الأفغانيات متخوفات من اتفاق يكتم أصواتهن قبل صوت سلاح طالبان

نساء أفغانيات رائدات يتساءلن بشكل عميق عن المستقبل في البلاد في حال عودة حركة طالبان المتشددة للحكم مع اقتراب اتفاق السلام مع الولايات المتحدة.

كابول - يترك الاتفاق التاريخي المرتقب بين الولايات المتحدة وحركة طالبان مصير النساء الأفغانيات معلقا من دون تسوية، وقد تتعرض مكاسبهن الهشّة أساسا للتهديد بينما يسعى المتمردون الذين عرفوا بقمعهم إلى توسيع نفوذهم.

وأفغانستان التي يسودها نظام أبوي صارم، معروفة منذ عقود بأنها أسوأ الأماكن في العالم للنساء. ولكن بالنسبة لمجموعة صغيرة نسبيا، وخصوصا في مدن مثل كابول، توسعت الحريات الأساسية للنساء مثل التعليم والحق في العمل بعد سقوط نظام طالبان في العام 2001.

وتتخوف العديد من النساء الرائدات في أرجاء العاصمة الأفغانية بشكل عميق بشأن المستقبل في البلاد في حال عودة الحركة المتشددة للحكم.

وتدير ثريا باكزاد مجموعة لتمكين المرأة وتدير ملاجئ مختلفة ومراكز تعليمية وورش عمل تدريبية في جميع أرجاء أفغانستان.

وأشارت باكزاد إلى أن النساء الأفغانيات حققن تقدما هائلا في السنوات الـ17 الماضية، بما في ذلك في قطاعي السياسة والأعمال.

لكن بالنسبة لها، تشكّل الأشهر القادمة خطرا كبيرا. ومرة أخرى، فإن الرجال هم الذين يقررون مصير النساء.

وقالت باكزاد التي تعيش في كابول "لا نعرف ما الذي تفكر فيه طالبان بالنسبة لنا، لكننا نعرف أن طالبان لم تتغير"، مسترجعة الأيام التي كان فيها الجهاديون في السلطة وكثيرا ما رجموا نساء حتى الموت وحظروا ذهابهن إلى المدارس أو حتى ظهورهن في الأماكن العامة.

وقالت باكزاد (48 عاما) التي أدرجتها مجلة "التايم" في 2009 على لائحة االشخصيات الأكثر نفوذا في العالم إنّ "السلام جيد لإسكات صوت الأسلحة، لكن الخوف هو من اتفاق سيئ قد يسكت كل الأصوات".

اضطرت زهرة وهي فنانة ومصممة تبلغ من العمر 24 عاما واكتفت بإعطاء اسمها الأول، للتغلب على العديد من العقبات لتحقيق حلمها بالعمل في مجال الفن.

وتتذكر زهرة "عندما بدأت العمل كفنانة، عوضا عن تلقي التشجيع، أخبرني كثير من الناس أنها ليست مهنة جيدة خاصة بالنسبة لامرأة".

وقد كان الناس يخبرونها "لا يمكنك الحصول على دخل جيد من ممارسة الأعمال الفنية ونصحوني بأن أستقيل قبل فوات الأوان".

وقالت زهرة التي كانت طفلة عندما كانت طالبان في السلطة، إنه إذا عادت الحركة إلى كابول، فستفقد معظم النساء وظائفهن بسرعة.

وتابعت "نحن النساء كافحنا للحصول على حقوقنا ولا يمكننا تحمل خسارتها. أعتقد أن الحرب لن تنتهي حتى لو كان هناك اتفاق سلام".

وبالنسبة لزهرة، فقد تطورت وجهات نظر العديد من الأفغان حول حقوق المرأة منذ العام 2001، لكن ليس إلى حد يرى فيه الرجال أن للأفغانيات حقوقا متساوية.

وترأس هيدا عيسى زادة (23 عاما) "شبكة شباب أفغانستان" في بلد لا يتجاوز 62 بالمئة من سكانه سن الخامسة والعشرين.

وقالت عيسى زادة "نعمل كل يوم على إحداث التغيير في هذا المجتمع"، مؤكدة أنه "إذا لم تقبل طالبان بحقوقنا فلن نقبلها أيضا".

وأعربت عن شكوكها في قدرة طالبان على التكيف مع أرائهن. وقالت "إذا أصبحت طالبان جزءا من حكومتنا، فإن ما يقلقني هو أنهم لن يقبلوا بحقوق المرأة بشكل كامل كما ينبغي".

وتابعت "أنا قلقة حقا على مستقبلنا لأن الجيل الحالي، جيلي، مختلف تماما".

وتدير مرغوبة صافي (40 عاما) منذ 2016 شركة في كابول تصنع الصابون والمراهم التي يتم الحصول على العديد من مكوناتها من مزرعة عضوية.

وقالت "نحن سعداء بالسلام في بلدنا. إنه حلمنا الكبير ولكن لدينا مخاوف"، معربة عن شكوكها في أن تواصل النساء مثلها العمل إذا تصاعد تأثير طالبان.

وأضافت "أنا مسؤولة وحدي عن عائلتي بأكملها وعن أطفالي وعن منزلي".

وتوظف صافي حوالي عشرين امرأة معظمهن يتعافين من إدمان المخدرات، للمساعدة في إدارة مزرعتها. وقالت "إذا لم يسمح لي بمواصلة العمل فسيكشل ذلك انفجارا داخل عائلتي".

أما فوزية أمين فتمتلك صالون تجميل في كابول وتوظف حوالي 15 امرأة في طاقم عملها.

وهي تخشى أن تتعرض أعمالها للانهيار بسبب أي صعود في نفوذ طالبان التي سبق ومنعت النساء من مغادرة منازلهن وعاقبت النساء اللاتي قاومن ارتداء البرقع الذي يغطي كامل الجسد.

وقالت أمين "كل النساء في أفغانستان (...) خائفات حقا"، وتابعت "نحن منهكات للغاية الآن (لكن) عليّ أن أكافح" من أجل حقوقي.