استقالة وزيرة العدل الكندية بسبب شركة متهمة بالفساد في ليبيا

مطالب لوزيرة العدل الكندية بتوضيح موقفها بشأن ضغوطات صدرت من مكتب جاستين ترودو للتأثير على سير محاكمة شركة كندية متهمة بالاحتيال على الحكومة الليبية.
اتهام حكومة ترودو بممارسة ضغوط على وزيرة العدل
فتح تحقيق من قبل لجنة الأخلاقيات الكندية
الشركة أشرفت على مشاريع بمليارات الدولارات في ليبيا

أوتاوا - وضعت وزيرة العدل الكندية حكومة جاستين ترودو في مأزق بعد تقديمها استقالتها الثلاثاء، وذلك على خلفية استمرار ادعاءات كشفت عن وجود تدخل حكومي في سير محاكمة شركة هندسية كندية عملاقة.

وجاءت استقالة جودي ويلسون-ريبولد بعد مطالبات للحكومة الكندية لإيضاح صحة ما تردد عن ممارسة مكتب ترودو ضغوطا على الوزيرة للتدخل في المحاكمة الجنائية لشركة "إس إن سي-لافالان" الهندسية.

وتواجه الشركة ومقرها مونتريال اتهامات بالفساد منذ عام 2015 بزعم دفع رشى لمسؤولين في ليبيا بين عامي 2001 و2011 من أجل تأمين عقود لمشاريع حكومية خلال فترة حكم الزعيم معمر القذافي.

وعلى موقع تويتر أعلنت ويلسون-ريبولد، التي كانت أول مدع عام ووزيرة عدل في كندا من السكان الأصليين قبل نقلها إلى منصب آخر الشهر الماضي، عن قرارها مغادرة الحكومة "بمشاعر حزينة".

وعلّق ترودو أنه "شعر بالمفاجأة وخيبة الأمل" بعد إعلان الاستقالة.

وأضاف "لقد قامت حكومتنا بعملها بشكل صحيح ووفقا لجميع القوانين"، معاتباً وزيرة العدل السابقة لأنها لم تتوجه إليه مباشرة للتعبير عن مخاوفها في حال شعرت بخلاف ذلك.

وكان تقرير صحافي قد ذكر أن حكومة ترودو مارست ضغوطا على وزيرة العدل السابقة، للحؤول دون محاكمة الشركة متورطة في فضيحة فساد في ليبيا.

وضغطت شركة "لافالان" على الحكومة وعلى مسؤولين كبار في مكتب ترودو من أجل التوصل إلى تسوية خارج المحكمة تتضمن دفع غرامة والموافقة على وضع اجراءات امتثال، لأن إدانتها داخل المحكمة تعني تعريض أعمالها وآلاف الوظائف للخطر.

لكن صحيفة "غلوب اند ميل" نقلت عن مصدر لم يكشف عنه أن ويلسون-ريبولد رفضت أن تطلب من المدعين العامين الموافقة على إجراء تسوية مع شركة "لافالان"، ومن المتوقع أن تمضي إجراءات المحاكمة قدما.

وقد نفى ترودو الاتهامات وقال "لم يحدث في أي وقت أن قمت أنا أو مكتبي بتوجيه وزير العدل سواء حالياً أو في السابق لاتخاذ أي قرار معين بهذا الخصوص".

غير أن أحزاب المعارضة استمرت بالضغط من أجل الحصول على إيضاحات أكثر.

والاثنين فتح مفوض الأخلاقيات المستقل تحقيقا هو الثاني بحق رئيس الوزراء ترودو الذي انتخب عام 2015 بعد أن تعهد بالقضاء على الفساد، وقبل ثمانية أشهر من خوضه الانتخابات المقبلة.

بالرغم من احتدام الجدل حول القضية في كندا، رفضت ويلسون-ريبولد التحدث مشيرة إلى قيود متعلقة بالمحافظة على أسرار العمل الحكومي.

وقالت في بيان "أدرك بأن العديد من الكنديين يرغبون أن أتحدث حول قضايا تناولتها وسائل الإعلام في الأسبوع الماضي".

وأضافت "إنني بصدد الحصول على استشارة بشأن المواضيع التي يحق لي قانونا مناقشتها في هذه القضية" مؤكدة بأنها اختارت قاضياً متقاعداً من المحكمة العليا مستشاراً قانونياً لها.

وعلق زعيم المحافظين أندرو شير على استقالتها قائلا إن "الهفوات الأخلاقية (لترودو) وتعاطيه الكارثي مع هذه الفضيحة الأخيرة قد أغرقت حكومته في الفوضى".

واتهم رئيس الحكومة أيضا "بالسعي لإخفاء الحقيقة فيما يتعلق بقضية إس.إن.سي لافالان".

وطالب شير رئيس الحكومة الكندية بأن "يكون صادقا مع الكنديين بخصوص هذا الموضوع".

والتهم التي وجهها القضاء الكندي ضد "إس.إن. سي لافالان" هي آخر الضربات التي تتلقاها إحدى أكبر شركات البناء والهندسة في العالم، بعد اتهام رئيسها السابق ومدراء تنفيذيين كبار بالاحتيال، وبعد أن حظرها البنك الدولي من التقدم بعروض للحصول على مشاريع جديدة حتى عام 2023 بسبب "سوء السلوك" في بنغلادش وكمبوديا.

والشركة متهمة بتقديم 47 مليون دولار كندي (36 مليون دولار أميركي) رشى لمسؤولين والاحتيال على الحكومة الليبية بمبلغ 130 مليون دولار كندي (98 مليون دولار أميركي).

فقد أشرفت الشركة على مشاريع بمليارات الدولارات في ليبيا، بما في ذلك بناء سجن خارج طرابلس ومطار في بنغازي.

وتتعلق الاتهامات بمشروع "النهر الصناعي العظيم" لتوفير المياه العذبة لمدن طرابلس وبنغازي وسرت والذي يعد من أكبر المشاريع المائية في العالم.

وتوظف الشركة 50 ألف شخص في أنحاء العالم وفي حال أدانها القضاء الكندي ستكون ممنوعة من التقدم بعروض لمشاريع حكومية كندية.

وقالت الشركة أن المسؤولين عن هذه المخالفات غادروها منذ زمن، وأن تحميل الإدارة الحالية مسؤولية ما اقترفوه قد يؤذي أعمالها بشكل بالغ.