
استهداف تركيا لطائرات روسية يسمم تحالف الضرورة
موسكو - تتجه العلاقة بين تركيا وروسيا المتدخلتين في الصراع السوري إلى المزيد من التعقيد مع تطورات ميدانية في ادلب تنذر بدق آخر إسفين في تحالف الضرورة بين الطرفين الذين يقفان على طرفي نقيض من الأزمة السورية، فموسكو تدعم قوات النظام السوري بينما تدعم تركيا فصائل سورية معتدلة ومتشددة.
وقال التلفزيون الروسي اليوم الخميس إن خبراء عسكريين أتراك في محافظة إدلب السورية يستخدمون صواريخ محمولة على الكتف في محاولة لإسقاط طائرات حربية روسية وسورية.
وتزامن هذا التصريح الذي بثته قناة روسيا24 التلفزيونية أثناء عرض تقرير من إدلب مع إعلان مسؤولين أتراك ومن المعارضة السورية التي يدعمها الجيش التركي السيطرة على بلدة النيرب في إدلب، لكن مصادر عسكرية روسية نفت صحة ذلك، مؤكدة أن القوات السورية تصدت بنجاح لذلك الهجوم.
وأضاف تقرير روسيا24 "طائراتهم والطائرات الروسية تنقذ حياة الجنود السوريين حرفيا. الطائرات السورية والروسية توقف تقدم مسلحي المعارضة مرة بعد أخرى، لكن السماء فوق إدلب خطيرة كذلك. مسلحو المعارضة والخبراء الأتراك يستخدمون بشكل نشط أنظمة دفاع جوي محمولة على الكتف".
وفي أحدث تطور ميداني قال مقاتلون من المعارضة السورية المدعومة من الجيش التركي اليوم الخميس إنهم استعادوا السيطرة على مدينة سراقب الإستراتيجية وهو أمر يمثل أول انتكاسة كبرى للجيش السوري في هجوم تدعمه روسيا وحقق فيه مكاسب سريعة.

لكن حتى إن صح ما أعلنه مسلحو المعارضة السورية، فإن هذه المكاسب الميدانية قد تنهار سريعا على وقع إلقاء روسيا بثقلها عسكريا في دعم الجيش السوري لاستعادة السيطرة على آخر جيب للمعارضة قرب الحدود التركية.
وطالت المعركة أو قصرت في ادلب فإن كل المؤشرات تشير إلى أن موسكو عازمة لحسمها لصالح القوات النظامية السورية أو على أقل تقدير دفع القوات التركية والفصائل الموالية لها إلى الخطوط الخلفية وتأمين أكبر قدر من مساحة المحافظة الذي يفترض أنها مشمولة باتفاق روسي تركي لخفض التصعيد.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن التطورات الأخيرة في صالح أنقرة وذلك بعد ثلاثة أسابيع من خسارة المعارضة للمدينة التي تقع بشمال غرب البلاد وتربط بين طريقين سريعين رئيسيين.
وسعى الجيش السوري في الأشهر الأخيرة جاهدا لاستعادة آخر معقل كبير للمعارضة في شمال غرب سوريا في الحرب المستمرة منذ تسع سنوات والتي دفعت الملايين للنزوح وأودت بحياة مئات الآلاف.
وأرسلت تركيا آلاف الجنود وعتادا عسكريا ثقيلا إلى محافظة إدلب السورية في توغل لمساندة المعارضين في مواجهة هجوم تشنه قوات الرئيس السوري بشار الأسد.
ونزح قرابة مليون سوري في الأشهر الثلاثة الأخيرة في أكبر نزوح جماعي منذ بدء الحرب.
وقال أردوغان في أنقرة إنه سيمضي قدما في الحملة، مضيفا أن عدد القتلى في صفوف القوات التركية بالمنطقة ارتفع إلى 21.
وقال الرئيس التركي "التطورات في إدلب تحولت إلى صالحنا. لدينا ثلاثة شهداء فليرقدوا بسلام، لكن على الجانب الآخر خسائر النظام كبيرة جدا".
وأضاف "معركتنا ستستمر. محادثاتنا مع الروس مستمرة... إذا لم يكن هناك دعم من روسيا أو إيران سيكون من المستحيل على الأسد الصمود"، لكن يبدو في المقابل أيضا أن المحادثات بين موسكو وأنقرة حول الوضع في ادلب لن تصمد طويلا.

وقال ناجي مصطفى المتحدث باسم الجبهة الوطنية للتحرير وهي تحالف فصائل مسلحة تدعمها تركيا "تحرير مدينة سراقب الإستراتيجية بالكامل من عصابات الأسد".
لكن وكالات أنباء روسية نقلت عن مصدر عسكري روسي نفيه هذا قائلا إن قوات الحكومة السورية صدت بنجاح هجوما للمعارضة على المدينة.
وقال مسؤول تركي بعد ذلك إن قوات الأسد مدعومة بغطاء جوي روسي شنت عملية لاستعادة سراقب، مضيفا "تدور اشتباكات عنيفة".
وحققت القوات الحكومية بدعم من مقاتلين إيرانيين مكاسب في شمال غرب سوريا منذ ديسمبر/كانون الأول 2019.
وذكر المرصد السوري أن قوات الحكومة سيطرت على حوالي 60 بلدة وقرية في ريف إدلب الجنوبي وفي محافظة حماة المجاورة في الأيام الثلاثة الماضية.
وقالت المعارضة إن قتالا عنيفا ما يزال يدور في منطقة سيطر عليها الجيش المدعوم بمقاتلين إيرانيين في تقدم جديد قال المرصد إنه أتاح للقوات الموالية للحكومة السيطرة على جنوب إدلب بأكمله. وقالت مصادر من المعارضة إن هجوما مضادا يجري الآن.
وقال أردوغان إن تركيا ستجبر القوات الحكومية على الخروج من المنطقة إذا لم تنسحب، فيما قال عمر جيليك المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان اليوم الخميس إن الإعداد لهذا اكتمل.
وأضاف "عندما يحل الموعد المحدد لانسحاب قوات النظام ستنهض القوات المسلحة التركية بواجباتها استنادا للأوامر التي تتلقاها ويجب ألا يشك أحد في عزمنا على هذا".
وبالإضافة إلى دفع آلاف الجنود والعتاد العسكري إلى المنطقة عبر الحدود، أقامت تركيا مواقع جديدة استعدادا لعملية تركية على حد قول المعارضة.
وقال مسؤول معارض بارز على اتصال بالجيش التركي إن الحملة المدعومة من تركيا ستستمر حتى يتم طرد الجيش السوري من المنطقة العازلة ولن تبدأ مفاوضات جادة بشأن التوصل لتسوية قبل تحقيق ذلك.
وتقول تركيا التي استقبلت بالفعل 3.6 ملايين لاجئ سوري، إنه لا يمكنها التعامل مع موجة جديدة من المهاجرين وأغلقت حدودها، فيما أقام بعض النازحين أماكن إيواء لهم على امتداد الجدار الحدودي الذي أسندوا إليه بعض الخيام.
وقال إبراهيم الإدلبي وهو شخصية من المعارضة على اتصال مع الفصائل المقاتلة، إن السيطرة على البلدة يخفف الضغط على المقاتلين الذين فقدوا في الأيام الأخيرة سلسلة من الأراضي المهمة في ريف إدلب الجنوبي وجبل الزاوية.
وأضاف "أكملت فصائل الثوار هذا الصباح سيطرتها على سراقب بعد تقدمها على عدة محاور. هذا يخفف من وطأة تقدم قوات النظام".
وتقع سراقب عند التقاء طريقين رئيسيين أحدهما يربط العاصمة دمشق وحلب، ثاني أكبر المدن السورية والثاني طريق سريع غربي البحر المتوسط.
وكانت استعادة الطريق السريع (إم5) الذي يمتد جنوبا إلى دمشق بمثابة مكسب كبير لقوات الحكومة إذ استردت بهذا السيطرة على الطريق الواصل بين أكبر مدينتين بسوريا لأول مرة منذ سنوات.
ويُعد فتح الطرق السريعة الرئيسية الواقعة في أيدي المعارضة هدفا رئيسيا للحملة التي تقودها روسيا من أجل إنعاش اقتصاد أجهزت عليه الحرب.
وقال العميد الركن أحمد رحال المنشق عن الجيش السوري إن المعارضة قطعت الآن الطرق السريعة وأرجعت القوات الحكومية للمربع رقم واحد، وهو ما تنفيه موسكو.