اختلال التوازن المالي يهدد الأمن القومي التونسي

رئيس لجنة المالية بالبرلمان يؤكد أن التوازنات المالية العمومية في مأزق كبير والأرقام مفزعة لأسباب هيكلية وبنيوية متراكمة لقرابة عقد.
رئيس لجنة المالية يطالب بضرورة إيجاد الحلول الكفيلة بمجابهة هذه الأزمة المالية
غياب الاستقرار السياسي أثر على المالية العمومية وعمق عجز الموازنة العامة

تونس - تعيش تونس على وقع صعوبات مالية كبيرة بسبب العجز في الموازنة العامة والذي وصل إلى مستويات غير مسبوقة وسط مخاوف من عدم قدرة الدولة على تسديد رواتب الموظفين والديون المستحقة.
وأوضح رئيس لجنة المالية بالبرلمان هيكل المكي، اليوم الإثنين أن التوازنات المالية العمومية في مأزق كبير والأرقام مفزعة لأسباب هيكلية وبنيوية متراكمة لقرابة عقد.
وشدد هيكل المكي اثر افتتاح ندوة نظمتها اللجنة للتباحث حول الحلول الممكنة لتجاوز الصعوبات المالية التي يطرحها مشروع ميزانية الدولة لسنة 2021، إلى أن تعمق هذا الأزمة سيهدد الأمن القومي التونسي على المدى القصير والمتوسط.
وطالب رئيس لجنة المالية بضرورة إيجاد الحلول الكفيلة بمجابهة هذه الأزمة مطالبا بتأسيس مالية عمومية متعافية تليق بالدولة وبأسسها وتكون في خدمة الشعب.

وأعلن رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي الاسبوع الماضي أن عجز الموازنة سيبلغ مستوى قياسيا عام 2020 يناهز 14 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي، ودعا البنك المركزي إلى التدخل للحد من الأزمة التي يعيشها البلد.
وقال المشيشي خلال مؤتمر صحافي في العاصمة تونس "بلدنا لم يعرف أزمة اقتصادية واجتماعية بهذا العمق".
وتوقع صندوق النقد الدولي أن يشهد الناتج المحلي الاجمالي لتونس تراجعا تاريخيا بنسبة سبعة بالمئة عام 2020، خصوصا بسبب تداعيات أزمة جائحة كوفيد-19.
واعتبر المشيشي أن هذا الوضع ناتج أيضا عن تراكمات لأعوام من انعدام الاستقرار على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
وتشكلت تسع حكومات في تونس منذ الثورة التي أطاحت الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي عام 2011، ما عطّل تطبيق إصلاحات عميقة لتحفيز الاقتصاد المتعثّر.
وسيصل عجز الموازنة هذا العام الى 14 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وأفاد المشيشي أن هامش التحرك لخفض العجز محدود و"سيتراجع ربما نقطتين في حال تأجيل (تسديد) بعض الديون".
وانتهى برنامج التمويل التابع لصندوق النقد الدولي الممتد لأربعة أعوام في الربيع، ولا برنامجا آخر في الأفق لتمويل موازنة تونس التي اعتمدت بشكل كبير على المقرضين الدوليين في الأعوام الأخيرة.
وقدّر رئيس الحكومة التونسي أن الحل يكمن لدى البنك المركزي الذي "لديه قناعة بأن له دورا كبيرا في الحد من الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد".
وانتقد البنك المركزي الفترة الماضية نسبة العجز المرتفعة واللجوء المبالغ فيه للتمويل الخارجي في قانون الموازنة التكميلي.
وتحاول الحكومة إقناع البنك المركزي بضرورة تمويل العجز لكن محافظ البنك وعددا من الكتل السياسية ترفض هذا المقترح حيث سيؤدي ذلك الى تفاقم نسب التضخم وضرب استقلالية البنك وهو ما سينعكس سلبا على الوضع الاقتصادي في الفترة المقبلة.