اجتماع اللجنة الدستورية يجدّد آمال سوريا في تسوية سياسية

اللجنة تتخذ قراراتها بـ"التوافق" أو بأغلبية 75 في المئة من الأصوات وهي نسبة تثير مخاوف من شلّ قدرتها على اتخاذ أي اجراءات.

جنيف - اعتبر مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون الاثنين، أن بدء اللجنة الدستورية عملها سيشكل "بارقة أمل" للشعب السوري، ويمكنه أن يمهّد لتسوية سياسية للنزاع الذي يمزّق البلاد منذ أكثر من ثماني سنوات.

وتفتتح الأمم المتحدة الأربعاء عمل اللجنة الدستورية المؤلفة من 150 عضواً، يمثلون الحكومة السورية والمعارضة والمجتمع المدني بالتساوي، على أن تعقد اللجنة المصغرة (أو لجنة الصياغة) أولى جلساتها الجمعة في مقر الأمم المتحدة في جنيف، تمهيداً لبدء العمل بإصلاح دستوري.

وقال بيدرسون خلال مؤتمر صحافي في جنيف "أؤمن أن اطلاق اللجنة الدستورية يجب أن يكون بارقة أمل للشعب السوري الذي طالت معاناته"، موضحاً أن تشكيلها "يشكل أول اتفاق سياسي بين الحكومة السورية والمعارضة".

ويستبق بيدرسون بدء الاجتماعات بلقاء يعقده ليل الثلاثاء مع وزراء خارجية روسيا وإيران الداعمتين للحكومة السورية وتركيا الداعمة للمعارضة. وترعى الدول الثلاث محادثات آستانا التي استضافتها كازاخستان منذ العام 2017، وانبثق عنها تشكيل اللجنة الدستورية باقتراح روسي.

وأثارت تسمية أعضاء اللجنة الموسّعة خلافات بين دمشق والأمم المتحدة على مدى أشهر، قبل أن تعلن الأمم المتحدة التوصل إلى اتفاق بشأنها الشهر الماضي.

وتنبثق عن المجموعة الموسّعة لجنة صياغة مصغّرة تضم 45 عضواً، يمثلون الأطراف الثلاثة بالتساوي. ويعود للجنة، وفق ميثاق تشكيلها، أن "تراجع دستور 2012 (...) وأن تقوم بتعديل الدستور الحالي أو صياغة دستور جديد".

الأنظار تتجه نحو جنيف بداية من الأربعاء، لمعرفة مصير اجتماعات اللجنة الدستورية، التي يأمل السوريون أن تشكل بارقة أمل لطي صفحة الحرب وعودة الاستقرار بعد سنوات الدمار

ولم تحدد الأمم المتحدة إطاراً زمنياً لانجاز عملها، إلا أن بيدرسون قال إن الأطراف ملتزمة العمل "على وجه السرعة وبشكل مستمر لتحقيق تقدم ونتائج ملموسة".

وتتخذ اللجنة قراراتها، وفق ما شرح بيدرسون، بـ"التوافق" "وإلا بأغلبية 75 في المئة من الأصوات"، ما من شأنه أن يضمن "ألا تتمكن كتلة واحدة من فرض اقتراحاتها".

ويخشى محللون أن تؤدي نسبة الأصوات المطلوبة هذه إلى شلّ قدرة اللجنة على اتخاذ أي اجراءات أو قرارات.

وأقرّ بيدرسون بأن "اللجنة الدستورية وحدها لا يمكنها أن تحل ولن تحل النزاع السوري" لكنها "خطوة في الاتجاه الصحيح" ويمكنها أن "تفتح الباب نحو تسوية سياسية أشمل" للنزاع.

وأبدى ارتياحه إزاء "الدعم الكامل" الذي يتلقاه من المجتمع الدولي.

وعقد بيدرسون الاثنين اجتماعاً مع مبعوثي الاتحاد الأوروبي، على أن يلتقي الجمعة ممثلين عن المجموعة المصغرة التي تضم دولاً عدة أبرزها الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا والسعودية.

وشدد على أنه "سيكون مهماً ومفيداً لو انطلق عمل اللجنة الدستورية مع اتخاذ خطوات ملموسة وتدابير لبناء الثقة بين السوريين أنفسهم وبين سوريا والمجتمع الدولي".

وفشلت كل جولات التفاوض السابقة التي قادتها الأمم المتحدة في تحقيق أي تقدم على طريق تسوية النزاع بسبب تباين وجهات النظر بين وفدي النظام والمعارضة.

ويأتي انطلاق عمل اللجنة الدستورية على وقع أحداث ميدانية متسارعة في شمال شرق سوريا، حيث نشرت القوات الحكومية وحداتها في مناطق سيطرة القوات الكردية، إثر هجوم شنته تركيا مع فصائل سورية موالية لها مكنها من السيطرة على شريط حدودي بطول 120 كيلومتراً.

ودعا بيدرسون إلى إعلان وقف شامل لإطلاق النار في سوريا. وقال "نؤمن أن القتال الجاري هو دليل آخر على أهمية الشروع في عملية سياسية جدية يمكنها أن تساهم في حل المشاكل على كافة الأراضي السورية".

وتشهد سوريا نزاعاً دامياً منذ العام 2011 تسبب بمقتل أكثر من 370 ألف شخص وأحدث دماراً هائلاً وتسبّب بنزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.