
اكتشاف بقايا أحافير يفتح نافذة على 'العالم المفقود' للحياة الأولية
واشنطن - تفتح بقايا أحافير لمكون في غشاء خلية تعرف عليه باحثون في صخور يعود تاريخها إلى نحو 1.6 مليار سنة نافذة على ما يسميه العلماء "العالم المفقود" لكائنات دقيقة مثلت السلف البدائي لفطريات وطحالب ونباتات وحيوانات على كوكب الأرض وكذلك البشر.
وجاء في الدراسة التي نُشرت في مجلة "نيتشر" أن الصخور التي تقع على عمق مئات الأمتار تحت المناطق النائية الأسترالية أسفرت عن أدلة على عالم ضائع من الميكروبات البدائية كانت تسكن محيطات العالم ذات يوم وربما أدت في النهاية إلى ظهور نباتات وحيوانات حديثة.
وقال باحثون إن هذه البقايا تعود إلى عصر البروتيروزويك الذي كان حاسما في تطور الحياة المعقدة لكنه كان محاطا بالغموض بسبب السجل الأحفوري المتقطع للكائنات الدقيقة التي سكنت عالم البحر.
والأحافير التي تعرف علماء عليها حديثا تمثل شكلا بدائيا من الستيرويد – وهو جزيء دهني ومكون لا غنى عنه في أغشية الخلايا للأعضاء الرائدة في عالم الكائنات الحية المسيطرة حاليا لما يسمى حقيقيات النوى. وتمتلك حقيقيات النوى بنية خلوية معقدة تتضمن نواة تعمل كمركز قيادة وتحكم وأبنية خلوية داخلية تسمى ميتوكوندريا وهي تمد الخلية بالطاقة.
ولا تتضمن الأحافير التي جرى التعرف عليها حديثا الجسم الفعلي للكائنات الحية، بل بقاياها الجزيئية، مما يترك حجمها ومظهرها وسلوكها وتعقيدها غير واضح بما في ذلك إذا كانت جميعها أحادية الخلية أو بعضها متعدد الخلايا.

وقال يوكن بروكس عالم أحياء الأرض في الجامعة الوطنية الأسترالية في كانبيرا، والمؤلف الرئيسي للدراسة "لا دليل مرشد لدينا". ويشك الباحثون في أنها لم تكن كائنات لطيفة.
وأشار عالم الجيولوجيا والمؤلف المشارك في الدراسة بنيامين نيترسهايم من جامعة بريمن في ألمانيا إلى أنه "على الرغم من صغر حجمها، ربما كان بينها بالفعل مفترسات شرسة تتغذى على بكتيريا أصغر أو ربما حتى على حقيقيات نوى أخرى".
أما فيبي كوهين عالمة الأحياء القديمة في ويليامز كوليدج في ويليامزتاون ماساتشوستس والتي لم تشارك في البحث، فتقول "كانت القصة السابقة أن حقيقيات النوى كانت نادرة للغاية حتى 800 مليون سنة مضت.. علماء الحفريات شعروا بالقلق حقا من ذلك، لأن هذا لم يكن ما نراه في سجل الحفريات"، مضيفة أن النتائج تساعد في سد الفجوة بين نوعي الأدلة، وفق مجلة "نيتشر".
وقام الفريق بتمشيط الصخور من جميع أنحاء العالم ووجدوا آثارا واسعة النطاق لما يسمى "البروتوستيرول"، فمعظم حقيقيات النوى الحديثة تعتمد على مركبات شبيهة بالدهون تسمى "ستيرول" وهي مثل الكوليسترول.
وأثبت هذا التمشيط أن "البروتوستيرول" يشكل دليلا على أن حقيقيات النوى التي أنتجتها الصخور كانت وفيرة في البيئات المائية بين 800 مليون و1.6 مليار سنة مضت.
ويكشف نيترسهايم أن هذا يتعارض مع التفكير السابق، وأن أحد الاحتمالات هو أن حقيقيات النوى التي تصنع الستيرولات الأكثر حداثة اكتسبت ميزة انتقائية بين مليار و800 مليون سنة، مما أدى في النهاية إلى إزاحة نظرائهم الذين يصنعون البروتوستيرول.
لكن أندرو روجر الذي يدرس علم الجينوم المقارن وتطور حقيقيات النوى في جامعة دالهوزي في دالهاوسي بكندا، يلاحظ أن الطحالب الحمراء والخضراء المتحجرة التي يعود تاريخها إلى مليار سنة تبدو مشابهة بشكل ملحوظ للطحالب الحية، وربما صنعت الستيرولات الحديثة، قد يشير ذلك إلى أن الستيرولات الحديثة - وليس سلائفها فقط - يجب أن تكون موجودة أيضا في الصخور التي يزيد عمرها عن 800 مليون سنة، قائلا إن "النتائج تثير العديد من الأسئلة كما تجيب".
وعلى الرغم من وجود أسباب للاشتباه في أن الكائنات الأولية من صنع حقيقيات النوى، إلا أن الباحثين لم يتمكنوا بعد من استبعاد احتمال أن تكون البكتيريا قد صنعت بواسطة البكتيريا القديمة، بحسب سوزانا بورتر عالمة الحفريات التي تركز على التطور المبكر لحقيقيات النوى في جامعة كاليفورنيا بسانتا باربرا.