استنفار عسكري عراقي على الحدود مع إيران تحسبا لاتساع الصراع
بغداد - عززت القوات العراقية انتشارها على الحدود مع إيران في خطوة استباقية تحسبا لانخراط الميليشيات الشيعية في الحرب بين إسرائيل وطهران، وسط تحذيرات محلية وغربية من مغبة جرّ بغداد إلى الصراع.
ويشير هذا الاستنفار الأمني والعسكري إلى مساعي حكومة محمد شياع السوداني للحيلولة دون تحول الأراضي العراقية إلى ساحة خلفية للحرب أو ممر لأي من أطراف النزاع، لا سيما وأن البلد لديه حدود طويلة ووعرة مع طهران، بينما يرجح أن تحاول الفصائل الموالية لإيران العبور إلى الجارة أو شن هجمات على الأراضي الإسرائيلية.
ويأتي هذا التطور بعد أن هددت ميليشيات شيعية من بينها كتائب "سيد الشهداء" وحزب الله العراقي باستهداف المصالح الأميركية في البلاد في حال تدخلت الولايات المتحدة في المواجهة بين إيران وإسرائيل، ما أجج المخاوف من اتساع نطاق الصراع وإقحام البلد في حرب قد يدفع ثمنها باهظا.
ونقلت وكالة "شفق نيوز" الكردية عن مصدر أمني في محافظة نينوى، قوله إن "القوات الأمنية، وبتوجيهات من القيادات العليا، رفعت حالة الإنذار إلى أعلى مستوياتها"، لافتا إلى أنها "بدأت عمليات انتشار ميداني تشمل نصب كمائن وإجراء دوريات مكثفة في مناطق الجزيرة والصحراء المحاذية للحدود مع الأنبار وصلاح الدين".
وبحسب المصدر نفسه فإن هذه التحركات العسكرية العراقية تهدف إلى تأمين المنطقة الصحراوية التي تُعد من أكثر المواقع حساسية لاحتمال استخدامها من قبل فصائل مسلحة لإطلاق صواريخ أو تنفيذ عمليات عسكرية، مستغلة وعورة الأرض وبعدها عن المراكز الأمنية.
ويشير هذا التطور إلى أن حكومة السوداني تسعى إلى منع تسلل المقاتلين أو اللاجئين بأعداد كبيرة وغير منظمة، أو تهريب الأسلحة، في وقت تواجه فيه بغداد تحدي عدم إثارة غضب إدارة الرئيس دونالد ترامب التي أرسلت إشارات واضحة تؤكد عزمها على تحجيم نفوذ الفصائل الموالية لإيران وحصر السلاح بيد الدولة.
وأدت الهجمات المتبادلة بين إيران وإسرائيل التي دخلت يومها الرابع إلى موجات هروب جماعي من طهران، فيما أفاد شهود عيان بوجود ازدحام مروري كبير على طرق الخروج.
وترافق الانتشار العسكري جهود دبلوماسية مكثفة من قبل العراق لتوضيح موقفه المحايد والتأكيد على ضرورة احترام سيادته من قبل جميع الأطراف.
وفي سياق متصل حذر عائد الهلالي، السياسي المقرب من رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني من "تحويل البلاد إلى ساحة خلفية للحرب بين إسرائيل وإيران"، مما يلقي بظلال ثقيلة على علاقاتها الخارجية وجهود الحكومة الهادفة إلى استقطاب الاستثمارات الغربية.
ووصف تهديد كتائب حزب الله باستهداف المصالح الأميركية بأنه "تصعيد" خطير يضع العراق في قلب معادلة إقليمية معقدة، خاصة في ظل التوتر المتصاعد بين الولايات المتحدة والمحور الإيراني، منّبها إلى سيناريو توجيه ضربات إسرائيلية إلى الميلشيات الموالية لطهران، ما ينذر بإقحام العراق في صراع هو في غنى عنه.
وفي سياق متصل شدد وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي في اتصال هاتفي مع نظيره العراقي فؤاد حسين اليوم الاثنين على ضرورة منع انخراط أي مجموعات مسلحة في الصراع بين إيران وإسرائيل، وفق المصدر نفسه.
وأكد لامي دعم بلاده لاستقرار العراق، داعيا إلى تحييد البلد عن أي هجمات والنأي بنفسه عن الصراع، موضحا أن "بريطانيا لم تشارك في أي عمليات عسكرية، وأنها تجري اتصالات مستمرة مع فرنسا وألمانيا لتنسيق المواقف".
وأكد العراق مرار رفضه التام لاستخدام أجوائه أو أراضيه لشن هجمات على دول الجوار، بينما قدم الأسبوع الماضي شكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل، متهماً إياها باستخدام مجاله لضرب إيران، داعيا الولايات المتحدة لمنع الدولة العبرية من تكرار ما وصفه بأنه "انتهاك" لسيادته.