احتفالات اليهود الدينية في تونس تُظهر التعايش السلمي بين الأديان

حسن الشلغومي يؤكد أن التظاهرة هي محفل سنوي للسلام والتعايش، وتمثل ردا على المتطرفين الذين لا يؤمنون بتعدد الديانات في الأراضي المسلمة.

تونس - ثمّن رئيس منتدى أئمة فرنسا حسن الشلغومي، السبت، الاحتفالات الدينية الموسمية في "كنيس الغريبة" اليهودي بجنوب تونس، مشيرا إلى أنها تمثل ردا على المتطرفين وأعداء الإسلام.

وقال الشلغومي -الذي يشارك في احتفالات الكنيس الذي يقع في جزيرة جربة بجنوب تونس- إن هذه التظاهرة هي محفل سنوي للسلام والتعايش، وتمثل ردا على المتطرفين الذين لا يؤمنون بتعدد الديانات في الأراضي المسلمة.

وأضاف الشلغومي، في تصريح لإذاعة "شمس إف إم" الخاصة، أن "زيارة كنيس الغريبة، هو دليل على أن حرية الدين والمعتقد موجود في الثقافة والدين الإسلامي".

وبدأ موسم زيارة اليهود الى الكنيس الأقدم والأشهر بشمال أفريقيا، منذ الخميس، وتصل الاحتفالات ذروتها يومي 8 و9 من الشهر الجاري والتي تشهد موكب "الخرجة" وطقوس الزيارة.

وبالإضافة إلى ما يعكسه حج اليهود لكنيس الغريبة من تسامح المجتمع التونسي تراهن الحكومة على إنجاح موسم الحج لطمأنة أسواقها السياحية الأوروبية خاصة وبأن تونس "آمنة" وتعد وجهة سياحية مفضلة.

ويتوافد زائرون في رحلات من دول أوروبية أساسا، بالإضافة إلى المئات من اليهود القاطنين في جزيرة جربة، كما تستقطب الاحتفالات يهودا من إسرائيل من أصول تونسية.

وقال الشلغومي "جربة جزيرة السلام.. واحتفالية زيارة كنيس الغريبة غير موجودة في العالم حيث يعيش أكثر من 1500 يهودي في جربة، ويأتيهم يهود العالم للمشاركة في الزيارة إلى جانب تونسيين مسلمين".

وتابع رئيس منتدى أئمة فرنسا قائلا إن "هذه أكبر رسالة لأعداء الإسلام والعنصريين والإرهابيين الذين يشوهون الدين، بأن الإسلام دين سلام وضامن لحرية الأشخاص والأمن لكل معتقدات أهل الكتاب".

وتفاخر الجزيرة بقيم التسامح والتنوع الثقافي والديني بين سكانها المسلمين واليهود والمقيمين من المسيحيين الأجانب، ويمكن ملاحظة أحد أبرز مظاهر التعايش من خلال المحلات المتجاورة والعلاقات بين التجار المسلمين واليهود المتواجدين بكثرة في سوق الصاغة.

وشددت السلطات الأمنية إجراءاتها منذ نحو أسبوع حيث تنتشر الشرطة في أغلب أرجاء الجزيرة وفي مفترقات الطرق والأماكن الحساسة والمزارات السياحية والأسواق ومحيط كنيس الغريبة ومنطقتي "الحارة الكبيرة" و"الحارة الصغيرة" اللتين تضمان عائلات ومتاجر اليهود.

وقام وزير الداخلية التونسية كمال الفقي، السبت، بزيارة ميدانية إلى جزيرة جربة للاطلاع على جاهزية الوحدات الأمنية بمناسبة الزيارة السنوية لمعبد الغريبة.

وأكد الوزير أن القوات الأمنية في مرتبة عالية ومتقدمة لتأمين التظاهرة، موضحا أن تونس هي أرض للتعايش والسلام والوئام.

وأكد أن الزيارة السنوية لمعبد الغريبة في جربة، هي مصدر شعور بالفخر، باعتبار أن تأمينها هو محط أنظار كل التونسيين واليهود حول العالم.

وأضاف الوزير أن هذه التظاهرة هي مدخل للموسم السياحي في تونس وهي مناسبة لليهود في تونس والعالم، معبرا عن أمله في أن تكون آمنة وبادرة خير على التونسيين، حسب تعبيره.

ورحب وزير الداخلية بزوار المعبد قائلا "مرحبا بهم في تونس ومرحبا بالسلام في تونس".

ويرى مراقبون أن هذا الحدث الديني يشكل مناسبة لترويج صورة البلاد التي تضررت في السنوات الأخيرة بفعل بعض العمليات الإرهابية والتجاذبات السياسية.

وقال وزير السياحة التونسي الأسبق روني الطرابلسي، نجل رئيس هيئة كنيس الغريبة، إن الحجوزات الخاصة بالزيارة الموسمية للكنيس هذا العام بلغت طاقتها القصوى.

وأضاف الطرابلسي وهو رجل أعمال في القطاع السياحي لوكالة الأنباء الرسمية أنه يتوقع توافد حوالي سبعة آلاف زائر أجنبي إلى الكنيس وفق بيانات وكالات السفريات، أي حوالي ضعف عدد الزائرين للعام الماضي.

وأوضح الطرابلسي "نسبة الحجوزات بالوحدات الفندقية (في جزيرة جربة) بلغت 100 بالمئة".

وكان الكنيس هدفا لتفجير إرهابي في عام 2002، مما تسبب في وفاة 21 شخصا من بينهم 14 ألمانيا وخمسة تونسيين وفرنسيين اثنين.

ومنذ ذلك التاريخ تراجع أعداد الزائرين بشكل لافت، ويتوقع أن يبلغ عددهم هذا العام نحو سبعة آلاف زائر وفق الهيئة المنظمة لاحتفالات كنيس الغريبة، أي حوالي ضعف العدد المسجل العام الماضي.

وكان تعداد أقلية اليهود في تونس حوالي 100 ألف في خمسينات القرن الماضي، لكنه تقلص على مدى عقود حتى انحسر في حدود ألفين اليوم، بسبب الحروب العربية الاسرائيلية والهجرات الجماعية التي تلتها إلى إسرائيل والدول الأوروبية.