اتهامات إسرائيلية للحوثيين باستهداف كابلات الاتصالات الدولية

تمكين حليف لإيران من تخريب كابلات الإنترنت العالمية تحت البحر سيكون بمثابة خطوة محفوفة بالمخاطر حيث لا ترغب طهران ولا واشنطن في دخول حرب واسعة.

القدس – رجحت تقارير اسرائيلية وقوف الحوثيين وراء تخريب عدة كابلات اتصالات ممتدة تحت البحر الأحمر قبالة سواحل اليمن تربط بين السعودية وجيبوتي في شرق أفريقيا، مشيرة أنه بعد ثلاثة أشهر من بدء الحوثيين مهاجمة السفن التجارية، نفذوا تهديداً آخر من تهديداتهم.

وقال موقع "جلوبز" الإسرائيلي أن أربعة كابلات اتصالات بحرية تضررت في البحر الأحمر بين جدة وجيبوتي، وتسبب هذا في انقطاع خطير لاتصالات الإنترنت بين أوروبا وآسيا، مع الشعور بالضرر الرئيسي في دول الخليج والهند.

وتشير التقديرات إلى أن الأضرار التي لحقت بأنشطة الاتصالات كبيرة ولكنها ليست خطيرة لأن الكابلات الأخرى تمر عبر نفس المنطقة التي تربط آسيا وإفريقيا وأوروبا التي لم تتعرض للضرب. وقد يستغرق إصلاح هذا العدد الكبير من الكابلات تحت الماء ثمانية أسابيع على الأقل وفقًا للتقديرات وينطوي على تعرض لمخاطر تهديدات الحوثيين. وستضطر شركات الاتصالات إلى البحث عن الشركات التي ستوافق على تنفيذ أعمال الإصلاح ومن المحتمل أن تدفع لها علاوة عالية المخاطر.

كابلات الألياف التي تنقل 17 بالمئة من حركة الإنترنت في العالم تقع في قاع البحر على عمق مئات الأمتار تحت سطح الأرض وهو ما يجعلها بعيدة عن متناول الغواصين.

ونشر كبار المسؤولين التنفيذيين في شركات الاتصالات الدولية وشركات الكابلات تحت الماء تقارير حول الأضرار التي لحقت بـ لينكدان وإكس.

في المقابل، نفى الحوثيون صحة الادعاء الإسرائيلي باستهداف كابلات اتصالات دولية في البحر الأحمر، مؤكدين التزامها بتجنيب هذه الخدمات أي مخاطر، في إشارة إلى عدم رغبتهم بتحمل تداعيات هذه الخطوة.
وقالت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات الحوثية (غير معترف بها دوليا)، في بيان “لا صحة لما تروج له وسائل إعلام تابعة للعدو الصهيوني (…) حول أسباب ما تعرض له عدد من الكابلات البحرية الدولية في البحر الأحمر”، وفقا لوكالة أنباء (سبأ) التابعة للجماعة.
وشددت على “حرصها على تجنيب جميع كابلات الاتصالات وخدماتها أي مخاطر، وتقديم التسهيلات اللازمة لإصلاحها وصيانتها شريطة الحصول على التصاريح اللازمة من هيئة الشؤون البحرية بصنعاء”.
وأكدت “استمرار جهودها لتسهيل مرور وتنفيذ مشاريع الكابلات البحرية عبر المياه الإقليمية اليمنية شاملة المشاريع التي ساهم فيها اليمن”.

وفي وقت سابق ذكرت تقارير أن قناة في تلغرام يزعم أنها مرتبطة بالحوثيين، نشرت خريطة توضح شبكات كابلات الاتصالات البحرية في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر وبحر العرب والخليج العربي، وأرفقت القناة الصورة برسالة تقول "هناك خرائط للكابلات الدولية التي تربط جميع مناطق العالم عبر البحر. ويبدو أن اليمن في موقع استراتيجي، حيث تمر بالقرب منه خطوط الإنترنت التي تربط قارات بأكملها وليس الدول فحسب".

وسبق أن حذرت الحكومة اليمنية الشرعية، من أن الحوثيين الذين استولوا على أجزاء كبيرة من اليمن في عام 2014، يهددون بتخريب كابلات الاتصالات البحرية الحيوية، بما في ذلك خطوط الإنترنت، التي تمتد تحت البحر الأحمر، وتربط آسيا بأوروبا.

وقد أفادت تقارير بأن الجماعة تمكنت بسهولة من الوصول إلى الخرائط التي توضح التقاء كابلات الاتصالات تحت البحر التي تمر قرب سواحلهم، وتحديدا عند مضيق باب المندب الذي يبلغ في أضيق عرض له 20 ميلاً (32 كيلومتراً).

بيد أن كابلات الألياف، التي تنقل 17 بالمئة من حركة الإنترنت في العالم، تقع في قاع البحر على عمق مئات الأمتار تحت سطح الأرض، وهو ما يجعلها بعيدة عن متناول الغواصين.

ويُعتقد أن الولايات المتحدة وروسيا لديهما القدرة البحرية على قطع الكابلات المماثلة، وهو ما يتضمن إرسال غواصة قادرة على الوصول إلى أعماق البحار، ومن ثم استخدام مقص عملاق لقطع الكابلات في قاع المحيط. أما بالنسبة للحوثيين فيسكون تنفيذ أمر مماثل صعبا.

وقال قائد الغواصة السابق في البحرية الملكية الأدميرال جون غاور، عن إمكانية قيام الحوثيين بتخريب الكابلات "أقيم الأمر على أنه خدعة، ما لم يكن هجوماً على محطة".

وأضاف "ستحتاج (الحركة) إلى حليف يتمتع بالقدرة، لديه غواصة، بالإضافة إلى القدرة على تحديد موقع (الكابلات)".

وتعتبر إيران الحليفة الأساسية للحوثيين الذين بنوا ترسانة هائلة من الصواريخ والطائرات بدون طيار، بمساعدة الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني.

وقد استهدفوا بالصواريخ، على مدى السنوات الثمانية الماضية، السعودية والإمارات وإسرائيل والسفن الحربية الأمريكية والبريطانية، بالإضافة إلى أي سفينة يشتبهون في أن لها صلات بإسرائيل أو الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة.

لكن المحللين يقولون أنه بالنسبة لإيران، فإن تمكين حليف لها من تخريب كابلات الإنترنت العالمية تحت البحر سيكون بمثابة خطوة محفوفة بالمخاطر. حيث لا ترغب إيران ولا الولايات المتحدة في الدخول في حرب واسعة النطاق مع بعضهما بعضا، وقد أعلنتا ذلك بوضوح.

ويعد الصراع الحالي بين الولايات المتحدة وإيران ووكلائها وحلفائها في جميع أنحاء الشرق الأوسط محسوب إلى حد ما.

وقد أعطت الولايات المتحدة تحذيراً على مدار عدة أيام، قبل ضرب قواعد الميليشيات المدعومة من إيران في العراق وسوريا، مما سمح بإجلاء المسؤوليين الرئيسيين.

وسيكون قطع كابلات الاتصالات العالمية سيكون بمثابة تصعيد كبير، قد يؤدي حتى إلى ضربات على إيران نفسها في إطار رد الفعل الانتقامي.

وقال إدموند فيتون براون، الذي شغل منصب سفير المملكة المتحدة في اليمن من عامي 2015 إلى 2017 "ستشعر إيران بالقلق بشأن توسيع الحوثيين حملتهم العالمية لتعطيل الملاحة (لتشمل الشحن)". وأضاف "قد يلجأ الإيرانيون إلى الخيارات السيبرانية في وقت أقرب بدلاً من تخريب البنية التحتية".

وسيكون ذلك تحدياً فنياً ومحفوفاً بالمخاطر السياسية بالنسبة لإيران، التي يرى الغرب أن لها يدا في جميع هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.

واليوم، وعلى الرغم من شن هجمات جوية متكررة، بقيادة الولايات المتحدة، على قواعد الصواريخ والطائرات بدون طيار التابعة لهم، فإنهم لا يظهرون أي علامات على التراجع في مواجهتهم مع الغرب. وقد أصبح الحوثيون، الذين يبغضهم ويخافهم العديد من اليمنيين في المناطق الخارجة عن سيطرتهم، قوة لا يستهان بها.