استقالة أخرى تفضح الأزمة العميقة في حكومة اردوغان

إعلان بولنت أرينتش الحليف التاريخي لاردوغان استقالته كمستشار للرئيس يأتي بعد أيام من تنحي براءت ألبيرق من منصب وزير المالية وفي أعقاب انشقاقات متوالية عن العدالة والتنمية تفضح تفككا داخل النظام التركي.
استقالة تلو الأخرى تقضم من شعبية اردوغان
المعارضة أكبر مستفيد من استقالات متوالية تعصف بحكومة اردوغان

أنقرة - قدّم حليف تاريخي للرئيس التركي رجب طيب اردوغان استقالته كمستشار الثلاثاء بعدما تعرّض لهجوم عنيف بسبب مطالبته بالإفراج عن معارضين معتقلين، في أعقاب إعلان اردوغان عن إصلاحات قضائية.

واستقال بولنت أرينتش نائب رئيس الوزراء السابق ورئيس البرلمان البالغ 72 عاماً، من منصبه في المجلس الاستشاري الأعلى للرئاسة، وهو هيئة مؤلفة من كبار المسؤولين السابقين مسؤولة عن تقديم التوصيات إلى اردوغان.

وكتب أرينتش في بيان نشره على موقع تويتر "قدّمت طلب استقالتي إلى الرئيس الذي اعتبرها مقبولة".

ولم يذكر ما إذا كان سيترك أيضاً حزب العدالة والتنمية الذي شارك في تأسيسه إلى جانب اردوغان في العام 2001.

وتأتي استقالة أرينتش بعد أقل من ثلاثة أسابيع من استقالة صهر اردوغان براءت البيرق من منصب وزير المال وهو الذي كان يتمتع بنفوذ كبير، عازيا ذلك الى أسباب صحية.

ويُحسب ألبيرق الذي يعتبر من حاشية اردوغان على نظام الولاءات والقرابة التي اعتمدها الرئيس التركي في تسمياته لوزراء الحكومة.

ويعكس قرار استقالة ارنيتش مدى المشاكل العميقة التي تعيشها حكومة اردوغان في السنوات الأخيرة على وقع انشقاقات في حزب العدالة والتنمية بعد استقالات مسؤولين على أعلى مستوى من الحزب على غرار رئيس وزراء تركيا السابق أحمد داود أوغلو ونائب رئيس الوزراء السابق علي باباجان بسبب خلافات مع اردوغان حول طريقة إدارة البلاد.

وتنكر اردوغان لأرينتش الذي يُعتبر رفيق دربه، فيما وجّهت بعض وسائل الإعلام الحكومية انتقادات شديدة في الأيام الأخيرة لأرينتش، بسبب دعوته أثناء حلقة تلفزيونية إلى الإفراج عن المعارض الكردي صلاح الدين دمرتاش ورجل الأعمال عثمان كافالا.

دمرتاش الرئيس المشارك السابق لحزب الشعوب الديموقراطي والمرشح للانتخابات الرئاسية، معتقل منذ أربع سنوات بتهمة "الإرهاب". أما كافالا وهو شخصية بارزة من المجتمع المدني، فمتّهم بمحاولة الانقلاب ومسجون منذ العام 2017.

وأطلق أرينتش هذا النداء بعد أن كثّف اردوغان وعوده منذ أسبوعين، بتنفيذ إصلاحات قضائية لتعزيز دولة القانون، في سياق صعوبات اقتصادية تضعف شعبيته.

وقوبلت تصريحات الرئيس التركي بمزيج من الشكّ والأمل بمرونة أكبر، بعد سنوات عدة من القمع خصوصاً منذ محاولة الانقلاب عام 2016 التي تلتها حملات تطهير واسعة النطاق.

وقال أرينتش الثلاثاء "تركيا بحاجة إلى إصلاحات في القضاء والاقتصاد ومجالات أخرى، هذا واضح"، مندداً بـ"الكراهية" و"الإهانات" التي يقول إنها تستهدفه، مضيفا "هناك حاجة إلى تهدئة بلدنا وإيجاد حل لمخاوف مواطنينا".

وسبق أن أثار أرينتش الاستياء عام 2015 عندما ندّد بحصر متزايد للصلاحيات بيد اردوغان. وقال حينها "كنا نحن وأصبحنا أنا".

انشقاقات متوالية تفضح التفكك داخل حاشية اردوغان
انشقاقات متوالية تفضح التفكك داخل حاشية اردوغان

حمل داود أوغلو الذي كان الأقرب إلى اردوغان بعد انشقاقه، مسؤولية التراجع الاقتصادي وعجز ميزانية البلاد إلى اردوغان.

ووجه داود اوغلو آنذاك تهما صريحة لاردوغان بالتورط في الفساد ما أدى الى تراجع الاقتصاد وتفاقم عجز ميزانية الدولة إضافة إلى تراجع الحريات العامة وتدهور الديمقراطية.

وتواجه تركيا أزمة اقتصادية ومالية حادة نتيجة سياسات سقيمة وضعت الاقتصاد التركي في موقف ضعيف في مواجهة الأزمات من بينها تداعيات انتشار فيروس كورونا.

وتشير الاستقالات المتوالية من حكومة اردوغان والانشقاقات العديدة من حزب العدالة والتنمية إلى تآكل شعبية الرئيس التركي وتراجع مناصريه، في وقت تحشد فيه المعارضة لإزاحة حزبه من الحكم بعد فشله في إدارة البلاد وإغراقها في أزمات متناثرة.

ويشهد حزب العدالة والتنمية تآكلا في شعبيته في ظل استمرار نزيف الاستقالات التي تستفيد منها أحزاب المعارضة الجديدة، فيما يواجه الحزب الحاكم الذي يعيش منذ نحو سنتين على وقع انشقاقات في صفوف أبرز مؤسسيه وقياداته رفضا لسياسات الحزب التي لا تتماشى مع احتياجات تركيا اقتصاديا وأمنيا وسياسيا، على شبح الخسارة والانتكاسة في الانتخابات القادمة.

ويذكر أن أردوغان خسر في الانتخابات البلدية لعام 2019 أبرز معاقله في أنقرة واسطنبول، ما يعكس تراجع شعبية أردوغان في أول اختبار حقيقي يسبق الانتخابات البرلمانية.