الأسد: لا تراجع عن الشروط المرجعية للمصالحة مع تركيا

الرئيس السوري يحمل السلطة التشريعية مسؤولية النهوض بالبلاد في ظل استمرار تدهور الوضع المعيشي.

دمشق - أكد الرئيس السوري بشار الأسد في خطاب الأحد، بمناسبة افتتاح الدور التشريعي الرابع لمجلس الشعب أن غياب المرجعية هو أحد أسباب عدم التوصل لنتائج بالمحادثات مع تركيا، حيث تثير المساعي التركية لاستعادة العلاقات مع دمشق تجاذبات سياسية وسط تضارب المعلومات بشأن التوصل إلى تقدم من عدمه.

وأضاف الأسد أن البادرة يجب أن تأتي من الأتراك، قائلا "نحن لم نحتل أراضي بلد جار لننسحب"، في إشارة منه إلى الأراضي التي تسيطر عليها تركيا شمالاً.

وتسعى تركيا منذ مدّة، لاستعادة علاقاتها مع سوريا بعد قطيعةٍ استمرت نحو 13 عاماً، على خلفية دعم أنقرة للمعارضة السورية عقب احتجاجاتٍ شعبية شهدتها سوريا منتصف آذار/مارس من العام 2011 قبل أن تتدخل عسكرياً وتسيطر على مناطقٍ من شمال وشرق سوريا.

ويؤكد الرئيس السوري موقفه السابق على المساعي التركية مشددا طلبه انسحاب القوات التركية من المواقع التي تسيطر عليها. ففي ظل محاولات التقارب هذه يبقى مستقبل العلاقات مجهولاً.

ولفت إلى أن اللقاءات التي جرت خلال السنوات الماضية حول العلاقة مع تركيا لم تحقق أي نتائج، مشددا على أن سوريا تعاطت مع كل المبادرات بشأن العلاقة مع تركيا والتي تقدم بها أكثر من طرف بينهم روسيا وإيران والعراق.

واعتبر أن القضاء على الإرهاب والانسحاب من الأراضي السورية نتيجة لمصلحة الجانبين، مشيرا إلى أن تحسن العلاقات مع تركيا يتطلب التراجع عن السياسات الراهنة وهذه ليست شروطاً بل حقوقاً، وفق قوله.

وشدد أن "سوريا تؤكد باستمرار ضرورة انسحاب تركيا من الأراضي التي تحتلها ووقف دعمها للإرهاب، المرحلة التي تتحدث عنها سوريا الآن هي مرحلة الأسس والمبادئ لأن نجاحها هو ما يؤسس للنجاح لاحقاً، وتصريحات المسؤولين الأتراك لا أساس لها من الصحة فمعيارنا هو السيادة".

كما أوضح أن أولى المبادرات مع تركيا كانت منذ 5 سنوات أو أكثر بقليل تخللتها عدة لقاءات بمستويات مختلفة. وقال "نحن لم نحتل أراضي بلد جار لننسحب ولم ندعم الإرهاب كي نتوقف عن الدعم والحل هو المصارحة وتحديد موقع الخلل".

ومنذ بداية النزاع في سوريا عام 2011، قدمت أنقرة دعماً أساسياً للمعارضة السياسية والعسكرية، كما شنت منذ العام 2016 ثلاث عمليات عسكرية واسعة في سوريا، استهدفت بشكل أساسي المقاتلين الأكراد، وتمكنت قواتها بالتعاون مع فصائل سورية موالية لها من السيطرة على منطقة حدودية واسعة في شمال سوريا.

إلا أن الأسابيع الأخيرة كانت شهدت تطورات كثيرة في هذا الملف، إذ دعا الرئيس التركي مرارا نظيره السوري لزيارة، في حين أكد الأخير على أنه لا يمانع عودة العلاقة لكنه طالب بمزيد من التفاصيل عن الأهداف. ويشترط الانسحاب التركي الكامل لإجراء أي مفاوضات.

وداخليا حمل الأسد السلطة التشريعية مسؤولية النهوض بالبلاد في ظل استمرار تدهور الوضع المعيشي. وقال في كلمته "المجلس يعد المؤسسة الأهم في الدولة، وأن تأثيره الفعلي يعتمد على التطوير الشامل لكل المؤسسات".

وأضاف إنّ "الحصانة لا تعني تجاوز القانون، بل تعني أن يكون الأعضاء سباقين إلى تطبيق القوانين والخضوع لها باعتبارهم مسؤولين عن إصدارها". واعتبر أن "الرقابة تكون على المؤسسات، أما المحاسبة فتكون للمسؤولين، وكلاهما مسؤولية قبل أن يكونا سلطة".

وتابع مخاطباً أعضاء البرلمان "أنتم تحملون مسؤولية مناقشة الرؤى انطلاقاً من امتلاككم للرؤى، وهذا يتطلب منهجية واضحة تمنع العمل الفردي على حساب المؤسسي، الإجراء المنفرد مهما كان صحيحاً هو إجراء غير فعال، لذلك يجب أن ننطلق من السياسات والرؤى في علاقتنا مع السلطة التنفيذية".

وتابع "بالنسبة للوضع المعيشي، الأولوية في مثل هذه الظروف ليست للطمأنة ورفع المعنويات، على أهميتها، بل لشرح الواقع كما هو وتحليله واقتراح الحلول الممكنة"، وأكمل "علينا تحديد الحلول الأكثر ملاءمة والأقل ضرراً لنا في سوريا، وكل حل يحمل في طياته سلبيات وإيجابيات، ومن المعروف أن سوريا تمر بظروف صعبة، والخيارات الصعبة لا تعني الاستحالة، بل تعني أن الرؤى والسياسات والخطط تُبنى على الحقائق".

وكرر وعوده حول الواقع الاقتصادي، حيث قال "في مقدمة العناوين دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة لأنها جزء أساسي من الاقتصاد، فالمشاريع الصغيرة نواة للنمو وليست حلاً لمشكلة مؤقتة، وهي ليست فقط محوراً داعماً للاقتصاد، بل هي عصب الاقتصاد".

وسبق للأسد أن تحدث مراراً عن أهمية هذه المشاريع كجزء أساسي من الاقتصاد، لكن السنوات الماضية لم تشهد تحسناً حقيقياً في هذا المجال.

ويعترض تحسين الوضع الاقتصادي،غياب أي خطوات عملية أو خطط تنفيذية واضحة لتحسين المعيشة أو تخفيف الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها السوريون بشكل يومي.