الأديب الثقافية تناقش "ثقافة تويتر"

عباس حمزة جبر يبحث العلاقة بين الواحد والمتعدد أو الوجود والكينونة بوصفها إشكالية فلسفية.
حنان بن نجوع تتناول موضوع المرأة وسلطة القول الذكوري عبر محورين
نصير الشيخ عن يكتب مدى الأغوار البعيدة جنوب العراق؛ برؤية آركولوجية، اقتفى فيها تاريخ طبقات الأهوار

بغداد ـ صدر العدد الجديد 227)) من "الأديب الثقافية"، التي يترأس تحريرها الناقد والكاتب العراقي عباس عبد جاسم، وقد زيّن غلاف العدد صورة طبيعية لأهوار جنوب العراق، وتضمن العديد من الدراسات والمقالات والنصوص والتحقيقات والأخبار الثقافية.
في باب (فكر) قدّم الدكتور عباس حمزة جبر من جامعة السوربون دراسة عنوانها "المطلق وعطاؤه بين الكمون والمتعالي"، بحث فيها العلاقة بين "الواحد والمتعدد" أو "الوجود والكينونة" بوصفها إشكالية فلسفية، وما يسترعي الاهتمام في هذه الدراسة التساؤل عن حقيقة مآل الكون والوجود من حيث الثبات والزوال إلى أرض غير هذه الأرض، وخاصة ثمة فيض يأتي إلى العالم من خارج العالم، ومصدره مبهم وغريب، ولا يمكن إدراكه بسهولة.
وبذا نحن إزاء بحث يتجاوز الاجترار والامتصاص الفلسفي الى مستوى "التفلسف" من خلال الأخذ بفكرة التعالي أو القول بمنطق الكمون.
وفي باب (جنوسة) تكتب حنان بن نجوع الأستاذة في جامعة العربي التبسي في الجزائر عن "المرأة وسلطة القول الذكوري" عبر محورين: الأول "الوعي بالذات الفكرية الأنثوية"، وفيه تتوقف عند الكيفية التي تتمرّد فيها المرأة على تقاليد مركزية اللوغوس، والتحرّر من التصورات السائدة التي تحصر الأدب في مفهوم الجسد. أمّا المحور الثاني "النقد آلية لكشف الهيمنة واستراتيجية لمعرفة التحررّ" تتبنى الباحثة الكيفية التي تبنت فيها المرأة الكتابة لتحرير ذاتها من حتمية الجنس في الخطاب الأدبي، لإمتلاك  خطاب خاص بها يناقش الخطاب الذكوري.
 وفي باب (مناقشات) يقوم الروائي والكاتب سالم حميد في مقالته "كشف المستور وتجنب المحظور". بتحليل منظومة كتاب "ثقافة تويتر" للدكتور عبدالله الغذّامي، والاختلاف مع أغلب آرائه، ومنها "الحرية"، حيث يقول الغذّامي: "إن مستخدم تويتر يمتلك الحرية المطلقة في آرائه وفي كافة طروحاته" فإذا كانت كذلك – كما يقول سالم حميد – فما وظيفة الرقيب الاجتماعي، الديني، السياسي، والقبلي الذي يجوب السوشيالل ميديا نهارا ً وليلا ً".
ولم يفرّق إذن الغذّامي - بحسب استنتاج الكاتب – "ما بين سهولة النشر الإلكتروني، وما بين (حرية) النشر في البيوت الزجاجية".
ولعل أهم ما يسجّله الكاتب ضد الغذّامي هو "أنه لا يفرّق كذلك بين نقد الواقع المرير، سواء كان هذا الواقع سياسة، سلطة، دين، قبيلة وغيرها من المهيمنات التي تمارس ضغطا ًعلى الفرد، وبين الحرية المشروطة حسب تعريف مونتسكيو".
ويخلص الكاتب الى ان تويتر، صار "منصّة إذن، للإفتاء الديني، ولا حرية ولا عزاء للمضطهدين في الأرض، نحن شعوب الشرق أوسطية، لا ينفع معنا تويتر، ولا الفيس بوك ولا أي برنامج آخر، لأننا سنتعامل مع الحضارة كأداة قامعة، بل وسننشر خرافاتنا وأكاذيبنا من خلالها، نحن كمن نستخدم الدواء لتسميم المرضى والاصحّاء معًا".
وفي باب (ريبورتاج) كتب نصير الشيخ عن "مدى الأغوار البعيدة" لأهوار جنوب العراق؛ برؤية آركولوجية، اقتفى فيها تاريخ طبقات الأهوار، وتحولات الأزمنة، وتعاقب الأجيال بأفق مفتوح على مستويات العجائبي منها والغرائبي.
وتضمن باب (ثقافة عالمية) دراستين، الأولى حملت عنوان "في النقد الثقافي الجديد: القمامة وإعادة الاستعمال من الموضوع الأدبي إلى نمط الإنتاج " لـ والتر موزر، وهو أستاذ في جامعة أوتاوه، ترجمه: سهيل نجم، ويُعنى نقد القمامة  بــ "إعادة تأويل مفاهيم القمامة".
وجاءت الدراسة الثانية بعنوان "قراءة في الآداب العربية متعدّدة اللغات، على نطاق العالم في القرن الواحد والعشرين" كتبتها سيرين هاوت، وهي رئيس قسم اللغة الإنكليزية في الجامعة الأميركية في لبنان، وقد ترجمها: خضير اللامي، وهو مترجم وكاتب عراقي مقيم في السويد، وتعتمد هذه القراءة على ثلاث ركائز أساسية: "قراءة وكتابة الآداب العربية" و"ترجمة الآداب العربية في الغرب" و"اتجاهات المستقبل". 
وفي باب (أطياف) كتب رئيس التحرير، في حقل "نقطة إبتداء" مقاربة بعنوان تمثيلات المهَّمش في التاريخ ما بعد الكولونيالي"، وفيها يقوم باستبدال مفهوم (التابع) بــ (المهمَّش) واستبدال مفهوم (الطبقة) بــ (الجماعة)، كما توقف عند الخطأ الذي اختزلت فيه الماركسية: صراع السرديات أو سرديات الصراع وفق قوانين حركة التاريخ الى مفهوم (الطبقة).
لهذا لم يتبن الناقد فكرة تاريخ (التابع) من الأسفل، التي تعود الى أنطونيو غرامشي، لتمثيل أول خروج على سياق الحتمية التاريخية الماركسية لستالين.
وتقوم كلمة المهمَّش عنده على مفهوم "القهر الكولونيالي" القائم على محو الهوية واستلاب الذات وتدمير الارادة الإنسانية.
وينطبق مفهوم المهَّمش عند الناقد؛ على "مَنْ ليس له موقع ضمن سياق التاريخ الكولونيالي، ومَنْ ليس له موقع ضمن سياق التاريخ الرسمي للنخب القومية في دولة ما بعد الاستعمار.
ومن جانب آخر، يتبنى الناقد مقولة (التابع) بوصفه "صانعا ًلمصيره"، إنطلاقا ًمن وعي المهمَّش بذاته وإرادته، ومن ثم استعادة الوعي بكتابة تاريخه السياسي بنفسه.
وفي باب (رأي عام ثقافي) كتب سهيل نجم عن "وزارة الثقافة .. كُلْ حتى تشع!! .."، تعرّض فيها إلى عمل "وزارة الثقافة"، وقد عدّها أكثر مؤسسات الدولة تراخيا ً وخمولا ً وبؤسا ً" و"تكاد هذه المؤسسة لا تعمل، إن لم تكن في سبات عميق كسبات أهل الكهف".
كما تضمّن العدد طائفة متنوعة من الأخبار الثقافية والاقتصادية.