استعادة إدلب تمهد لنهاية الإرهاب الإيراني

نهاية جبهة النصرة هي تمهيد لنهاية الجماعات الإرهابية المسلحة المرتبطة بإيران.

إدلب هي اليوم في عين العاصفة. عودة تلك المحافظة الشمالية إلى الجسد الذي تديره الحكومة المركزية صارت ضرورية بالنسبة لأطراف عديدة، يهمها أن يتم الإعلان عن نهاية الحرب المأساوية في سوريا بعد أكثر من سبع سنوات على نشوبها.

روسيا هي الطرف الذي يعمل بشكل حثيث على اقناع الأطراف الدولية الأخرى بأن خطوة من ذلك النوع ستمهد الطريق للوصول إلى نتائج باهرة على مستوى حل الكثير من مشكلات المنطقة المستعصية وبالأخص منها تلك التي تتعلق بالصراع العربي ــ الإسرائيلي.

في السياق نفسه فإن إسرائيل هي الأخرى معنية بوضع نهاية للفوضى في البلد الجار الذي لن يجد النظام الحاكم فيه مانعا من مراجعة سياسات الممانعة والمقاومة التي لن يقوى على الاستمرار فيها، بعد أن صار في أمس الحاجة إلى تلقي المساعدات الدولية للبدء في حملة أعمار قد تستمر لسنوات طويلة وقد لا تنتهي.

تركيا التي كانت إلى وقت قريب تمثل دور الدولة الضامنة للجماعات المسلحة أجبرتها الأزمة الاقتصادية بسبب تردي العلاقة مع الولايات المتحدة إلى التخلي عن جبهة النصرة في إدلب فاعتبرتها جماعة إرهابية ينبغي التخلص منها. وهو تحول خطير يشير إلى أن تركيا باتت أقرب إلى الموقف الروسي من أي وقت مضى.

اما على صعيد الموقف الأميركي فإن التحذير من إمكانية أن يشن الجيش السوري هجوما كيماويا على إدلب لا يعني بالضرورة أن الولايات المتحدة تمانع في أن يقوم الجيش السوري باستعادة إدلب.

لدى الإدارة الأميركية في سوريا ما هو أهم من إدلب.

ما يشغل الولايات المتحدة اليوم هو تنفيذ مخططها الهادف إلى احتواء إيران وانهاء تمددها في المنطقة. توجه نافع هو أفضل بكثير من الاهتمام العبثي وغير المشروع بإدلب، التي هي محافظة سورية وينبغي كما تقتضي القوانين أن تكون تحت سيطرة الحكومة السورية.

لا أعتقد أن المعارضة السورية الرسمية مهتمة بمصير إدلب إلا لأن بقاء تلك المحافظة خارج السيطرة الحكومية يمثل ورقة للتفاوض. وهو اعتبار لا قيمة له على مستوى واقعي. ذلك لأن الجماعات المسلحة التي تسيطر الآن على إدلب لا تعترف بشرعية تلك المعارضة.

اما الحديث عن المجزرة التي يمكن أن تقع إذا ما بادر الجيش السوري لاستعادة إدلب فهو عبارة عن كلمة حق يُراد بها باطل.

لقد استقبلت إدلب المهزومين من المسلحين من مختلف المناطق التي جرت استعادتها من قبل الدولة السورية. كان أولئك المسلحون قد أجمعوا على رفض التسوية على أساس القبول بالأمر الواقع، أي الاعتراف بانتصار القوات الحكومية لذلك قرروا اختيار الرحيل إلى منطقة، يكون فيها وجودهم آمنا.

غير أن عددا كبيرا من تلك الجماعات بات على قناعة من أن الاستمرار في التمرد في ظل غياب الأمل في تجدد الثورة لا يجدي نفعا. الأمر الذي دفع بالكثيرين إلى مراجعة حساباتهم والعودة عن مواقفهم السابقة.

ذلك ما دفع جبهة النصرة وهي جماعة إرهابية مطلوبة من قبل قوى إقليمية ودولية في مقدمتها الولايات المتحدة إلى أن تشعر بعزلتها.

الروس يعرفون ذلك بعد أن اجروا اتصالات مكثفة من خلال الوسيط التركي بكل الفصائل المسلحة الأخرى التي باتت على يقين من أن لا حل ينقذها من هيمنة جبهة النصرة إلا في العودة إلى أحضان الدولة السورية.

لذلك فإن الأمور أصبحت محسومة في إدلب.

المعركة التي ستجري هناك سيكون هدفها القضاء على جبهة النصرة. وهو هدف يتفق عليه الروس والأميركان والأتراك معا. إضافة إلى أنه يلقى قبولا من قبل الجماعات المسلحة التي سأمت الحرب.       

من المؤكد أن نهاية الحرب في سوريا من خلال استعادة إدلب ستنتقل بالمنطقة إلى مرحلة، يمكنها اثناءها أن تستعيد أنفاسها استعدادا لكنس نفايات التمدد الإيراني التي يشكل وجودها خطرا شبيها بخطر وجود جبهة النصرة في إدلب.

يمكنني القول إن نهاية جبهة النصرة هي تمهيد لنهاية الجماعات الإرهابية المسلحة المرتبطة بإيران.