الأسد إلى بكين بحثا عن منافذ لتنفيس أزمة سوريا الاقتصادية

وفد اقتصادي وسياسي يرافق بشار الأسد في أول زيارة لرئيس سوري إلى الصين منذ العام 2004.

دمشق - يؤدي الرئيس السوري بشار الأسد الخميس زيارة رسمية إلى الصين هي الأولى له للدولة الحليفة منذ ما قبل اندلاع النزاع قبل 12 عاما، يرافقه فيها وفد سياسي واقتصادي، في وقت تسعى فيه دمشق إلى إيجاد منافذ للأزمة الخانقة الناجمة عن الحرب الأهلية والحصول على تمويلات لإعمار البلاد، فيما تشكل الاحتجاجات الشعبية المتصاعدة ضد غلاء المعيشة في عدد من المحافظات السورية أحد أكبر التحديات التي تواجه النظام السوري. 

وقالت الرئاسة السورية في بيان اليوم الثلاثاء "تلبية لدعوة رسمية من الرئيس شي جينبينغ رئيس جمهورية الصين الشعبية، يقوم الرئيس بشار الأسد والسيدة الأولى أسماء الأسد بزيارة إلى الصين تبدأ بعد غدٍ الخميس".

وتشمل الزيارة لقاءات وفعاليات في مدينتي هانغجو وبكين ويرافق الأسد وفد سياسي واقتصادي.

وذكرت صحيفة "الوطن" السورية المقربة من الحكومة أن الأسد سيحضر حفل افتتاح الألعاب الآسيوية في هانغجو في 23 من الشهر الحالي.

والصين دولة حليفة لدمشق وقدّمت لها الدعم خصوصا في المحافل الدولية ومجلس الأمن الدولي، فامتنعت مراراً عن التصويت لقرارات تدين دمشق واستخدمت الفيتو إلى جانب روسيا الداعمة بقوة لدمشق، لوقف هذه القرارات.

وبعد الزلزال الذي ضرب سوريا في فبراير/شباط الماضي طالبت الأمم المتحدة وغالبية أعضاء مجلس الأمن الدولي بتمديد آلية دخول المساعدات عبر الحدود إلى شمال غرب سوريا من دون إذن الحكومة لمدة سنة على الأقل. واقترحت سويسرا والبرازيل تسوية لمدة تسعة أشهر، لكنّ روسيا استخدمت الفيتو لمنع صدور القرار الذي أيّدته 13 دولة، فيما امتنعت الصين عن التصويت.

وأعلنت الصين بعد الزلزال إرسال مساعدات بقيمة 5.9 ملايين دولار وعمال إغاثة متخصصين في المناطق الحضرية وفرقا طبية ومعدات طوارئ.

وتعدّ زيارة الأسد إلى الصين الأولى لرئيس سوري منذ العام 2004. كما تعد الصين ثالث دولة غير عربية يزورها الأسد خلال سنوات النزاع المستمر في بلاده منذ العام 2011، بعد روسيا وإيران، أبرز حلفاء دمشق.

وزار مسؤولون صينيون دمشق خلال فترة النزاع الدامي، بينهم وزير الخارجية الصيني الذي التقى الأسد في العاصمة السورية في العام 2021، كما عقد اجتماعا عبر الفيديو في 2022 مع نظيره السوري فيصل المقداد.

وأدى وزير الخارجية السوري الراحل وليد المعلم زيارة إلى بكين في 2019 وسط تأكيد الصين بأنها تدعم بقوة إعادة بناء الاقتصاد السوري وجهودها لمكافحة الإرهاب.

وتلعب بكين دورا متنامياً في الشرق الأوسط وتحاول الترويج لخطتها طرق الحرير الجديدة المعروفة رسميا بـ"مبادرة الحزام والطريق" وهي مشروع ضخم من الاستثمارات والقروض يقضي بإقامة بنى تحتية تربط الصين بأسواقها التقليدية في آسيا وأوروبا وإفريقيا.

وأعلنت سوريا في يناير/كانون الثاني 2022 انضمامها لهذا المشروع. وسبق لوزير الخارجية الخارجية الصيني وانغ يي أن زار دمشق عام 2021 وبحث مع الرئيس الأسد إمكانية مشاركة سوريا في مبادرة الحزام والطريق مبديا اهتمام بلاده بمشاركة سوريا في هذه الخطة، وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية 'سانا'.

وتعهدت بكين بضخ مليارات الدولارات لفائدة العديد من الدول العربية التي تحتاج إلى تمويلات لإعادة الإعمار، في خطوة تهدف إلى تعزيز النفوذ الصيني في المنطقة.

وبعد 12 سنة من اندلاع نزاع مدمّر أودى بحياة أكثر من نصف مليون شخص وخلّف ملايين النازحين واللاجئين ودمّر البنى التحتية للبلاد، تسعى سوريا اليوم إلى الحصول على دعم الدول الحليفة لمرحلة إعادة الإعمار.

وتفرض دول غربية عقوبات اقتصادية، لطالما اعتبرتها دمشق سبباً أساسياً للتدهور المستمر في اقتصادها.

وشهد العام الحالي تغيرات على الساحة الدبلوماسية السورية تمثلت في استئناف دمشق علاقتها مع دول عربية عدة على رأسها السعودية واستعادة مقعدها في جامعة الدول العربية ثم مشاركة الرئيس السوري في القمة العربية في جدّة في مايو/أيار للمرة الأولى منذ أكثر من 12 عاما.

وألقت السعودية بثقلها في دعم وحدة سوريا وأمنها وبذلت جهودا كبيرة لكسر عزلتها وإعادتها إلى الحضن العربي في سياق مساعيها لتصفير المشاكل في المنطقة.

وتسارعت التحولات الدبلوماسية على الساحة العربية بعد اتفاق مفاجئ بوساطة صينية أُعلن عنه في آذار/مارس وأسفر عن استئناف العلاقات التي كانت مقطوعة بين السعودية وإيران.