اتهامات أممية للعراق بانتهاك معايير المحاكمة العادلة للجهاديين

تقرير أممي يشير إلى أن المحاكمات بموجب قانون لمكافحة الإرهاب ركز على الانتماء لمنظمة إرهابية دون التمييز بين من شاركوا في ارتكاب جرائم دولية ومن انتموا إلى داعش للنجاة بأنفسهم أو انتموا بالإكراه.
تقرير أممي يدعو بغداد إلى تعزيز إجراءات العدالة الجنائية
تقرير أممي يشير إلى مزاعم حول تعرض عناصر داعش المعتقلين للتعذيب
دول غربية تتحفظ أو تعترض على استعادة مواطنيها من الجهاديين

بغداد - اتهمت الأمم المتحدة السلطات العراقية بانتهاك معايير العدالة في محاكمة مئات من عناصر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الإرهابي خلال عام ونصف العام.

وأشارت بعثة المنظمة الأممية لمساعدة العراق (يونامي) ومكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الثلاثاء في تقرير مشترك إلى أن "الإجراءات القضائية ضد المُدّعى عليهم من تنظيم داعش جرت على نحو منتظم بشكل عام وكانت منظمة تنظيما جيدا وكان القضاة مزودين بالملفات التحقيقية على نحو منتظم".

لكنهما أوضحا أنه مع ذلك وجد التقرير أن "انتهاكات لمعايير المحاكمة العادلة عرّضت المُدّعى عليهم لغبن كبير مقارنة بجهة الادعاء مع تمثيل قانوني غير فعّال وإمكانيات محدودة لتقديم الأدلة أو الطعن فيها".

واستند التقرير إلى مراقبة مستقلة لـ 794 محاكمة في محاكم جنائية لأفراد مُدّعى عليهم، مرتبطين بشكل رئيسي بتنظيم داعش من 1 مايو/ايار 2018 إلى 31 أكتوبر/تشرين الأول 2019.

وأضاف أن "الاعتماد المفرط على الاعترافات مع مزاعم متكررة بالتعذيب لم تتم معالجتها بشكل كاف في حين تشكّلُ بحدّ ذاتها انتهاكا لحقوق الإنسان وقد زاد من تلك المخاوف".

وركّزت المحاكمات بموجب الإطار القانوني لمكافحة الإرهاب بشكل أساسي على الانتماء لمنظمة إرهابية دون التمييز بين أولئك الذين شاركوا في العنف وارتكاب جرائم دولية وأولئك الذين انتموا إلى داعش في سبيل النجاة بأنفسهم أو انتموا بالإكراه، وفق التقرير.

ونقل التقرير عن المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشليه قولها، إنه "من المهم أن يرى الضحايا أن العدالة قد تحققت وفي الوقت نفسه يتمتع المتهمون بالحق في محاكمة عادلة ويجب أن تطبق هذه المعايير بشكل صارم".

ودعا التقرير السلطات القضائية العراقية إلى "إجراء مراجعة شاملة لممارسات المحاكمة وإصدار الأحكام بهدف تعزيز إجراءات العدالة الجنائية بما يتماشى مع دستور العراق والتزامات الدولة بموجب القانون الدولي".

وقالت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت "إن الضمانات الصارمة للاحتجاز والإجراءات القانونية الواجبة والمحاكمات العادلة لا تثبت الالتزام بالعدالة فحسب بل هي لبنة أساسية ضرورية من أجل القدرة على الصمود".

ويحتجز العراق آلاف من مسلحي وعناصر تنظيم داعش الإرهابي منذ بروز الأخير عام 2014 وسيطرته على ثلث مساحة العراق قبل أن يخسر كل تلك الأراضي خلال حرب عنيفة انتهت عام 2017.

وتجري محاكمة مسلحي وعناصر داعش بموجب المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب التي تنص على "الحكم بإعدام كل من ارتكب بصفته فاعلا أصليا أو شريكا في الأعمال الإرهابية ويعاقب المحرض والمخطط والممول وكل من مكن الإرهابيين من القيام بالجريمة كفاعل أصلي".

كما تنص المادة على "العقاب بالسجن المؤبد على كل من أخفى عن عمد أي عمل إجرامي أو تستّر على شخص إرهابي".

ويأتي التشكيك الأممي في حصول عناصر داعش المحتجزين في العراق على محاكمة عادلة فيما كانت منظمات حقوقية دولية غير حكومية قد حذّرت في السابق من هذا الأمر، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن المحاكمات قد تدار بنزعة انتقامية.

وأثارت محاكمة الجهاديين خاصة منهم الأجانب في العراق، مخاوف لدى تلك المنظمات التي طالبت دول المنشأ التي يتحدر منها الإرهابيون باستعادتهم ومحاكمتهم في دولهم.

وأبدت حكومات غربية خاصة الأوروبية منها اعتراضات أو تحفظات على استعادة مواطنيها ممن تجري محاكمتهم بتهمة القتال في صفوف داعش أو الانتماء لتنظيمات إرهابية في سوريا والعراق أو زوجاتهم وأبنائهم ومعظمهم محتجزين لدى قوات سوريا الديمقراطية.

وتدفع دول أوروبية لمحاكمتهم في العراق وأبدت الحكومة العراقية برئاسة عادل عبدالمهدي قبل استقالتها على وقع احتجاجات لم تهدأ منذ أشهر، استعدادها لمحاكمتهم واقترحت على دول التحالف الذي يشن حربا على التنظيم المتطرف أن تتولى محاكمها هذا الملف مقابل دعم مالي قدرته بنحو ملياري دولار.

وبالفعل رحبت دول أوروبية بهذا الاقتراح ودفعت لتبنيه معبرة عن استعدادها لتقديم الدعم المالي للعراق والمساعدة على بناء السجون وتهيئة محاكمة الجهاديين الأجانب، لكنها لم تردّ بشكل رسمي على الاقتراح العراقي في ظل ضغوط المنظمات الحقوقية.