اعتقال أكرم إمام أوغلو يلهب المشاعر المعادية لأردوغان

المعارضة التركية تسعى للحفاظ على وحدتها غداة تجمّع حاشد تقول إن عدد المشاركين فيه تجاوز المليونين.

إسطنبول – ألهب اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم امام أوغلو المشاعر المعادية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان ودفع بنحو مليونين و200 ألف تركي للتظاهر ليس تنديدا بالاعتقال فقط بل طلبا للتغيير وأملا في إنهاء هيمنة حزب العدالة والتنمية الإسلامي المحافظ على المشهد السياسي.

ويقول محللون إن أردوغان وظف كل إمكانات الدولة لخدمة حزبه وأجندته أكثر من خدمته لتركيا وأنه عمل على قطع الطريق على أي منافس ومعارض لحكمه طيلة ما يزيد عن عقدين وذلك من خلال الاعتقالات وحملات قمع تأججت خاصة بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة في صيف العام 2016 والتي منحت الرئيس فرصة ذهبية لتصفية خصومه بذريعة "دعم الإرهاب" أو الانتماء لمنظمات إرهابية.

وتسعى المعارضة التركية إلى الحفاظ على زخم تحرّكاتها، غداة التجمّع الحاشد الذي دعت إليه وشارك فيه مئات آلاف الأشخاص في اسطنبول احتجاجا على سجن رئيس بلدية المدينة أكرم إمام أوغلو.

وتشهد تركيا الأحد توقفا في الحراك الاحتجاجي الذي بدأ في 19 مارس/اذار وذلك للاحتفال باليوم الأول لعيد الفطر. ولهذه المناسبة، دعا إمام أوغلو إلى "الوحدة" من سجنه الواقع في سيلفري غرب العاصمة الاقتصادية والذي نقل إليه في 23 مارس/اذار بعدما أمر قاضٍ بسجنه بتهمة "الفساد" التي نفاها رئيس البلدية وندد بها حزب الشعب الجمهوري الذي ينتمي إليه، واصفا سجنه بـ"انقلاب سياسي".

والأحد، قال إمام أوغلو في رسالة نشرها محاموه على منصة إكس، إنّ "من يظنّ أنه لن يكون في وسعنا الاحتفال بهذا العيد مخطئ بشدّة لأننا سنجد من دون شكّ سبيلا للاحتفال معا! وسنسعى إلى تحقيق الوحدة في هذا العيد".

من جانبها، أكدت السلطات التركية توقيف الصحافي السويدي يواكيم مدين الخميس في اسطنبول لدى نزوله من الطائرة، بتهمة "الانتماء إلى منظمة إرهابية مسلّحة" و"إهانة الرئيس" رجب طيب أردوغان. وندّدت صحيفة "داغنز اي تي سي" باتهامات "عبثية" في حقّ مراسلها، نافية إياها بشكل قاطع.

وأدّى توقيف رئيس بلدية اسطنبول ثمّ تعليق مهامه وحبسه، إلى موجة احتجاجات لم تشهد البلاد مثيلا لها منذ تحرّك غيزي في العام 2013. وجاء ذلك فيما كان حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، يستعد لتسمية إمام أوغلو مرشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في سنة 2028.

وأعلن رئيس الحزب أوزغور أوزيل أنّه سيزور إمام أوغلو بعد ظهر الأحد، كما سيزور المتظاهرين الموقوفين في السجن ذاته.

والسبت، شارك مئات آلاف الأشخاص في تجمّع حاشد في الجانب الآسيوي من اسطنبول، دعما لرئيس بلدية المدينة. وأعلن حزب الشعب الجمهوري أنّ عدد المتظاهرين وصل إلى 2.2 مليون شخص. وتعهّد أوزيل بمواصلة الاحتجاج كل سبت في مدينة مختلفة وكل مساء أربعاء في اسطنبول.

والأحد، قدّم عريضة تدعو إلى إطلاق سراح إمام أوغلو وإلى إجراء انتخابات مبكرة وذلك خلال زيارته طرابزون الواقعة على البحر الأسود والتي يتحدّر منها رئيس بلدية إسطنبول المعتقل وأردوغان.

وقال أوزيل "يشهد الله، أنّ جريمة أكرم إمام أوغلو هي أنّه خصم لطيب أردوغان"، مشيرا إلى أنّ إمام أوغلو كان قد فاز في اسطنبول في العام 2019 ثمّ في العام 2024.

وكان أردوغان في السابق رئيسا لبلدية اسطنبول التي يبلغ عدد سكانها 16 مليون نسمة.

وفي إطار التحقيقات التي تجريها السلطات التركية، أوقف 48 مسؤولا بلديا في اسطنبول وغيرها أو موظفين عامين آخرين. ومن بين الموقوفين ماهر بولات المقرّب من إمام أوغلو والذي كان منخرطا بشكل كبير في الدفاع عن تراث اسطنبول. وقد نُقل الأحد إلى المستشفى، بسبب إصابته بعارض صحّي في القلب، وفقا لصحيفة جمهرييت.

وأوقف 2000 شخص على الأقل وسجن 263 شخصا على الأقل منذ بداية الحركة الاحتجاجية، وفقا لأرقام رسمية، غير أنّ محامي المعارضة الذين يتوجّهون يوميا إلى قصر العدل، يقدّرون أنّ العدد أعلى من ذلك بكثير.

وفي ما يتعلق بالصحافي السويدي يواكيم مدين، أكّدت الحكومة التركية أن "مذكّرة التوقيف بحقه لا علاقة لها بنشاطات صحافية"، علما أن إعلاميا من "بي بي سي" هو مارك لوين طرد من البلد وأوقف 10 صحافيين على الأقلّ لتغطيتهم الحراك الاحتجاجي.

ويقول مدعي عام أنقرة إنّ مدين شارك في تظاهرة لحزب العمال الكردستاني في ستوكهولم في يناير/كانون الثاني 2023، تمّ خلالها شنق دمية تمثّل الرئيس رجب طيب أردوغان. وتصنّف تركيا وحلفاؤها الغربيون حزب العمال الكردستاني "منظمة إرهابية".

وأكدت وزيرة الخارجية السويدية ماريا مالمر سيتينيغارد أنّ الحكومة السويدية جعلت من إطلاق سراح مدين "أولوية قصوى"، مشيرة إلى أنّها ستشارك هذا الأسبوع في اجتماع وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي وستتولى "إبلاغ نظيري (التركي) بشأن الأهمية البالغة لهذه القضية".

ونظمت التظاهرة التي أشارت إليها أنقرة في سياق اتهامها لمدين، خلال إجراء مفاوضات انضمام السويد إلى الناتو، الأمر الذي عرقلته تركيا معتبرة أن سوكهولم تتساهل مع مناصري حزب العمال الكردستاني الموجودين على أراضيها.

وانضمت السويد أخيرا إلى حلف شمال الأطلسي في مارس/اذار 2024، بعد عشرين شهرا من المفاوضات الهادفة إلى إقناع تركيا بالتخلي عن رفضها للعضوية.