اخوان ليبيا يستعجلون تدخلا عسكريا تركيا

الاتفاق الأمني بين أنقرة وطرابلس يتيح لتركيا تدريب ميليشيات اخوانية مسلحة في غرب ليبيا وترسيخ أقدامها في ساحة مفتوحة على التشدد والتطرف الديني تقاومه قوات الجيش الوطني.

تركيا تتستر باتفاق أمني للتغطية على تدريب وتسليح إخوان ليبيا
تركيا تترك الباب مواربا لإرسال قوات إلى حكومة السراج
أنقرة تقول إن اتفاقها الأمني مع حكومة السراج لا يشمل نشر قوات
حكومة السراج تفتح غرب ليبيا للتوسع التركي من بوابة التعاون العسكري
الاتفاق الأمني ومذكرة التفاهم بين أنقرة وطرابلس تشكل خرقا معلنا للمواثيق الدولية

طرابلس/أنقرة - طالبت جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج بأن يدعو تركيا لنشر قواتها في ليبيا.

ونقلت وكالة 'نوفا' الايطالية للأنباء الأربعاء عن عبدالرزاق العرادي القيادي في جماعة الإخوان المسلمين وحزب العدالة والبناء التابع للإخوان "يجب أن يقبل (السراج) باستجلاب القوات العسكرية التركية على الأراضي الليبية لدحر قوات خليفة حفتر والسيطرة على ليبيا".

وأشارت إلى أن العرادي نشر بيانا على فايسبوك يستعجل فيه موافقة حكومة السرّاج المدعومة من الإخوان، على نشر تركيا قوات في طرابلس في خضم معركة أطلقها الجيش الوطني الليبي في أبريل/نيسان لتطهير العاصمة الليبية من جماعات متطرفة.

وجاءت دعوة العرادي على اثر إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استعداده لنشر قوات تركية في طرابلس إذا طلبت السلطات المنبثقة عن اتفاق الصخيرات السياسي في ديسمبر/كانون الأول 2015 ذلك.

كما تأتي تصريحات القيادي الاخواني على اثر إعلان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الأربعاء أن الاتفاق الأمني مع حكومة السراج لا يشمل بندا بخصوص نشر تركيا قوات هناك.

وحاولت تركيا الأربعاء احتواء ارتدادات الاتفاق الأمني المثير للجدل مع حكومة الوفاق الوطني الليبية التي يقودها رجل الأعمال فايز السراج، مشيرة إلى أن الاتفاق لا يشمل إرسال قوات تركية إلى طرابلس، لكنها تركت في الوقت ذاته الباب مواربا للإقدام على هذه الخطوة. ووقعت الحكومة الليبية المعترف بها دوليا وتركيا قبل أسبوعين اتفاقا أمنيا وعسكريا موسعا ومذكرة بخصوص الحدود البحرية.

وكان أردوغان قال هذا الأسبوع إنه في أعقاب الاتفاق الأمني والعسكري، فقد ترسل تركيا قوات إلى ليبيا إذا طلبت منها حكومة فايز السراج في طرابلس ذلك، مضيفا أن مثل هذه الخطوة لا تنتهك حظر السلاح الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا وأن تركيا "لن تسعى للحصول على تصريح من أحد".

وزير الخارجية التركي يتحدث عن تدريب قوات حكومة الوفاق الوطني في طرابلس دون نشر قوات، في خطوة تشكل في سياقاتها تمددا في غرب ليبيا تحت عنوان التعاون العسكري

والاتفاق الأمني والعسكري إضافة إلى مذكرة التفاهم حول ترسيم الحدود البحرية يشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي كونه يخرق قرارات حظر السلاح على ليبيا ولأن البرلمان الليبي لم يقرّه ولم يعرض عليه أصلا.

وأوضح جاويش أوغلو أن الاتفاق الجديد يركز أساسا على التدريب، مضيفا في مؤتمر صحفي بأنقرة "الاتفاق الأمني لا يتضمن أي بنود بخصوص إرسال قوات. سبق وأن وقعنا اتفاقات مماثلة من قبل وهذا مجرد اتفاق محدث. ليس هناك انتشار للقوات".

وتتحرك تركيا لتوسيع منافذها في غرب ليبيا مستفيدة من التسهيلات التي قدمتها حكومة الوفاق لأنقرة لترسيخ أقدامها في الساحة الليبية.

وحديث الوزير التركي عن تدريب قوات تابعة لحكومة الوفاق هو بالأساس ذريعة للتغطية على الدور التركي في دعم وتسليح وتدريب ميليشيات مسلحة تابعة لجماعة الإخوان الليبية المؤيدة للسراج.

وتابع  "مع ذلك قال رئيسنا إنه يمكننا أن نُقيِم ذلك إذا تلقينا طلبا بهذا الخصوص"، تاركا الباب مفتوحا أمام إمكانية إرسال قوات تركية إلى طرابلس.

وليس من المستبعد أن تقدم تركيا على هذه الخطوة فقد سبق لها أن انتهكت قرار حظر السلاح على ليبيا وأرسلت عتاد عسكريا لميليشيات موالية لحكومة الوفاق تشمل طائرات استطلاع وذخيرة وعربات عسكرية.

وفي المقابل توعدت البحرية الليبية بإغراق أي سفينة تركية تقترب من سواحل ليبيا.

وقال رئيس أركان القوات البحرية الليبية التابعة للجيش الوطني فرج المهدوي إن قواته "ستتعامل بقوة مع أي سفينة تركية تقترب من السواحل الليبية."

وتابع في بيان صحفي أنه "تلقى أوامر بإغراق أي سفينة تركية تأتي لاستكشاف النفط داخل الحدود البحرية الليبية."

البحرية الليبية تتوعد بتدمير وإغراق أي سفينة استكشافية تركية تقترب من سواحل ليبيا

وأكدّ أن لديه أمر باغراق أي سفينة تركية تقترب من سواحل بلاده قائلا "لدي أمر  في حال ما اقتربت السفن الاستكشافية، سيكون لدي حل: سأغرقهم بنفسي. لقد تلقيت أوامر واضحة من القيادة العامة للجيش تقضي بتدمير وإغراق أي سفينة تركية تقترب من سواحل ليبيا."

وكان الجيش الوطني الليبي قال في يونيو/حزيران إنه قطع جميع العلاقات مع أنقرة وإن الرحلات الجوية التجارية أو السفن التركية التي ستحاول المرور عبر ليبيا ستُعامل على أنها معادية.

وكان البرلمان الليبي استنكر عبر لجنة الدفاع والأمن القومي، تصريحات أردوغان حول إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا. وأكدت اللجنة أن ليبيا لن تكون بوابة لرجوع الدولة العثمانية.

ونددت لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان الليبي الثلاثاء بتصريحات الرئيس التركي، مطالبة جامعة الدول العربية بتفعيل اتفاق الدفاع العربي المشترك باعتبار ليبيا عضوا بالجامعة.

كما دعت اللجنة الجامعة العربية إلى عقد جلسة طارئة لاتخاذ موقف بشأن التدخل التركي، مطالبةً قوات الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر باستهداف أي قوات تركية داخل المياه أو الأراضي الليبية.

تركيا تسمم الأجواء في شرق المتوسط وتفاقم الانقسامات في ليبيا
تركيا تسمم الأجواء في شرق المتوسط وتفاقم الانقسامات في ليبيا

وشددت الأمم المتحدة الأربعاء على أهمية أن تجري اليونان وتركيا "حوارا مستمرا" حول الملفات الحساسة بعدما طالبت أثينا بإدانة أممية للاتفاق البحري الذي وقعته مؤخرا بين أنقرة وطرابلس.

وقال مساعد المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق إن "الأمانة العامة للأمم المتحدة لا تتبنى موقفا ولا تعلق على الموضوعات المتصلة بسيادة وحقوق وتشريعات الدول بالنسبة إلى مناطقها البحرية".

وتابع "لكن في بعض المناطق مثل البحار المغلقة أو نصف المغلقة، ينبغي تركيز الاهتمام على مصالح الإطراف الآخرين".

وكان قد سئل عن رد الأمم المتحدة على طلب الإدانة الذي تقدمت به أثينا في رسالتين إلى الأمين العام ومجلس الأمن.

وقال المسؤول الأممي "نحن واثقون بأن كل الأطراف المعنيين يقرون بضرورة إجراء حوار مستمر حول هذه الموضوعات الحساسة وبناء عليه وبما ينسجم مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، يجب حل كل الخلافات بطريقة سلمية".

ويتيح الاتفاق البحري الذي توصلت إليه تركيا وليبيا في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني لأنقرة توسيع حدودها البحرية في منطقة من شرق المتوسط تختزن كميات كبيرة من النفط تم اكتشافها في الأعوام الأخيرة.

ورأت عدة دول متوسّطية أن هذه الخطوة "غير قانونية" وفي مقدمها اليونان، بينما قال دبلوماسيون في نيويورك أن جدول أعمال مجلس الأمن لا يتضمن أي اجتماع لمناقشة الاتفاق البحري التركي الليبي.