احتجاجات عنيفة ببلدة تونسية بعد مقتل رجل في كشك هدمته الشرطة

رئيس الحكومة التونسية يقيل محافظ القصرين ومسؤولين أمنيين على خلفية فاجعة هزت مدينة سبيطلة بعد وفاة رجل خمسيني في محل صغير هدمته السلطات فجرا فوق رأسه دون أن تعلم أنه نائم فيه.
محافظة القصرين تعاني التهميش منذ الاستقلال
نشطاء يهاجمون الحكومة: تتغاضى عن حيتان الفساد وتلاحق المهمشين
السلطات المحلية تستعين بالجيش في مواجهة غضب المحتجين بسبيطلة

تونس - اندلعت اليوم الثلاثاء احتجاجات عنيفة في بلدة سبيطلة التونسية التابعة لمحافظة القصرين (وسط غرب) بين مئات المحتجين وقوات الشرطة عقب وفاة رجل تحت أنقاض محل صغير هدمته السلطات فجرا لمخالفته الشروط القانونية دون أن تعلم أن صاحبه نائم داخله.

وفجر الحادث غضبا واسعا بين سكان المنطقة الذين أغلقوا الطرقات وأشعلوا العجلات المطاطية ورشقوا قوات الأمن بالحجارة. وتلاحق قوات الأمن المحتجين وتطلق قنابل الغاز.

وعقب الحادث أقال رئيس الوزراء هشام المشيشي محافظ القصرين ومسؤولين أمنيين بالمنطقة، في محاولة لاحتواء أحدث حالات التوتر الاجتماعي في البلاد، بينما لم تشمل قرارات الإقالة رئيس البلدية الذي يتحمل هو المسؤولية المباشرة عن الكارثة التي أججت التوتر.

ووفق بيان للحكومة التونسية، قرر المشيشي على خلفية الواقعة إقالة والي القصرين ومعتمد (رئيس) مدينة سبيطلة ورئيس منطقة الأمن الوطني ورئيس مركز شرطة البلدية بالمدينة.

 

وأضاف البيان أنه تم تكليف وزيري الدّاخلية والشؤون المحلية بزيارة سبيطلة لتوفير الاحتياجات المادية والرعاية المعنوية لعائلة الفقيد (لم تذكر اسمه) وفتح تحقيق في ظروف وملابسات الحادث.

وطالب وزير الداخلية بتوفير مساعدة مادية ومعنوية لعائلة الرجل الذي قتل ضمن مسعى لتهدئة لهيب الاحتجاجات وهي حلول تسكينية دأبت السلطات على إتباعها منذ ثورة يناير/كانون الثاني 2011 والتي اندلعت احتجاجا على الظلم والفساد وغياب العدالة الاجتماعية والتنمية.

وانتقد نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي حكومة المشيشي واعتبروا قرار إقالة محافظ القصرين مجرد ذر رماد على العيون، وأن حادثة مقتل رجل خمسيني تحت أنقاض كشك هدمته السلطات فوق رأسه دون علم أنه ينام فيه، تسلط الضوء على ممارسات انتقائية وتعسفية حتى لو كانت تتعلق بتطبيق القانون.

وعلق بعضهم متسائلا كيف تتغاضى الحكومة عن حيتان الفساد الكبيرة، بينما تضيق الخناق على مهمشين يبحثون عن تحسين أوضاعهم الاجتماعية.

وتعاني محافظة القصرين من التهميش منذ استقلال البلاد شأنها في ذلك شأن بقية المناطق الداخلية التي تعرف بمناطق الظلّ وجيوب الفقر . وبعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011 لم يتغير شيء بل ازدادت تلك المناطق فقرا وتهميشا كما استشرى الفساد وتغلغل في مختلف مؤسسات الدولة.

وقال شهود إن قوات الجيش انتشرت بالبلدة الواقعة قرب الحدود الجزائرية لحماية المقرات الحكومية وسط غضب الأهالي والخشية من توسع رقعة الاحتجاجات.

وكان الرجل نائما في كشك غير مرخص له من قبل السلطات، بينما نفذت شرطة البلدية عملية هدم الكشك مما تسبب في وفاته تحت الأنقاض في حادث أثار انتقادات واسعة حول كيفية تعامل الشرطة وتطبيق القانون خصوصا مع الفئات المهمشة.

وأوضحت وسائل إعلام محلية، أن القتيل اعتاد أن ينام داخل الكشك الذي يمتلكه. ومؤخرا، شددت السلطات التّونسية الرّقابة على المباني غير المرخصة، ما دفعها في بعض الأحيان إلى تطبيق قرارات هدم للبنايات المخالفة.

وأثار توقيت عملية الهدم تساؤلات واستنكارا في آن واحد، فطالما أن الأمر يتعلق بتطبيق القانون لماذا اختارت السلطات البلدية الساعة الرابعة فجرا بينما كان يفترض أن تتم في وضح النهار.

وبعد نحو عقد من انتفاضة ضد الفقر والتهميش أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي، تفاقمت الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية السيئة في تونس وزاد الفقر والبطالة خصوصا في المناطق المهمشة مثل القصرين وسيدي بوزيد وقفصة.

وأصبحت الأوضاع الاجتماعية الهشة بمثابة قنبلة موقوتة تخشى السلطات انفجارها في أي وقت في ظل تزايد المصاعب المالية للدولة وعدم قدرتها على الاستجابة لمطالب المحتجين.

وفقد التونسيون الثقة في الساسة الذين انشغلوا في تحصين مواقعهم وفي سجالات وتجاذبات، بينما يزداد الوضع المعيشي سوء كما ارتفع معدلا البطالة والفقر بشكل كبير وارتفعت وتيرة الجرائم في البلاد والهجرة غير الشرعية.

وفي ظل الأزمة الاقتصادية وتداعيات جائحة كورونا تقف حكومة المشيشي عاجزة عن معالجة الملفات الحارقة من تنمية وتشغيل وعدالة اجتماعية.