اقتصاديو الصين: ضرورة تعزيز حماية حقوق الملكية الفكرية للشركات الأهلية

كتاب "الشركات الأهلية في الصين" يشكل مرجعًا مهمًا يقدم للقارئ العربي كل ما يجب أن يعرفه عن هذا النوع من الشركات في دولة اقتصادية كبرى كالصين. 
الكتاب يؤكد أن الاقتصاد الصيني شهد على مستوى قطاعاته المختلفة تغيرات كبيرة خلال الآونة الأخيرة
الكتاب يوضح أن اندلاع الأزمة المالية العالمية في عام 2008 طرح اختبارات جديدة أمام تنمية الشركات الأهلية بالصين

يُعتبر الاقتصاد الخاص سببا أساسيا من أسباب نجاح التجربة الصينية على المستوى الاقتصادي، وتعد الشركات الأهلية العمود الفقري لهذا النوع من الاقتصاد. وكتاب "الشركات الأهلية في الصين" لأستاذ علم الاقتصاد والخبير بمجلس الدولة الصيني ليوينغ تشيو وآخرون، المُترجم عن الصينية والصادر عن دار صفصافة ضمن إصدارات سلسلة "قراءات صينية" من ترجمة حميدة محمود الدالي المدرس المساعد بكلية الألسن جامعة عين شمس، مراجعة وإشراف د.حسانين فهمي حسين الأستاذ بكلية الألسن جامعة عين شمس والمشرف على السلسلة، يشكل مرجعًا مهمًا يقدم للقارئ العربي كل ما يجب أن يعرفه عن هذا النوع من الشركات في دولة اقتصادية كبرى كالصين. 
يؤكد الكتاب أن الاقتصاد الصيني شهد على مستوى قطاعاته المختلفة تغيرات كبيرة خلال الآونة الأخيرة، حيث تخطت الصين اليابان لتحتل المرتبة الثانية عالميًا، وتصبح الكيان الاقتصادي الثاني في العالم بعد الولايات المتحدة الأميركية، وقد عُلِّقت عليها الآمال في تخليص العالم من الانهيار الاقتصادي خلال الأزمة المالية العالمية، وقد برز قطاع الاقتصاد الخاص والشركات الأهلية في أثناء هذه الفترة. 
ويوضح الكتاب أن اندلاع الأزمة المالية العالمية في عام 2008 طرح اختبارات جديدة أمام تنمية الشركات الأهلية بالصين، ووجب على الأخيرة تعديل مسار التنمية الخاص بها بصورة إيجابية من أجل التكيف مع المتغيرات المختلفة. وقد أعادت الحكومة الصينية هيكلة الخطط الفكرية الكلية من أجل تنمية الشركات الأهلية في بعض القطاعات في محاولة منها لمجابهة الأزمة. فخلال أكثر من ثلاثين عامًا، خرج الاقتصاد الخاص من رحم العدم، ومر بمراحل كثيرة حتى وصل إلي ما هو عليه اليوم من تطور ونمو كبير، فتزداد مكانته أهميةً بصورة تدريجية، وذلك تماشيًا مع التعمق المستمر في الإصلاح والانفتاح بالصين. ويظهر هذا بصورة رئيسة في تشكيله لنقطة نمو جديدة للاقتصاد الوطني، فعلى الرغم من أن شركات القطاع العام الكبرى والشركات القابضة المملوكة للدولة تعد ضمانًا للأمن الوطني، وعمادًا للاقتصاد الوطني والتنمية الصناعية، ومثالا للقوة التكنولوجية والاقتصادية بالدولة، إلا أن الاقتصاد الخاص يعد أيضًا قوة اقتصادية لا يمكن إغفالها، وعمادًا جديدًا لتنمية الاقتصاد الوطني، حيث إنه يلعب أدوارًا مهمة في مجالات التوظيف، والاستثمار، والضرائب، وكسب العملات الأجنبية، بالإضافة إلي التنمية التكنولوجية إلخ. 
ويرى الاقتصاديون المشاركون في الكتاب أن الشركات الأهلية تتسم بإتساقها بواقع الصين، وتوافقها مع متطلبات السوق، بالإضافة إلى نطاقها الصغير ونشاطها التجاري الحر، غير أنها تشهد العديد من المشكلات والتحديات، منها إعتمادها على العمالة الكثيفة مع عدم الإنفاق على رأس المال البشري. فتعاني الشركات الأهلية بصفة عامة من المستوى المنخفض لرأس المال البشري، خاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة. بالإضافة إلى الخلل في الابتكار التكنولوجي، حيث يعاني الابتكار من تباين إقليمي واضح، بالإضافة إلى الفروق الفردية على مستوى الصناعات والقطاعات المختلفة، إلى جانب عوائده الصغيرة، وافتقاره إلى الآليات المتكاملة، بالإضافة إلى الخلل في بيئة النظام القانوني، وصعوبات التمويل، ونقص الكفاءات إلخ. 

الكتاب يناقش مختلف المجالات المعنية بالشركات الأهلية، ويطرح سبل تطويرها خلال المرحلة الجديدة بالحجج العلمية والتحليلات الرياضية الشاملة

ويرى الاقتصاديون المشاركون في الكتاب أن الشركات الأهلية تتسم بإتساقها بواقع الصين، وتوافقها مع متطلبات السوق، بالإضافة إلى نطاقها الصغير ونشاطها التجاري الحر، غير أنها تشهد العديد من المشكلات والتحديات، منها إعتمادها على العمالة الكثيفة مع عدم الإنفاق على رأس المال البشري. فتعاني الشركات الأهلية بصفة عامة من المستوى المنخفض لرأس المال البشري، خاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة. بالإضافة إلى الخلل في الابتكار التكنولوجي، حيث يعاني الابتكار من تباين إقليمي واضح، بالإضافة إلى الفروق الفردية على مستوى الصناعات والقطاعات المختلفة، إلى جانب عوائده الصغيرة، وافتقاره إلى الآليات المتكاملة، بالإضافة إلى الخلل في بيئة النظام القانوني، وصعوبات التمويل، ونقص الكفاءات إلخ. 
يتناول الكتاب كل هذه القضايا وأكثر، حيث يقوم بطرح مقترحات غاية في الأهمية تهدف إلى تنمية وتطوير الشركات الأهلية منها ما يلي: 
أولا: ضرورة إنفاق الشركات الأهلية على تدريب العمال والموظفين. فيعد تنظيم الدورات التدريبية للعمال والموظفين استثمارًا مهمًا في رأس المال البشري وطريقة تحفيزية فعالة. كما يجب دعم وتوجيه الشركات الأهلية الصغيرة التي تعمل في مجالات التكنولوجيا الفائقة والجديدة للمشاركة في المشروعات العلمية والتكنولوجية المهمة على المستوى الوطني، بالإضافة إلى المساواة في معاملة كل من الشركات الأهلية الصغيرة والمتوسطة التي تعمل في مجالات التكنولوجيا الفائقة والجديدة والشركات الكبيرة المملوكة للدولة على مستوى فحص وإجازة المشروعات، والتقييم، وتقديم المكافآت إلخ. إلى جانب تحسين سياسات الضرائب على دخل الشركات الأهلية، وتشجيع الاستثمار في البحث والتطوير في هذه الشركات. 
ثانيا: يجب المضي قدمًا في تخفيف صعوبات تمويل الشركات الأهلية. وتحسين نظام ضمانات التمويل للشركات التي تعمل في مجالات العلوم والتكنولوجيا. إلى جانب تقديم الخدمات للشركات الأهلية متناهية الصغر، ودفع الشركات الأهلية نحو استغلال القروض المصرفية في تنمية صناعات التكنولوجيا الفائقة والجديدة. وتشجيع تنمية صناديق الأسهم الخاصة، والاستثمارات الصناعية، وشركات الاستثمار في ريادة الأعمال، وتوجيههم نحو الاستثمار بصورة أكبر في إنشاء وتنمية الشركات الأهلية الصغيرة والمتوسطة. وتحسين الآليات الخاصة بإعداد الشركات الأهلية لدخول سوق الأوراق المالية، ودعم الشركات الأهلية التي تتمتع بالائتمان الجيد والنطاق والقوة المحددة في إصدار السندات، وإعادة الهيكلة لدخول سوق الأوراق المالية من خلال طرق الدمج والاستحواذ إلخ. كما ينبغي زيادة ضخ الحكومة للأموال التي تدعم صناعات التكنولوجيا الفائقة والجديدة، وتشكيل استثمارات متعددة المستويات مع رأس المال المُخاطِر، واستقطاب الشركات الأهلية التي تعمل في مجال العلوم والتكنولوجيا لدخول المجالات المعنية بصناعات التكنولوجيا الفائقة والجديدة وتنميتها.
ثالثا: لا بد من العمل باستمرار على تعزيز حماية حقوق الملكية الفكرية للشركات الأهلية. والإلغاء التدريجي للامتيازات التي تتمتع بها شركات التمويل الأجنبي في مجال حماية حقوق الملكية الفكرية، وتطبيق المساواة في المعاملة لحقوق الملكية الفكرية الداخلية والخارجية، وتقديم بيئة تنافسية قائمة على المساواة للشركات الأهلية. 
ويفسر اقتصاديو الصين المشاركون في الكتاب أيضًا نماذج الحوكمة المختلفة للشركات الأهلية، وهي نموذج الشركات العائلية الكلاسيكية، والشركات العائلية الحديثة، والشركات العائلية الحديثة، والشركات غير العائلية. 
كما يطرحون أيضًا نقطة التحول اللويسية التي تشير إلي نقطة التحول من الفائض في العمالة إلي النقص الحاد بها، فخلال عملية التصنيع، شهدت العمالة الوفيرة في الريف انخفاضًا تدريجيًا، حتى وصلت في النهاية إلي عنق الزجاجة، وذلك تماشيًا مع إنتقال العمالة الوفيرة بقطاع الزراعة تدريجيًا إلي الصناعات غير الزراعية. فتماشيًا مع التغير في هيكل السكان بالصين واقتراب "نقطة التحول اللويسية"، ستختفي ميزة الإمدادات غير المحدودة من العمالة الرخيصة التي تلعب دورًا غاية في الأهمية في تنمية الشركات الأهلية، ما يؤدي إلي إختفاء الطريق التقليدي لنمو هذه الشركات أو تلاشيه تدريجيًا. 
وبالإضافة لذلك أيضًا يشيرون إلى استراتيجية خروج الشركات الأهلية، حيث نجد أن الواقع يفرض على الشركات الأهلية الدخول في تحالفات استراتيجية عابرة للحدود بصورة عاجلة، لإنشاء قدرات تنافسية في الأسواق الدولية ودخول الأسواق الخارجية على وجه الخصوص. يطرحون أيضًا دخول الشركات الأهلية في مجال الصناعات الاحتكارية، وإصدار الحكومة المركزية والحكومات المحلية تباعًا لعدد كبير من السياسات والتدابير التي تشجع الاقتصاد غير العام على دخول القطاعات الاحتكارية، وقد قامت الشركات الأهلية أيضًا بإجراء مختلف الأبحاث والتجارب في مجال الدخول. ففي مجال المرافق العامة بالمدن على سبيل المثال، نجد أنه بعد تطبيق سياسة الإصلاح والإنفتاح، حطمت المرافق والخدمات العامة في المدن بالصين تدريجيًا وبشكل عام احتكار الحكومة والقطاعات العامة لهذا القطاع، حيث انفتحت على الاقتصاد غير العام ورؤوس الأموال الخارجية، وتتسارع خطوات تسويق مجالات الخدمات والمرافق العامة في الآونة الأخيرة باستمرار. فقد أصدرت وزارة البناء والتعمير "مقترحات بشأن إسراع عملية التسويق لقطاع المرافق والخدمات العامة بالمدن"، حيث طرحت بوضوح ضرورة الإسراع في دفع عملية إنشاء أسواقًا للخدمات والمرافق العامة بالمدن، وإدخال آلية المنافسة، والسماح لرؤوس الأموال غير العامة بالمشاركة في الاستثمار والبناء والإصلاح والعمل في قطاعات الغاز، والطاقة الحرارية، وشبكات أنابيب إمدادات المياه، وإمدادات الطاقة الكهربائية، والمواصلات العامة.  
يبقى أن يشار إلى أن الكتاب يتسع ليناقش مختلف المجالات المعنية بالشركات الأهلية، ويطرح سبل تطويرها خلال المرحلة الجديدة بالحجج العلمية والتحليلات الرياضية الشاملة، لذلك يعد موسوعة غاية في الأهمية تساعد في تنمية هذا النوع من الشركات التي تبث الحيوية في الاقتصاد الخاص والاقتصاد الوطني على حد سواء.