ على إجراء تغيير كبير في مسار هذه العملية العسكرية"، مضيفة أنّ عليها أن توضح أنّها لن تقدّم "دعما غير محدود لحرب بلا حدود وبلا إستراتيجية خروج".