
الأقصر للشعر العربي يطفئ شمعته الثامنة وسط حضور ابداعي حاشد
اختتم مهرجان الأقصر للشعر العربي فعاليات الدورة الثامنة التي أقيمت تحت رعاية الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، ونظمها بيت الشعر في الأقصر بالتعاون مع دائرة الثقافة في الشارقة، ووزارة الثقافة المصرية، وبمشاركة أكثر من 60 مبدعاً من شعراء وشاعرات مصريين وعرب.
أقيم حفل الختام في مكتبة مصر العامة في الأقصر، بحضور عبد الله بن محمد العويس رئيس دائرة الثقافة، ومحمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، ود. حمدي محمد حسين رئيس جامعة الأقصر، ود. محمد حساني، مدير المكتبة، إلى جانب عدد كبير من الشعراء والمثقفين والمهتمين بالشعر.
وشهد المهرجان، الذي أقيم على مدى 4 أيام، استضافة نخبة من الشعراء والأدباء والأكاديميين من 21 محافظة مصرية، إضافة إلى أكثر من 60 فناناً وفنانة من مصر ودول عربية في معرض للفنون التشكيلية صاحب المهرجان، وهو مشهد ثقافي مميز عمّق من مفهوم رسالة بيت الشعر في الأقصر في الانفتاح على جميع الآفاق.
وحَفِل اليوم الأخير من المهرجان بجلستين شعريتين مميزتين، بدأت الأولى على ضفاف نهر النيل؛ حيث عانقت القصيدة روح الطبيعة، فيما كانت الثانية في مكتبة مصر العامة على المسرح المكشوف على الطريق الأثري الكباش؛ حيث امتزج الشعر بجذور المكان الأثري التاريخي.
ندوة اليوم الثاني من المهرجان جلسة نقدية بعنوان "بنية الخطاب الشعري في القصيدة العربية الحديثة"، وتحدث فيها كل من د.أشرف عطية، ود. محمد عبدالباسط عيد، وأدارها د. محمد أبو الفضل بدران.
كما صاحب فعاليات اليوم الثاني من المهرجان، افتتاح معرض ملتقى الأقصر للفنون التشكيلية، بالتعاون مع كلية الفنون الجميلة بالأقصر، ونقابة الفنانين التشكيليين بمصر.
وضم المعرض أكثر من 65 عملاً فنياً لأكثر من 60 فناناً وفنانة من مصر ودول عربية عدة، مثل الفنانة الإماراتية نجاة مكّي، واللبنانية منى نحلة، والعُمانية فخرية اليحيائية، والكويتية منى مبارك، والسعودية نجوى رشيد، إضافة إلى أعمال فنية أنجزها مجموعة من طلاب وطالبات من الكلية.
واستمدت اللوحات أفكارها من البيئة المصرية القديمة، وانطلقت إلى عوالم فنية واسعة، وبرزت في الأعمال العديد من المواد الخام كالألوان الزيتية، والطباعة، والموازييك.
وأعقب افتتاح المعرض، أمسية لكل من: إيهاب عبدالسلام، وجمال الشاعر، وعبدالرحمن الطويل، وعمرو البطا، وجيهان بركات، وعبدالنبي عبادي، وفارس خضر.
في ثالث أيام المهرجان حفلت فعاليات مهرجان الأقصر للشعر العربي بتوقيع دواوين شعرية متنوعة لستة مبدعين، وهم: عبدالله عبدالصبور "راكب دون تذكرة" من محافظة أسوان، وعبدالنبي عبادي "شيئاً فشيئا" من محافظة قنا، ومحمود أحمد عبد الله "صفحة من كتاب الأماني" من محافظة الفيوم، ويوسف عابد "مرآة لمراوغة البحر" من شمال سيناء، ويونس أبو سبع "ضبابٌ يا أبي" من محافظة الإسكندرية، والراحل عبدالله الشوربجي "الغريب" من محافظة المنيا، وقد تسلّم ذويه كتابه الصادر.
يشار إلى أن الدواوين الستة التي جرى اختيارها للطبع، دخلت في مسابقة شعرية أعلن عنها بيت الشعر سابقاً، وقد شهدت الدورة الحالية مشاركة أكثر من 70 شاعراً للمسابقة، فيما تم اختيار الشعراء المحتفى بهم، ليكون عدد الإصدارات التي عرفت النور منذ عام 2015 (سنة تأسيس البيت)، حتى اليوم هي 36 كتاباً تم إصدارها من دائرة الثقافة في الشارقة.
وقدّم بيت الشعر للجمهور كتاب "فيوضات نقدية"، وهو نتاج ملتقى الأقصر لنقد الشعر، وحاضر فيه 11 ناقداً وأكاديمياً، قدّموا بحوثاً ناقشت الدواوين التي أصدرها بيت الشعر في الأقصر.

وتضمن اليوم الثالث أيضاً أمسية شعرية قرأ فيها: جمال عطا، وجمال عدوي، ومحمد هشام، وعزت الطيري، ويونس أبوسبع.
في مبادرة ثقافية لافتة، تسهم في توسيع آفاق القراءة، عزّز بيت الشعر في الأقصر من فرصة تأسيس مكتبات لروّاد البيت؛ وذلك من خلال اقتناء الجمهور لعدد من الإصدارات التي يوفّرها البيت، إضافة إلى المجلات التي تصدر عن دائرة الثقافة في الشارقة، ليكون نصيب القارئ الواحد في كل زيارة هو كتاب ومجلة.
وتتنوّع عناوين الإصدارات المتوفرة في مكتبة بيت الشعر بين الشعر، والرواية، والقصة القصيرة، والنقد الأدبي، وأدب الطفل، والمسرح، وغيرها من الكتب التي تجذب ذائقة القارئ والمهتم بالأدب العربي.
وثمّن شعراء مشاركون في المهرجان الدور الثقافي الفاعل للشارقة على مستوى مصر والوطن العربي، مؤكدين أن بيوت الشعر أصبحت فكرة مركزية الثقافة العربية، معتبرين في الوقت نفسه أن دور الشارقة لا يقتصر على الشّعر والشّعراء فقط؛ بل يمتد إلى المشهد السردي؛ بدعمها للمسرح والقصة القصيرة والرواية وأدب الطفل، والفنون الجميلة، مؤكدين أن بيت الشعر في الأقصر، الذي يعد نتاج مشروع الشارقة الثقافي، أصبح مشغلاً للإبداع والتجديد لا ينفكّ عن دفع الشباب إلى إعلاء قيمة الكلمة في موازين الجمال.
وقال الشاعر عبدالنبي عبادي ان "الشّارقة هي العامل المُحفّز الأساسي في مُعادلة الإبداع العربي، وهي مُعادلة تُوازن بين تقديم منتج إبداعي مُتجاوز ومُتجاور مع روح العصر من دون الابتعاد عن تراثِنا".
ويرى الشاعر يونس أبو سبع أن الشارقة بدورها الثقافي المؤسسي الكبير إنما ترفع راية الإبداع وسط نطاق واسع هي الأكثر نشاطاً وانتشاراً فيه من خلال بث طاقاتها واستقطاب المواهب المختلفة وتحفيزها، معتبراً إنشاء بيوت الشعر حول الوطن العربي حاضنة كبيرة للمبدعين العرب.
وقالت الشاعرة جيهان بركات "دور إمارة الشارقة فارق في الثقافة العربية، بما تقدمه من إنجازات وفعاليات تثري المشهد الثقافي العربي؛ وذلك عبر تنظيم لقاءات تضم المبدعين من أنحاء الوطن العربي كافة؛ بما يفعّل الحراك الثقافي، ويساعد في إطلاع المبدعين على تجارب بعضهم".
ووصف الشاعر عبدالله عبدالصبور الشارقة بأنها "مصباح يضيء للمبدعين العرب، تمسكه يد حكيمة ورائدة، يد حاكم الشارقة، حارس الثقافة العربية والإسلامية".
ومن واقع تجربته الشخصية، يرى الشاعر جعفر حمدي أن الشارقة منحته شهادة ميلاد حقيقية له ولتجربته الشعرية الوليدة من خلال جائزة الشارقة للإبداع العربي، مضيفاً "ومن وقتها وكل الأبواب مفتوحة أمامي بفضل هذه الخطوة، الشارقة التي تحتوي على التنوع وتشمل القطر العربي كله تقدم للأدب العربي ما يليق به من تحقق وانتشار".