الأرض المنكوبة تحتضر وسط أحوال جوية كارثية

الأدلة تتراكم على التأثير المدمر للنشاطات البشرية على الأرض من مستويات حرارة قياسية وكوارث الأحوال الجوية الكثيرة وذوبان الثلوج وتراجع الثروة الطبيعية.
المناخ المقبل في 2021 سيكون الاحترار أعلى مما هو متوقع
الإنسان هو المسؤول الأول عن كل ما يحدث للأرض من نكبات
الأمل في خفض نسبة غازات الدفيئة يتضاءل كثيرا

باريس - تتراكم الأدلة على التأثير المدمر للنشاطات البشرية على الأرض من مستويات حرارة قياسية وكوارث الأحوال الجوية الكثيرة وذوبان الثلوج وتراجع الثروة الطبيعية، ما يؤكد لزوم التحرك بسرعة خصوصا على صعيد التغير المناخي.
ففي أقل من سنة شكلت أربعة تقارير علمية للأمم المتحدة حول وضع كوكب، صدمة أفاقت مواطنين من العالم بأسره. وتزيد هذه الصورة المقلقة الضغوط على الدول الموقعة على اتفاق باريس حول المناخ التي تجتمع اعتبارا من الاثنين المقبل في مدريد في إطار مؤتمر الأطراف الخامس والعشرين.
مستويات حرارة قياسية 
كانت السنوات الأربع الأخيرة الأكثر دفئا في العالم ولا سيما يوليو/تموز الماضي الذي أصبح الشهر الأكثر حرا على الإطلاق. ويفترض أن تنضم سنة 2019 إلى أكثر خمسة أعوام دفئا في العالم وقد تحتل المركز الثاني أو الثالث بحسب وكالة المحيطات والغلاف الجوي الأميركي (نوا).
وهذه مجرد البداية. فقد ارتفعت حرارة الأرض درجة مئوية واحدة منذ الحقبة ما قبل الصناعية. لكن في حال استمرت الحرارة بالارتفاع بالوتيرة الحالية بسبب انبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة فإن الاحترار بـ1,5 وهو الهدف المثالي المنصوص عليه في اتفاق باريس سيسجل بين 2030 و2052 بحسب الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.

الفيضانات
هذه مجرد بداية

لكن حتى في حال التزمت الدول تعهداتها خفض الانبعاثات فإن الارتفاع في الحرارة قد يصل إلى ثلاث درجات على الأقل بحلول نهاية القرن الحالي. وتزيد كل نصف درجة مئوية إضافية من قوة ووتيرة الأحوال الجوية الكارثية مثل موجات القيظ والعواصف والجفاف والفيضانات.
إلى جانب ذلك، يتوقع علماء يعملون على وضع نماذج محاكاة جديدة سيستند إليها تقرير الهيئة الدولية المعنية بالمناخ المقبل في 2021 أن يكون الاحترار أعلى مما هو متوقع مع سيناريو متطرف يشير إلى ارتفاع الحرارة سبع درجات في 2100 في مقابل سيناريو متطرف في التقارير السابقة نص على زيادة قدرها 4,8 درجات حرارة.
تكاثر الكوارث 
ويتوقع أن تزداد وتيرة الكوارث التي بدأت مع موجات قيظ استثنائية تضرب أوروبا وحرائق هائلة في سيبيريا وأستراليا واعصار إيداي في موزامبيق وفيضانات البندقية.
ومع انه يصعب تحميل الاضطرابات المناخية مسؤولية كارثة محددة إلا ان تكاثر هذه الظواهر القاسية يؤكد توقعات العلماء. ويتوقع أن يكون المستقبل أكثر قتامة أيضا.
ففي حال ارتفعت الحرارة درجة ونصف الدرجة المئوية ستكون موجات المتساقطات أقوى وأكثر وتيرة وكثافة وغزارة على ما تفيد الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ. وسينطبق الأمر نفسه على موجات الحر.
وفي حال ارتفعت الحرارة نصف درجة إضافية فإن التأثير سيكون اكثر "وضوحا" بعد.
فعلى سبيل المثال، حتى لو تم احترام مستوى الدرجتين المئويتين الأقصى المحدد في اتفاق باريس فإن الأعاصير والعواصف الاستوائية ستصبح أقوى مع زيادة في الأعاصير من فئتي 4 و5 خصوصا.

مستويات حرارة قياسية
مستويات حرارة قياسية

كمية كبيرة من ثاني اكسيد الكربون 
جاء في تقرير صادر عن الأمم المتحدة خلال الأسبوع الراهن أن انبعاثات ثاني اكسيد الكربون زادت بنسبة 1,5% بشكل وسطي سنويا في العقد الأخير وما من مؤشرات ملموسة لتباطئها في حين ينبغي أن تتراجع 7,6 % سنويا في كل سنة بين 2020 و2030 للأمل بامكانية احترام حصر الاحترار ب1,5 درجة مئوية.
في نهاية العام 2018 سجلت غازات الدفيئة الرئيسية مستويات تركز قياسية في الجو ولا سيما ثاني أكسيد الكربون مع 407,8 أجزاء من المليون (بي بي ام).
ذوبان الثلوج وارتفاع مستوى البحار 
تفيد الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، أن مستوى البحار ارتفع 15 سنتمترا في القرن العشرين. وتتسارع وتيرة الارتفاع فيما سيستمر ارتفاع منسوب المحيطات على مدى قرون ما يهدد مناطق ساحلية خفيضة حيث سيعيش بحلول 2050 أكثر من مليار شخص.
وحتى لو تمكن العالم من خفض الانبعاثات بشكل كبير، قد يبلغ ارتفاع مياه المحيطات 30 إلى 60 سنتمترا بحلول 2100 وبين 60 و110 سنتمترات في حال استمرت الانبعاثات بالارتفاع.

الحيوانات المهددة بالانقراض
مليون نوع مهدد بالانقراض

ويعود السبب في ارتفاع منسوب البحار والمحيطات إلى ذوبان الثلوج خصوصا. فالصفيحتان الجليديتان في انتركتيكا وغرينلاند فقدتا ما متوسطه 430 مليار طن من الجليد سنويا منذ العام 2006. أما الأطواف الجليدية في القطب الشمالي فتتقلص أيضا فيما الكثير من الأنهر الجليدية الجبلية تختفي.
مليون نوع مهدد 
لكن الإنسان ليس مسؤولا فقط عن اضطرابات المناخ. فاستغلاله غير المسبوق للموارد الطبيعية بهدف تأمين القوت خصوصا، لسكان العالم الآخذة أعدادهم بالتزايد، يؤدي أيضا إلى تراجع سريع للطبيعة.
وتساهم في ذلك الممارسات الزراعية واستغلال موارد الغابات والتلوث. ويفيد خبراء التنوع الحيوي في الأمم المتحدة (المنتدى الحكومي الدولي المعني بالتنوع البيولوجي وخدمات النُظم الإيكولوجية) أن 75% من البيئة البرية و66% من البيئة البحرية تضررت. ونتيجة لذلك بات مليون نوع حيواني ونباتي مهدد بالاندثار من بينها الكثير في العقود المقبلة.