هل يفتح اعتقال المسؤول المالي ملف الصندوق الأسود لاخوان الأردن
عمان - أوقفت الأجهزة الأمنية الأردنية أحمد الزرقان عضو المكتب التنفيذي النائب الثاني للمراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين المنحلّة وهو المسؤول عن الملف المالي فيها.
ويعد الزرقان (72 عاما) أعلى شخصية قيادية يتم اعتقالها منذ قرار وزير الداخلية مازن الفراية بحظر نشاطات هذه الجماعة واعتبارها "جمعية غير مشروعة". إذ يأتي بعد أيام من اعتقال عارف حمدان عضو مجلس شورى الجماعة وعضو المكتب التنفيذي السابق.
وبحسب مصدر مطلع فإن القيادي ينحدر من محافظة الطفيلة جنوب المملكة، وجاء اعتقاله في إطار تحقيقات بالملف المالي للجماعة، وسط توقعات باعتقال المزيد من القيادات في غمرة تحقيقات في مدى ارتباط التنظيم بالارهاب ومدى تهديده لأمن الدولة واستقرارها، بينما تعتبر مصادر تمويل الإخوان أحد أكبر الملفات غموضا والأكثر إثارة لأسئلة بلا أجوبة. وتشير المصادر إلى أنّ الجماعة متمكنة اقتصادياً وتملك العديد من الاستثمارات في كثير من البلدان حول العالم، لكن التفاصيل حول تلك الأنشطة غامضة إذ أن غالبيتها تتم على نحو مستتر، وتحت غطاءات كثيرة. ولطالما شكل الملف المالي للتنظيم المحظور محور صراعات داخلية باعتباره أحد محددات تحركات الاخوان.
وقبل أيام، قال وزير الداخلية مازن الفراية إنه تم حظر جميع نشاطات جماعة الإخوان المسلمين، واعتبارها جمعية غير مشروعة، استنادًا إلى حكم قضائي صادر عام 2020 عن محكمة التمييز، والذي اعتبر الجماعة منحلة قانونًا لعدم تصويب أوضاعها وفق القوانين الأردنية.
وشمل القرار أيضا "تسريع عمل لجنة الحل لمصادرة ممتلكات الجماعة المنقولة وغير المنقولة".
ويأتي ذلك بعد أن أعلنت دائرة المخابرات العامة الأردنية منتصف نيسان/ أبريل الجاري، عن إحباط مخططات "تمس بالأمن الوطني"، واعتقال 16 فردا قالت الحكومة إن بعضهم ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين.
وتقرر، وفق الفراية "اعتبار الانتساب لجماعة الإخوان المسلمين أمراً محظوراً، وحظر الترويج لأفكارها، وتحت طائلة المساءلة القانونية". مضيفا "إنه في الوقت الذي أتاحت فيه الدولة الأردنية لكافة مواطنيها حرية تشكيل الأحزاب والجمعيات والتعبير عن الرأي وممارسة النشاطات السياسية وفقاً للقانون، فقد ثبت قيام عناصر ما يسمى بجماعة الإخوان المسلمين بالعمل في الظلام، والقيام بنشاطات من شأنها زعزعة الاستقرار، والعبث بالأمن والوحدة الوطنية، والإخلال بمنظومة الأمن".
وأوضح المحلل السياسي الأردني عمر الرداد أن "الأردن بعد منح الجماعة فرصا عديدة لتعديل نهجها، قرر اتخاذ خطوات حاسمة، أبرزها تنفيذ قرار قضائي قديم بحظر الجماعة." أما فيما يخص "حزب جبهة العمل الإسلامي"، "هناك ترقب للقرار القضائي الذي سيحدد مصيره، خاصة أن قانون الأحزاب يحظر أي علاقة بالإرهاب أو تصنيع المتفجرات. الحكم القضائي المرتقب سيكون إما خطوة نحو حل الحزب وغلق ملف الإسلام السياسي، أو فرصة له لفك الارتباط بالجماعة المحظورة قانونا".
بالحديث عن خلفيات قرار الحظر، يرى الرداد أنها "مرتبطة بعلاقة متوترة ومركبة بين جماعة الإخوان المسلمين والدولة في العالمين العربي والإسلامي، خاصة فيما يتعلق بالتنظيمات القُطرية التابعة للجماعة. في الأردن مثلا، كان للجماعة تاريخ طويل من الهياكل والتنظيمات المعروفة في مجالات الدعوة والعمل الاجتماعي والسياسي".
وأضاف "ما تم الكشف عنه من أسلحة تُخزَّن داخل الأحياء السكنية، والقيام بإخفاء صواريخ في ضواحي العاصمة، وتدريب وتجنيد في الداخل والخارج، أمر لا يمكن لأي دولة أن تقبل به"، وتابع "إن الجماعة حاولت تهريب وإتلاف كميات كبيرة من الوثائق من مقارها لإخفاء نشاطاتها وارتباطاتها المشبوهة"، مشيراً إلى أنه تم "ضبط عملية تصنيع للمتفجرات من قبل نجل أحد قيادات الجماعة وآخرين، كانوا يريدون استهداف مواقع حساسة في المملكة".
وصرّح بأن "استمرار الجماعة المنحلة بممارساتها يعرّض مجتمعنا لمجموعة من المخاطر، ويؤدي إلى تهديد حياة المواطنين، في وقت تسعى الدولة للحفاظ على الأمن والاستقرار، والمضي في مسيرة التنمية في ظل التحديات التي تشهدها المنطقة".
وكان الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني قد تحدث عن إلقاء القبض على "16 ضالعاً بالمخططات التي "تمس الأمن الوطني"، وكانت تتابعها الدائرة بشكل استخباري دقيق منذ 2021".
وقالت دائرة المخابرات العامة الأردنية إن المخططات شملت قضايا "تصنيع صواريخ بأدوات محلية، وأخرى جرى استيرادها من الخارج لغايات غير مشروعة، وحيازة مواد متفجرة وأسلحة نارية وإخفاء صاروخ مُجهز للاستخدام، ومشروع لتصنيع طائرات مسيرة".
وكذلك "تجنيد وتدريب عناصر داخل الأردن وإخضاعها للتدريب بالخارج"، وأحالت الدائرة القضايا إلى محكمة أمن الدولة لإجراء المقتضى القانوني.
من جهتها أكدت الجماعة في بيان أن تلك "أعمالاً فردية لا علم لجماعة الإخوان المسلمين بها ولا تمت لها بصلة".
وأضافت أنها "التزمت منذ نشأتها قبل ثمانية عقود بالخط الوطني، وظلت متمسكة بنهجها السلمي، ولم تخرج يوماً عن وحدة الصف وثوابت الموقف الوطني، بل انحازت على الدوام لأمن الأردن واستقراره".
فيما أكد سابقاً حزب جبهة العمل الإسلامي، الذي يُعتبر الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين "رفض أي استهداف للأردن وأن حمل السلاح هو حق حصري بيد الدولة".
وقال الحزب في بيان له، "إنه يعمل وفق الدستور والقوانين الناظمة للأحزاب ويمارس دوره السياسي والوطني"، مع الإشارة إلى رفضه "أي تحريض أو تطاول أو تشكيك بالدور الوطني الذي يقوم به ضمن أي خصومة سياسية".