الأسد منفتح على لقاء مع أردوغان ينهي جذريا أسباب القطيعة

الرئيس السوري يؤكد أنه لن يلتقي نظيره التركي إلا إذا تمكن البلدان من التركيز على القضايا الجوهرية ويتصدرها انسحاب القوات التركية.

دمشق - أكد الرئيس السوري بشار الأسد أنه سيرد بشكل إيجابي على أي مبادرة تهدف إلى تحسين العلاقات الثنائية مع تركيا، بينما شدد في الآن نفسه على رفضه لقاء مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان لا ينهي جذريا أسباب القطيعة بين البلدين.

وقال الأسد اليوم الاثنين إنه لن يلتقي بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلا إذا تمكن البلدان من التركيز على القضايا الجوهرية المتمثلة في "دعم أنقرة للإرهاب" وانسحاب القوات التركية من الأراضي السورية.

وتأتي تصريحات الأسد بعد إشارة أردوغان في السابع من يوليو/تموز إلى أنه قد يدعو الرئيس السوري إلى تركيا "في أي وقت"، ثم إعلانه السبت عن نهاية وشيكة لعملية عسكرية تنفذها قواته في شمال سوريا والعراق المجاور منذ نحو عامين.

ونشرت الرئاسة السورية مقطع فيديو ظهر فيه الأسد وهو يقول للصحفيين في دمشق "لكن المشكلة ليست في اللقاء إنما بمضمونه".

وتساءل الأسد في الفيديو قائلا "ما هي مرجعية اللقاء، هل ستكون هذه المرجعية إلغاء أو إنهاء أسباب المشكلة التي تتمثل في دعم الإرهاب والانسحاب من الأراضي السورية. هذا هو جوهر المشكلة"، مضيفا "إذا لم يكن هناك نقاش حول هذا الجوهر فماذا يعني اللقاء؟".

وأشار الأسد إلى أنه سيرد بشكل إيجابي على أي مبادرة تهدف إلى تحسين العلاقات الثنائية ولكن مع ضرورة تحديد أساس لمثل هذه المحادثات أولا.

وقطعت تركيا علاقاتها مع سوريا في عام 2011 بعد اندلاع الحرب الأهلية السورية، والتي دعمت فيها أنقرة المعارضة الساعية للإطاحة بالأسد. ويعتبر الرئيس السوري قوات المعارضة إرهابية.

وأنشأت أنقرة أيضا "منطقة آمنة" في شمال سوريا تتمركز فيها حاليا قوات تركية، ونفذت عدة عمليات عسكرية عبر الحدود ضد المسلحين الذين تقول إنهم يهددون الأمن القومي التركي.

وتشترط دمشق منذ العام 2022 أن تسحب تركيا قواتها، التي تسيطر على شريط حدودي واسع في شمال البلاد وتحظى بنفوذ في شمال غربها، كمقدمة للقاء الأسد وأردوغان وعودة العلاقات تدريجيا إلى طبيعتها.

وقبل اندلاع النزاع عام 2011، كانت تركيا حليفا أساسيا لسوريا لكن العلاقة بينهما انقلبت رأسا على عقب مع بدء الاحتجاجات ضد النظام، فقد دعت أنقرة بداية حليفتها إلى إجراء إصلاحات سياسية، لكن مع قمع التظاهرات بالقوة دعا أردوغان الأسد إلى التنحي.

وفي آذار/مارس 2012، أغلقت تركيا سفارتها في دمشق. وقدمت دعماً للمعارضة السياسية واحتضنت اسطنبول مقراً للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، أبرز مكونات المعارضة السياسية، قبل أن تبدأ بدعم الفصائل المعارضة المسلحة.

وبعد قطيعة استمرت 11 عاما، برزت صيف عام 2022 مؤشرات تقارب بين الطرفين، مع دعوة وزير الخارجية التركي حينها مولود تشاوش أوغلو إلى مصالحة بين النظام والمعارضة. ولم يستبعد أردوغان مراراً احتمال لقائه الأسد.

ورغم تنفيذ تركيا منذ 2016 ثلاث عمليات ضد المقاتلين الأكراد، مكّنتها من السيطرة على أراض سورية حدودية واسعة، إلا أنها لم تدخل في مواجهة مباشرة مع دمشق إلا في العام 2020، بعد مقتل عدد من عناصرها بنيران قوات النظام في شمال غرب البلاد. وهدأت الأمور بعد وساطة من روسيا التي تعمل على تقريب وجهات النظر بين الطرفين.

وتثير المؤشرات على احتمال حدوث تقارب بين دمشق وأنقرة، مخاوف القاطنين في مناطق سيطرة الفصائل الجهادية والمعارضة في إدلب ومحطيها في شمال غرب البلاد وكذلك الإدارة الذاتية التي يقودها الأكراد في شمال شرق البلاد.

وتشهد سوريا منذ العام 2011 نزاعاً دامياً تسبب بمقتل أكثر من نصف مليون شخص، وألحق دماراً واسعاً بالبنى التحتية واستنزف الاقتصاد وشرّد وهجّر أكثر من نصف عدد السكان داخل البلاد وخارجها.