الأسد يزور إدلب بينما يغرق أردوغان في مستنقع الأكراد

الرئيس السوري يتفقد الجبهة الأمامية في بلدة الهبيط في محافظة إدلب التي اعتبرها المحور الأساسي لحسم الحرب في سوريا.

دمشق - بدأت ملامح الاتفاقات التي تجري في سوريا منذ إعلان واشنطن سحب جنودها من شمال وشرق سوريا، تتضح مع زيارة الرئيس السوري بشار الأسد اليوم الثلاثاء، إلى محافظة إدلب للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع قبل ثماني سنوات.

وأكد الأسد خلال تفقده للجبهة الأمامية في بلدة الهبيط في محافظة إدلب، أن معركة إدلب هي "الأساس" لحسم الحرب في سوريا، في إشارة إلى استئناف القوات الحكومية للعمليات العسكرية ضد الفصائل الجهادية في المحافظة ومواصلة السيطرة على محاور حمص وحماة شمال غرب البلاد التي توقفت معاركها منذ بداية أغسطس/آب الماضي.

وقال الرئيس السوري وفق تصريحات نشرتها حسابات الرئاسة على مواقع التواصل الاجتماعي، "كنا وما زلنا نقول بأن معركة إدلب هي الأساس لحسم الفوضى والإرهاب في كل مناطق سوريا".

وتأتي زيارة الأسد إلى إدلب في وقت يلتقي فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي أمر في العاشر من أكتوبر الجاري جيش بلاده بشن هجوم على الأكراد شمال سوريا، بنظيره الروسي فلاديمير بوتين.

ومن المنتظر أن يتم الاتفاق خلال هذا اللقاء على منع أي مواجهات بين دمشق وأنقرة على أن تضمن الأخيرة انسحاب فصائل المعارضة من إدلب مقابل عدم التعرض لقوات الجيش التركي على الحدود.

ووصف الأسد خلال زيارته لقوات الجيش السوري في الهبيط أردوغان بـ"اللص" وجاء في بيان الرئاسة السورية حول الزيارة أن الرئيس التركي "سرق المعامل والقمح والنفط... وهو اليوم يسرق الأرض".

وبعد يومين من سحب الولايات المتحدة بإيعاز من الرئيس دونالد ترامب قواتها من نقاط حدودية في سوريا، بدأت أنقرة مع فصائل سورية موالية لها هجوماً في شمال شرق سوريا. واعتُبرت الخطوة الأميركية بمثابة ضوء أخضر لأردوغان.

وبعد تخلي الأميركيين عنهم بالانسحاب من شمال سوريا، لم يجد الأكراد خياراً سوى الانفتاح على دمشق، التي طالما رفضت إدارتهم الذاتية واتهمتهم بـ"الخيانة" لتحالفهم مع واشنطن.

وبرعاية روسية، تم التوصل الأحد إلى اتفاق نص على انتشار قوات النظام على طول الحدود مع تركيا.

إدلب مفتاح حسم الحرب في سوريا
إدلب مفتاح حسم الحرب في سوريا

ومنذ أسبوع، بدأت القوات السورية بالانتشار، ودخلت مدينة منبج ومحيطها (شمال شرق حلب)، وبلدة تل تمر (شمال غرب الحسكة) وضواحي بلدة عين عيسى (شمال الرقة).

وأعلن الكرملين الأربعاء الماضي أن بوتين وأردوغان أكدا خلال اتصال هاتفي على "ضرورة منع وقوع مواجهة بين وحدات تركية وسورية".

ومنذ العام 2017، تقود موسكو وطهران، حليفتا الأسد، وأنقرة الداعمة للمعارضة محادثات حول النزاع السوري، انبثق عنها اتفاقات عدة تتعلق بشكل أساسي بمناطق سيطرة الفصائل المعارضة ثم محافظة إدلب التي تسيطر على جزء كبير منها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً).

ولا تنوي موسكو التخلي عن هذه المحادثات بأي شكل، لذلك تسعى للحفاظ على علاقتها مع أنقرة.

ويقول مراقبون إن موسكو التي طالما سعت للتعاون مع أنقرة، تعد الرابح الأكبر مع الأسد من إخراج القوات الأميركية من سوريا، ولذلك السبب لم تستنكر العملية العسكرية التي قام بها أردوغان ضد الأكراد لاستخدامها كورقة ضغط ضده بشأن انسحاب فصائل المعارضة من المناطق الأكثر أهمية في الداخل السوري خصوصا محافظة إدلب، التي تعد منطقة نفوذ تركية، وهي حاليا أولوية.

ويقول  الخبير في الشأن السوري في جامعة ليون فابريس بالانش "وافق الروس على التدخل التركي في الشمال مقابل إدلب"، موضحاً "إذا أراد النظام وروسيا الانتهاء من أمر إدلب، فإن عليهم أن يتركوا شيئاً لأردوغان".

وفعلا قصفت صباح اليوم الثلاثاء، القوات الحكومية السورية مناطق في ريف إدلب واللاذقية وسط تحليق مكثف من طائرات الاستطلاع الروسي بعد فترة هدوء نسبي خلال الأيام الماضية.

ويقول مراقبون إن هذه التحركات العسكرية تمهد للقيام بعملية عسكرية تسعى القوات السورية والروسية من خلالها السيطرة على طريق حلب حماة .

ويقول الخبير في الشأن السوري في مركز دراسات العالم العربي والإسلامي توماس بييريه "هناك خريطة جديدة. النظام يستعيد كل شيء تقريباً، فيما تسيطر تركيا على أجزاء قرب الحدود".

وبدلاً من المعارك، قد تتحول مناطق سيطرة الأكراد التي دخلتها قوات النظام، وفق بييريه، إلى "مركز خلفي لحرب عصابات ستطلقها وحدات حماية الشعب الكردية" ضد أنقرة التي تصنفها منظمة "إرهابية" وتعتبرها امتداداً لحزب العمال الكردستاني الذي يقود تمرداً ضدها منذ عقود.

وبالنتيجة، قد يتحول المقاتلون الأكراد، وفق قوله، إلى "قوات ضد تركيا" وهو سيناريو يصب في مصلحة روسيا التي "ستستخدمه للضغط على تركيا".