اتفاق عالمي على ضرائب الشركات العملاقة يطلق 'ثورة' مالية

136 بلدا يوافق على فرض نسبة ضريبة لا تقل عن 15 في المئة على الشركات المتعددة الجنسيات، لانهاء سباق مستمر منذ أربعة عقود بين حكومات سعت لجذب الاستثمارات وتوفير فرص عمل من خلال خفض الضرائب بشدة.
المفاوضات لإبرام هذا الاتفاق جارية منذ أربع سنوات
الاتفاق سيغطي 90 بالمئة من الاقتصاد العالمي
الحد الأدنى للضرائب على الشركات سيتيح للدول جمع نحو 150 مليار دولار كعائدات جديدة سنويا

باريس - تمت الموافقة أخيرا على اتفاق عالمي يشكل نقطة تحول لضمان أن تدفع الشركات الكبرى ضرائب 15 بالمئة كحد أدنى ويجعل من الأصعب عليها تجنب دفعها، وذلك بعد أن انضمت أيرلندا وإستونيا والمجر للاتفاق الذي وصفه الرئيس الأميركي جو بايدن بأنه أساس لتكافؤ للفرص.

ويهدف الاتفاق إلى إنهاء سباق مستمر منذ أربعة عقود بين حكومات سعت لجذب الاستثمارات وتوفير فرص عمل من خلال خفض الضرائب بشدة للشركات متعددة الجنسيات مما سمح لتلك الشركات باختيار أقل نسب ضرائب متاحة.

وقالت منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي في بيان "الإصلاح الرئيسي للنظام الضريبي الدولي الذي انجز الجمعة في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، سيضمن تطبيق حد أدنى للضريبة بنسبة 15 في المئة على الشركات المتعددة الجنسيات اعتبارا من العام 2023" مرحبة بالاتفاق "التاريخي".

والمفاوضات لإبرام هذا الاتفاق جارية منذ أربع سنوات، لكنها تحولت لتجرى عبر الإنترنت خلال الجائحة. وبدعم من بايدن والتكلفة الباهظة لأزمة كوفيد-19 حظيت المفاوضات بدفعة قوية في الأشهر القليلة الماضية.

وقال بايدن في بيان "لأول مرة في التاريخ نؤسس لحد أدنى عالمي وقوي للضرائب سيؤدي لتكافؤ الفرص أخيرا بين العمال الأمريكيين ودافعي الضرائب وباقي العالم".

وقال بايدن الذي ساند الفكرة بقوة "على مدى عقود، دفع العمال الأميركيون ودافعو الضرائب ثمن نظام ضريبي كافأ الشركات متعددة الجنسيات عن نقل الوظائف والأرباح إلى الخارج". ومضى قائلا "هذا السباق إلى القاع لم يضر العمال الأميركيين فحسب بل وضع كثيرين من حلفائنا في تنافس على الضرر كذلك".

ويهدف الاتفاق إلى منع الشركات الكبيرة من جني الأرباح في دول تنخفض فيها الضرائب مثل أيرلندا بغض النظر عن مكان وجود قاعدة عملائها وهي مشكلة أصبحت أكبر وأكثر إلحاحا مع ظهور شركات التكنولوجيا العملاقة التي يمكنها تنفيذ الأعمال بسهولة عبر الحدود.

ومن بين 140 دولة مشاركة، دعمت 136 الاتفاق ولم تنضم إليه بعد كل من كينيا ونيجيريا وباكستان وسريلانكا.

وقالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والتي قادت المحادثات ومقرها باريس، إن الاتفاق سيغطي 90 بالمئة من الاقتصاد العالمي.

سيدفع اللاعبون الكبار على مستوى العالم نصيبهم العادل في أي مكان يعملون فيه

وكان الجزء الأكبر الآخر من المفاوضات في المنظمة يتعلق بحصة الإيرادات الضريبية التي سيعاد توزيعها في البلدان التي تكون فيها للشركات المتعددة الجنسيات نشاطات وزبائن، لكن ليس لديها مكتب رئيسي.

وقال وزير المالية الألماني أولاف شولتس في بيان أرسله عبر البريد الإلكتروني "اليوم خطونا خطوة مهمة أخرى في طريق العدالة الضريبية".

وأشاد وزير المالية البريطاني ريشي سوناك الجمعة بالاتفاق قائلا "أصبح أمامنا الآن طريق واضح المعالم لنظام ضريبي أكثر عدلا، بحيث يدفع اللاعبون الكبار على مستوى العالم نصيبهم العادل في أي مكان يعملون فيه".

وقال وزير المالية الفرنسي برونو لو مير إن الاتفاق سيضمن أن عمالقة القطاع الرقمي سيدفعون قسما عادلا من الضرائب في الدول التي يحصلون فيها على دخل. وأضاف في بيان بثه التلفزيون "هذا الاتفاق يفتح الطريق أمام ثورة مالية حقيقية".

وقبل أن يجف حبر الاتفاق، أبدت بعض الدول قلقها من تنفيذه.

وطالبت وزارة المالية السويسرية في بيان بأخذ مصالح الاقتصادات الصغيرة في الاعتبار وقالت إن تاريخ التنفيذ في 2023 ليس ممكنا.

أما وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين فقد وصفت الاتفاق بأنه انتصار للأسر الأمريكية ومجتمع الأعمال العالمي.

وقالت يلين في بيان "حولنا مفاوضات مضنية إلى عقود من الرخاء المتزايد لكل من أمريكا والعالم. اتفاق اليوم يمثل انجازا يتحقق مرة في الجيل للدبلوماسية الاقتصادية".

وقال نائب رئيس شركة فيسبوك للشؤون العالمية نيك كليج في بيان "لوقت طويل دعت فيسبوك إلى إصلاح قواعد الضريبة العالمية، وندرك أن هذا يمكن أن يعني (بالنسبة لنا) دفع ضرائب أكثر، وفي أماكن مختلفة".

ومضى قائلا "يحتاج النظام الضريبي إلى أن يحظى بالثقة العامة في حين يحقق للشركات الاستقرار. نحن سعداء بأن نرى توافقا دوليا"

وقالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إن الحد الأدنى للضرائب على الشركات سيتيح للدول جمع نحو 150 مليار دولار كعائدات جديدة سنويا. (إعداد سلمى نجم للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن)