استمرار التراجع في مخزون المياه يهدد تونس بالجوع والعطش

آلاف الهكتارات تضررت جراء نقص الأمطار وتدني مستوى السدود إلى جانب تضرر الأشجار المثمرة والخضراوات وغيرها، بالإضافة إلى شح في السيولة المالية ما ضاعف من أزمة التزود بالمواد الأساسية في الأسواق مثل الطحين والدقيق والسكر والقهوة والأرز.

تونس - تراجع مخزون المياه في السدود التونسية بنسبة 25 بالمئة وسط انحباس للأمطار ما ينذر بمفاقمة الوضع المائي والغذائي في البلاد، ويقر مسؤولون أن الوضع خطير للغاية وسط خطة للتقشف في استهلاك المياه.

ووفق بيانات للمرصد الوطني للفلاحة نشرت الأحد، تراجع مخزون المياه إلى 586.4  مليون متر مكعب حتى السادس من الشهر الجاري مقابل 787.9  مليون متر مكعب في نفس الفترة من العام الماضي.

ولا تتعدى نسبة امتلاء سد "سيدي سالم"، وهو أكبر سد في البلاد والمزود الرئيسي لولايات الشمال 30 بالمئة من طاقة استيعابه. وتبلغ النسبة الإجمالية لمخزون المياه في كافة السدود حتى منتصف أيلول/سبتمبر الماضي 27.3 بالمئة من طاقة استيعابها.

وضرب الجفاف تونس في سبعة مواسم من أصل آخر ثماني سنوات. وسجلت في صيف هذا العام درجات حرارة قياسية لم تعرفها من قبل وصلت إلى 50 درجة.

وأدى ذلك بالنتيجة إلى تراجع كبير في مواردها المائية بسبب الاستنزاف، ما أثر على إنتاج المحاصيل الزراعية وتراجع إنتاج الحبوب بنسبة 60 بالمئة هذا العام مقارنة بالعام السابق.

مخزون المياه تراجع إلى 586.4  مليون متر مكعب حتى السادس من أكتوبر/ تشرين الاول الجاري مقابل 787.9  مليون متر مكعب في نفس الفترة من العام الماضي.

وكانت وزارة الزراعة أعلنت في نهاية أيلول/سبتمبر الماضي تمديد العمل بنظام الحصص في توزيع مياه الشرب في الشبكة العمومية وحظر استخدامها في ري المساحات الزراعية ومحطات غسيل السيارات وغيرها من الاستخدامات حتى إشعار آخر بهدف التقشف.

وتعاني تونس أيضا من شح في السيولة المالية ما ضاعف من أزمة التزود بالمواد الأساسية في الأسواق مثل الطحين والدقيق والسكر والقهوة والأرز.
 وفي وقت سابق من عم 2023،  أفاد الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري في بيان، بتضرر آلاف الهكتارات جراء نقص الأمطار وتدني مستوى السدود إلى جانب تضرر الأشجار المثمرة والخضراوات وغيرها.

وقال المتحدث باسم الاتحاد أنيس خرباش في تصريحات إعلامية إن موسم الحبوب "سيكون كارثيا فضلا عن انعدام موسم الحصاد" هذا العام وأن تونس ستنتج فقط "2 مليون قنطار" من الحبوب، وهذا الرقم لا يكفي حتى لبذور الموسم القادم.

كما تواجه بقية الزراعات مثل الزيتون الذي يمثل أهم صادرات تونس، بدورها خطر التراجع الكبير وبالتالي زيادة عجز الميزان التجاري الغذائي للبلد الذي توشك ماليته العامة على الانهيار.

وبسبب الجفاف وندرة الأعشاب وغلاء الأعلاف، اضطر كثير من المزارعين للتخلي عن آلاف الأبقار مما خلف تراجعا كبيرا في إنتاج الحليب الذي اختفى من رفوف أغلب المتاجر. وفاقم ذلك غضب السكان الذين يعانون الويلات للحصول على سلع أخرى من السكر والزيت والزبدة والأرز.

ويعزو خبراء السبب الرئيسي في الجفاف وتواتر الكوارث المناخية من فيضانات وأعاصير ويتوقّع أن تزداد، إلى تفاقم ظاهرة احترار المناخ.

وحذورا من أن تونس تتجه لأزمة "عطش" معقدة مع تراجع التساقطات المطرية وتقادم السدود واهتراء البنى التحتية من ذلك قنوات وأنابيب توزيع المياه.

ويقدر المرصد نسبة ضياع المياه بـ32.5 بالمئة بسبب تردي البنى التحتية للشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه (حكومية).

ونبه معهد الموارد العالمية، في أحدث تقرير له من أن 25 بلدا من بينها تونس، مهددة بشح كبير في المياه بسبب "الإجهاد الشديد" لمواردها المائية المتاحة.

ويُعرف المعهد البلد الذي يواجه "إجهادا مائيا شديدا" بأنه يستعمل ما لا يقل عن 80 بالمئة من إمداداته المتاحة.

وتمتلك تونس نحو 37 سدا أبرزها سد سيدي سالم، إضافة إلى البحيرات الجبلية وتقع أغلبها في شمال البلاد.

ولمواجهة الجفاف، بدأت تونس عدة مشاريع لتعبئة المياه من بينها إنشاء سدود جديدة كسد "سيدي ملاق" بمحافظة الكاف وإنشاء محطات تحلية مياه البحر على غرار محطة "الزارات" بمحافظة قابس التي تقدمت الأشغال فيها بنسبة 80 بالمئة.

وتخطط السلطات لوضع استراتيجية في قطاع المياه في أفق 2050 تعتمد مقاربة ترتكز على الاقتصاد في الموارد المائية وتثمين الموارد المائية غير التقليدية.