ارث الاستعمار الفرنسي يدخل باب المزايدات في تونس

ائتلاف الكرامة يتقدم بمشروع لائحة في البرلمان تطالب فرنسا بالاعتذار الرسمي والعلني للشعب التونسي عن جرائمها في حقبة الاستعمار وبعدها وكتل تطالب بتضمين جرائم الاحتلال العثماني.

تونس - تسعى كتل وأحزاب الإسلام السياسي في تونس الى المزايدة بقضية الاستعمار الفرنسي وذلك بعد اكثر من 60 سنة من الاستقلال.
وفي هذا الصدد تقدّمت كتلة برلمانية تونسية محسوبة على الإسلام السياسي وفق بيان صادر عن البرلمان، الأربعاء، بمشروع لائحة تطالب فرنسا بالاعتذار الرسمي والعلني للشعب التونسي عن جرائمها في حقبة الاستعمار وبعدها.
وقال البيان: "قدّم سيف الدين مخلوف، رئيس كتلة ائتلاف الكرامة (ائتلاف ثوري/ 19 نائبا من أصل 217) مرتكزات اللائحة التي ترغبُ في استصدار موقف من مجلس النواب بغاية مطالبة الدولة الفرنسيّة بالاعتذار الرسمي والعلني للشعب التونسي عن جرائمها في حقبة الاحتلال (1881- 1956) وبعدها".
وأضاف: "وفق ما يسمحُ به النظام الداخلي للبرلمان، قدّم عددٌ من رؤساء الكتل مقترحات لتعديل هذه اللائحة قبل تمريرها إلى الجلسة العامّة، ويبقى المجال لصاحب المبادرة لقبول مقترحات التعديل من عدمه".

ويتطلّب تمرير مشروع اللائحة في الجلسة العامة تصويت ثلث أعضاء البرلمان، أي 73 نائبا من مجموع 217 فيما لم يُحدّد البرلمان بعد موعدا لجلسة مناقشة اللائحة.
ويعتبر سيف الدين مخلوف مقربا من رئيس البرلمان و حركة النهضة راشد الغنوشي حيث اتهمت كتلته بالولاء التام لأجندات الحركة الاخوانية التونسية في البرلمان رغم انها لم تنضم لحكومة الياس الفخفاخ.
ودائما ما تصوت الكتلة لصالح كل مشاريع القوانين التي تخدم مصالح حركة النهضة بل وتصنف على انها اكثر تشددا منها في بعض المسائل.
وكان عدد من قيادات ونواب الائتلاف مسؤولين في روابط حماية الثورة التي تم حلها عقب تورطها في أعمال عنف ضد المعارضين لحكومة الترويكا التي تشكلت بعد فوز النهضة في انتخابات 2011.
واتهم مخلوف نفسه بالاعتداء اللفظي على رئيسة كتلة الحزب الدستور الحر عبير موسى بعد ان اتهمته بان كتلته تحوي تكفيريين ومتورطين في العنف السياسي.
وفي وقت سابق الأربعاء، ناقش رؤساء الكتل البرلمانية مشروع لائحة الاعتذار، خلال اجتماع مع الغنوشي، وفق البيان نفسه.
ونقل البيان عن الغنوشي تأكيده، خلال الاجتماع، على "أهمية أن تعمل كلّ الأطراف على خفض التوتّر، والحرص على إنجاز المهام المطلوبة من مجلس النواب في هذا الظرف الدقيق الذي تمرّ به البلاد والعالم".
وعبر عدد من قادة الكتل عن رفضهم سياسة المزايدة التي تتباها كتل الاسلام السياسي وذلك خدمة لاجندات دولية وليس الهدف منها إنصاف ضحايا الاحتلال الفرنسي.
وقال رئيس كتلة الإصلاح في تصريح لاذاعة " أي اف ام" الخاصة الاسبوع الماضي أنه مستعد للمصادقة على اللائحة إذا ما تمت إضافة مطالبة اعتذار من الإمبراطورية العثمانية والدولة التركية على استعمار تونس طيلة سنوات، وعلى ما ارتكبته من جرائم في حق تونس.

وقال الناصفي " فرنسا لم تكن هي الوحيدة التي استعمرتنا و من يريد الحديث عن المستعمرين فليتحدث عليهم جميعا، ولا بد من إدماجهم في لائحة موحدة ومطالبتهم بالاعتذار" في اشارة الى الاحتلال التركي.
واضاف " أرفض التصويت على لائحة تقوم على المزايدات السياسية وتسجيل المواقف مؤكدا انه سيقترح على ائتلاف الكرامة تعديل اللائحة وتضمين مطالبة كل من استعمر هذه البلاد بالاعتذار المعنوي والمادي".
ويرى مراقبون ان اللائحة تندرج في اطار التحالفات الإقليمية والصراعات في المنطقة خاصة بين انقرة وباريس نتيجة الخلافات حول عدة ملفات أهمها الملف الليبي.
واتهمت الكتلة مرارا بالمزايدة على عدد من الملفات حيث مثل ملف تاميم النفط والملح العناوين العريضة لحملتها الانتخابية والتي دفعت عدد من التونسيين للتصويت لها في التشريعية ليتفاجا الناخبون بان الكتلة لم تفي بوعودها في هذا الملف.
وخضعت تونس للاحتلال الفرنسي لمدّة 75 عاما بداية من 12 مايو/ أيار 1881، ونالت استقلالها في 20 مارس/ آذار 1956.